في الأول من شهر نيسان الماضي جرى نقاش في مدينة »سان فرانسيسكو« حول ذلك قبل اليوم الضريبي بحوالى أسبوعين,ذلك أن إسرائيل حصلت خلال ستين عاماً من وجودها من مال دافع الضريبة الأميركي أكثر من أي دولة أخرى على وجه الأرض,ففي فترات الركود الاقتصادي,وفي الوقت الذي يفقد فيه الأميركيون وظائفهم,وتوضع اليد على عقاراتهم,وتختصر ميزانيات المدارس,وتتعثر المشاريع وأعمال الخدمات العامة ,كان الكونغرس يمنح إسرائيل الأموال الطائلة من الضرائب الأمريكية المدفوعة لتصل أحياناً إلى /7/ملايين دولار يومياً..!
إذاً هذه الأموال التي يدفعها المواطن الأميركي من قوته لإسرائيل كان يمكن أن تستخدم بشكل أفضل في ضوء الواقع الحالي لاستخدامها وصرفها والذي يتنافى مع القيم الأميركية.
بداية إنّ تاريخ إسرائيل يؤكد أنها أنشئت على أثر عملية تطهير عرقي واسعة النطاق وقاسية في الوقت نفسه,فبين عامي 1947و1949 طرد بشكل وحشي ثلاثة أرباع مليون فلسطيني من أرض أجدادهم التي كانوا يشكلون 95% من سكانها وذلك بهدف تحويلها إلى دولة يهودية.وقد ارتكبت 33 مجزرة,ودمرت /500/قرية تدميراً تاماً لمحو كل أثر للتاريخ والثقافة الفلسطينيين,وفي الحقيقة فإن هوية إسرائيل تقوم على التفرقة العنصرية والدينية ووممارسة العنف ضد الفلسطينيين,وحتى ضد الدول التي سمحت لهم باللجوء إليها.
ثانياً:استخدمت إسرائيل المساعدات العسكرية في حروبها ضد العرب,كما أنها خالفت قانون تصدير السلاح,حيث قتلت إسرائيل بالسلاح الأميركي/17,000/في غزوها للبنان عام 1982 وأكثر من /1000/نسمة في حربها الثانية على لبنان صيف عام ,2006وكان معظم هؤلاء القتلى من المدنيين ,كما استخدمت خلال ذلك القنابل العنقودية الأميركية الصنع متحدية القوانين الأميركية,ومسببة »حسب رواية طبيبة أميركية« أبشع أنواع الأذى التي رأتها في حياتها,إذ نتج عن ذلك عام 1982 وفي يوم واحد فقط بتر أكثر من ألف طرف معطوب..!
واستخدمت إسرائيل المساعدات العسكرية في مصادرتها للأراضي العربية في الضفة الغربية والجولان,وحسب ما قالته المنظمة العالمية للدفاع عن الأطفال ,انتكهت إسرائيل بشكل صارخ مبادىءحقوق الإنسان,وما بين عامي 1967و2003 دمرت أكثر من 10,000 منزل,ولا تزال تمارس هذا التدمير حتى يومنا هذا,وحالياً اعتبر ائتلاف لمجموعات بريطانية لحقوق الإنسان في تقرير صدر عنه أن حصار إسرائيل لغزة إنما هو عقاب جماعي لمليون ونصف المليون من البشر, محذراً من كارثة في هذا المجال.
وتستخدم إسرائيل المساعدات العسكرية الأميركية لتمويل صناعة أسلحة إسرائيلية تنافس الشركات الأميركية,وقد أشار تقرير لكلية الحرب العسكرية الأميركية إلى أن اسرائيل تستخدم 40% من مساعداتها العسكرية المخصصة ظاهرياً لشراء أسلحة أميركية,لشراء معدات إسرائيلية الصنع,كما حصلت على موافقة بأن تشتري وزارة الدفاع الأميركية معدات وأنظمة ثانوية اسرائيلية الصنع.
واستخدمت إسرائيل المساعدات الأميركية لقتل وإيذاء الفلسطينيين والنشطاء الأميركيين والدوليين والمستخدمين الأمريكيين ممن لا علاقة لهم بالعنف.
وقتل الجنود الإسرائيليون سحقاً بجرافة »كتربلر« الأمريكية الصنع/راشيل كوري/ناشطة السلام البالغة من العمر/22/عاماً وغيرها كثيرون.
وفي عام 1967 هاجمت إسرائيل سفينة أميركية ما أدى إلى قتل /34/جندياً من جنودها وجرح أكثر من /175/جندياً آخرين.
فهل مثل هذه الاستخدامات تتوافق مع القيم الأميركية الشخصية والقومية?بالتأكيد لا..
ثالثاً:إن استخدام المساعدات الأميركية العسكرية لإسرائيل يضر بمصالح وسمعة الولايات المتحدة,ويضر باقتصادها وحتى إنه يعرض الأمريكيين للخطر ,ولكن الحقيقة تشير إلى أن هذا الأمر كان متوقعاً حتى قبل إقامة إسرائيل.
وهنا نشير إلى ما قاله الرئيس الأميركي»هاري ترومان« في إطار رده على اعتراض الخبراء السياسيين والعسكريين على إقامة دولة صهيونية في فلسطين »آسف,أيها السادة,لكن عليّ أن استجيب لمئات الألوف الحريصين على نجاح الصهيونية,وليس في دائرتي الانتخابية مئات ألوف العرب«!
هذا وتعتم وسائل الإعلام الأميركية بانتظام على ما تقوم به اسرائيل,فالذي يزور منطقة الشرق الأوسط ويشهد بنفسه مستوى الوحشية الاسرائيلية التي تموهها الولايات المتحدة ,يبكي على ضحايا هذه الوحشية,وإذا كان معظم الأميركيين لا يعلمون كيف تستخدم إسرائيل الأموال الأميركية,فإن العالم بأسره يعلم علم اليقين أن الأمريكيين هم من يمولون الجرائم الإسرائيلية:باختصار,لقد قوّضت المساعدات الأميركية لإسرائيل استقرار الشرق الأوسط,ودعمت نظام دولة قائماً على التفرقة العنصرية والدينية,وقوت عدواناً لا ضابط له أصاب في بعض الأحيان الأميركيين أنفسهم,وتولت صناعات حربية تنافس الشركات الأميركية.إن المساعدات الأميركية لإسرائيل بهذا التمويل الضخم تقوي نزعة الاستعلاء لدى الإسرائيليين الذين يؤمنون بحملات لا تنتهي من التنظيف العرقي,وقد حان الوقت لإعادة النظر في هذه المساعدات وإيقافها..