ومن خلال هذا السياق, ماذا يعني لنا الابارتيد? هل إقامة جدار فصل يعني الفصل الحقيقي? وهل الطرقات المنفصلة المخصص بعضها للمستوطنين اليهود والبعض الآخر مخصص للعرب, تفصلهم عن بعض? وأليست التجمعات الفلسطينية المحصورة بين المستوطنات اليهودية هي ( بانتوستانات)? وماذا نقول عن الحواجز الطرقية والتفتيش عند جميع المنعطفات, ورخصات وأذونات المرور عند حدوث أقل حدث تافه, والضم التعسفي والجائر للأراضي الفلسطينية, وكذلك الامتيازات الخاصة في استخدام المياه, واجور اليد الزهيدة التي يتم استغلالها إلى أقصى حدود, أليس هذا هو الأبارتيد ويقولون هي اجراءات امنية فرضتها ضرورات لابد منها.
وكذلك سكان جنوب إفريقيا البيض كان لهم مبرراتهم واسبابهم من أجل فرض سياسة الفصل فهم ايضا كانوا يشعرون بأنهم مهددودن, حيث كانوا يعتقدون أن الشيطان متربص بهم خلف الباب, وهم على استعداد لفعل أي شيء, من أ جل الدفاع عن أنفسهم , كما يزعمون ,ولكن ولسوء الحظ إن جميع الاسباب والمبررات الوجيهة للأبارتيد هي في صلبها سيئة تحمل الشر. ونظام الابارتيد دوما لديه أسبابه ولكن ليس لديه مايبرره, وما يرتكب تحت اسم الأبارتيد, يضطهد مثل الأبارتيد. وهذا ليس حلما, إنه الأبارتيد بعينه, وهذا ليس من شأنه حل مسألة الخوف, علما أن العالم كله مدرك أن الابارتيد لا محال سينتهي.
يبقى ثمة فرق جوهري بين جنوب إفريقيا و»اسرائيل« , حيث تسيطر في جنوب إفريقيا أقلية صغيرة على الاغلبية, أما هنا في اسرائيل فالشعبان متساويان, ولكن ترتسم في الافق اشارات عدم التوازن, وحينما يتحقق ذلك فإن المشروع الصهيوني سوف يحكم عليه بالفشل لأن التوازن الديمغرافي ليس في صالحنا.
إذا إن الاسباب التي تدعونا الى الهلع من كلمة بارتيد واضحة جلية, ولكن الذي يدعونا إلى الخوف مع ذلك ليس توصيف الواقع وإنما الواقع بحد ذاته, حتى إن ايهود اولمرت أدرك اخيرا أن استمرار الوضع على حاله هو نهاية ( الديمقراطية اليهودية).
والفلسطينيون ليست لديهم فرصة لأن يخرج من صفوفهم نيلسون مانديلا- كما الاسرائيلون ليس لديهم الفرصة ليكون عندهم فريدريك دوكليرك. وهذا لسوء حظ الجانبين.