وثمة شرط أساسي آخر يجب تحقيقه,وهو الاعتراف الصريح والواضح من قبل جميع الدول العربية بشرعية (اسرائيل كدولة في الشرق الأوسط ).لكن السؤال القائم هل ستعترف منظمة-حماس-بشرعية اسرائيل?هذا أمر مشكوك فيه,فإدارة بوش الحالية لا تزال متفائلة بالوصول إلى صفقة اسرائيلية-فلسطينية بنهاية عام .2008هذا التفاؤل جعل الرئيس بوش يزور المنطقة من جديد ما بين 13-إلى 18 من الشهر الحالي لتحقيق تسوية بين الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي,لكن العقبات التي تواجه الرئيس بوش عديدة.فمنها مثلاً :لا الرئيس الفلسطيني محمود عباس,ولا رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت لديهما النفوذ السياسي الكامل لإقناع شعبيهما بتقديم تنازلات لتحقيق السلام,فرئيس الوزراء الاسرائيلي أولمرت يواجه معارضة قوية وشرسة لتقديم أي تنازلات من حركة الاستيطان القوية التي تشمل نواة صلبة من المستوطنين المتشددين الذين يعتنقون مبادىء وأفكاراً توارتية تقول : إن إخلاء أي مستوطنة في الضفة الغربية بمثابة خيانة ضد الشعب اليهودي.
أما التحدي الذي يواجهه عباس فهو أكبر وأشد من التحدي الذي يعاني منه أولمرت ولا سيما بعد أن ضعفت سلطته وتراجع نفوذه إلى حد كبير بعد إبعاد حركة-فتح-من قطاع غزة العام الماضي بعد مواجهة عسكرية مع جناح -حماس-العسكري,وما يفاقم من صعوبة الوضع أن -حماس-ليست في نهاية المطاف على استعداد للقبول بشرعية وجود اسرائيل ضمن حدود عام .1967وغير معروف فيما إذا كانت ستبقى ملتزمة بالفرضية القائلة بحتمية إزالة اسرائيل من الوجود وعودة اللاجئين الفلسطينيين الذين شردوا وطردوا من أراضيهم بعد قيام (اسرائيل).
وقد تبدى الموقف الذي ستتخذه -حماس-في نهاية المطاف بأجلى صوره خلال الأسبوع الثالث من شهر نيسان الماضي عندما زار جيمي كارتر,الرئيس الأمريكي الأسبق المنطقة والتقى العديد من قادة-حماس-في القاهرة ورام الله ودمشق,ولم يتمكن -كارتر-في تلك اللقاءات من الحصول على أي اعتراف من أي قائد من هؤلاء القادة بأن لديه الرغبة بحق اسرائيل في الوجود.
ويمكن القول :إن مهمة كارتر لم تحقق أي مردود إيجابي,بل تعرضت للكثير من النقد الاسرائيلي والأمريكي.لكن كارتر رد على ذلك النقد قائلاً: إنه من غير الممكن تحقيق اختراق في مفاوضات السلام دون الدخول في حوار مع -حماس-وإن أي انتقاد لكارتر لا يزيد عن كونه نوعاً من النفاق, حيث كان معروفاً أن اسرائيل كانت تفاوض -حماس-طوال الوقت بوساطة مصرية.
إن رفض التعاون مع-حماس-كما تدعّي اسرائيل يعيد إلى الأذهان ما حصل في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي,عندما كانت الإدارات الأميركية المتعاقبة ومن ضمنها إدارة كارتر نفسه,ترفض التعامل مع ياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وحتى بعد أن اعترف عرفات بحق اسرائيل في الوجود في عام ,1988فإن اسرائيل لم تقبل الدخول بمفاوضات مباشرة معه,وحتى عندما اضطرت للتفاوض مع الفلسطينيين في مؤتمر مدريد عام ,1991فإنها فعلت ذلك مع الأردن الذي كان يمثلهم. الآن ثمة وجود فرصة لتحقيق بعض التقدم في العلاقات ما بين سورية واسرائيل.وبعد ذلك مع الفلسطينيين ,ولا سيما بعد أن عبر ايهود اولمرت عن رغبته بإجراء مباحثات مع الرئيس السوري بشار الأسد ,لكن الرئيس الأسد يرفض إجراء أي مباحثات سرية ويريدها علنية ولا شيء تحت الطاولة.واحتمال اجراء مباحثات بين الاسرائيليين والسوريين لم تشجع عليه واشنطن ,وهذا يعني أن الرئيس الامريكي القادم هو الذي سيأخذ على عاتقه عملية صنع السلام بين العرب واسرائيل .لكن أولوية الإدارة الاميركية لا تزال مركزة على العراق وعلى الارتفاع المتواصل في أسعار البترول.وهذا بالتأكيد سيكون تحدياً صعباً,ولا يوجد طريق لتجنب هذا التحدي,وقد تبقى الأزمة مستمرة وقائمة في الشرق الأوسط.