وتقول :أشعر بالضيق عندما أجد زملائي أعمارهم 18-19 سنة ويعيشون في دوامة السؤال (كيف بدنا ندبر حالنا?)وإذا كان أهلنا ينقلون الينا قلقهم,رغم أن معيشتنا أفضل من أيام زمان ,فأنا أرى أن من يخلص لدراسته وتطوير نفسه,لن يكون خارج دائرة الفرص.حتى لو كان في مستوى معيشي محدود أو من الفقراء.وأرم واحدة من مئات آلاف من الأجيال الجديدة من الجامعيين السوريين ,الذين نقول عنهم كان الله في عونهم ,فرغم الأيام الصعبة التي عشناها والتقشف الذي رافقنا حتى أنهينا دراستنا,كنا سعداء,ولعل أحد أسباب سعادتنا أننا مطمئنون ونعرف أن هناك وظيفة في انتظارنا تفرحنا وتفرح أهلنا معنا.
وقد زاد أعداد الطلاب المسجلين في الجامعات السورية بأنواعها المختلفة,من عام ومفتوح ومواز,فقد وصل عدد الطلاب المسجلين في التعليم المفتوح إلى 90 الف طالب حتى بداية عام ,2006ووصل عددطلاب التعليم الخاص إلى 7آلاف طالب,والتعليم الافتراضي إلى مايقارب 1200طالب,في حين أن التعليم العالي العام بقي محتفظاً ب245 ألف طالب,يضاف إليهم 55 ألف طالب من طلاب المعاهد المتوسطة التابعة لوزارة التعليم العالي وللوزارات الأخرى ,ولم تقل مع بداية العام الحالي,ويرى محمد طالب سنة ثالثة علوم سياسية في هذه الأعداد الكبيرة سبباً لصحة المقارنة بأن جيلنا أسعد أو أكثر حظاً,وخاصة بالنسبة للفقراء منا,فنحن كما يقول لي استفدنا,لأن أعداد الطلاب كانت أقل والوظائف متوافرة,ومع ذلك المزيد من الاجتهاد والمثابرة يفتح الفرص,فأحد الزملاء بعد التخرج مباشرة ونتيجة لتفوقه يصمم محاضرات للكلية نفسها,ومع ذلك ان متعة المرحلة الجامعية والزمالة تخبو في أحيان كثيرة,عندما يدور بينناحديث الصعوبات وخاصة قلة فرص العمل,والطرق الملتوية والمحسوبية للحصول على الوظيفة وخاصة الحكومية منها,والتأسيس لعمل خاص ليس سهلاً فأغلب الطلاب فقراء ولايملكون رأسمال ,وحتى إن وجد كقرض فكميته قليلة,ولاتكفي لأن كشكاً صغيراً يحتاج لمبلغ لايسهل تأمينه لملئه بالبضائع.
وبينما تنتشر أرقام تقول: إن نسبة البطالة في سورية 11,1 ,تقول أرقام أخرى :إن نسبة العاطلين عن العمل في سورية ارتفعت من 4,8% من القوة العاملة عام 1981 إلى 8,1% عام ,2006كما أن هناك 35% من خريجي الجامعات يعملون في مجالات لاتتوافق مع تخصصاتهم الفعلية.ويشير تقرير عرض في احدى ورشات العمل نهاية 2007 إلى أن هناك تقارباً في نسبة العاطلين عن العمل بين الذكور والإناث حيث شكل الذكور 55% من العاملين في القطاع الصناعي والقطاع الخاص غير المنظم.ولم تسهم المشاريع الصناعية الجديدة التي ينفذها القطاع الخاص إلا بتشغيل 36 ألفاً,كما أن ضخامة حجم القطاع الاقتصادي الذي يمثل 42% من المشتغلين يؤثر كثيراً على حجم العمالة والبطالة,إذ يبلغ فائض العمالة في الاقتصاد الوطني حوالي 500ألف,منها 100 ألف في شركات القطاع العام و225 ألفاً في الإدارة الحكومية و175 ألفاً في القطاع الخاص,وهذا له دلالاته ومؤشراته الاقتصادية والاجتماعية.
محظوظون .....ربما
يقول عبادة ابراهيم طالب سنة أولى حقوق: ربما نحن محظوظون كما تقولين للانفتاح الذي نعيشه,ولوصولنا إلى هذه المرحلة من التعليم في هذه الظروف الصعبة.لكنني أشعر بالحرج من أهلي لارتفاع تكاليف دراستي, وإن كان الكثير من أصدقائي يعملون في العطل لتأمين مصروفهم,لكن حديثنا من السنة الأولى هو:ماذا بعد التخرج?لأن زملاءنا يقولون إن الأستذة صعبة ومكلفة ,وحتى بعد أن نفتح مكتباً,لن يزداد دخلنا إلا بعد سنوات طويلة.ويسمع خريجو الحقوق من أصحاب العمل والمديرين دائماً عبارة:أي تحت الشباك في أقل من 50 خريج حقوق في الانتظار.
إن مخاوف عبادة وزملائه من بقية الكليات تؤكدها التقارير المحلية والدولية,حيث أكد تقرير »تقدم وتحديات« الصادر أخيراً عن الأمم المتحدة ,للعام 2007 ,حول شباب العالم.
إن هذا الجيل هو الأكثر تعليماً,لكن تواجهه الكثير من التحديات,معتمداً على »جدلية« العلاقة بين التعليم والشباب.في إشارة إلى أنها علاقة »تقدمية« بمعنى أن التعليم في خدمة الشباب ,وتلبية احتياجاتهم وطموحاتهم حاضراً ومستقبلاً.
وينوه التقرير ,لأول مرة ,بما حققه شباب العالم من أرقام قياسية عالمية في مستوياتهم التعليمية .ومن ناحية أخرى يخص الدول المعنية بشؤونهم على استثمار هذا الرصيد التاريخي بما يخدم مشروعات النهوض والتنمية والتقدم,مشيراً إلى أن هذه الطموحات مازالت تواجه بتحديات ومعوقات كبيرة تأمل الأمم المتحدة بتذليل القسم الأكبر منها بحلول العام .2020
ويشير التقرير إلى أن الشباب,الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و24 سنة يشكلون أكثر من 18 في المئة من مجموع سكان العالم,ومن بينهم أكثر من بليون شاب يعيشون في البلدان النامية,أي بلداننا وإذا لم يتم التعاطي مع قضاياهم بجدية,فإن المعادلة قد تنقلب,من إطارها التفاؤلي إلى مسار مأسوي,فيستحيل التعليم عليهم وتنكسر أحلامهم ,وتذوي جذوة الأمل في نفوسهم ,وتنتابهم هواجس القلق والضياع والتهميش فضلاً عما يرافقها من بؤس وشقاء وحاجة وفقر وبطالة.
وبحسب »تقدم وتحديات« فإن العالم العربي هو المنطقة الوحيدة التي تشهد أعلى معدلات البطالة ,إذ لاتتعدى نسبة العمالة في أوساط الشباب العرب ال29,7 في المئة ,أي بمعدل عامل واحد مقابل ثلاثة بلا عمل.ويوضح التقرير أن »ثلث اليد العاملة العربية الشابة,هي الأقل كفاءة في المقياس العالمي بما فيها اليد العاملة النسائية التي تشكل 25,1 في المئة من حجم العمالة العربية«.
ويطرح التقرير تساؤلاً عما ستؤول إليه هذه الشريحة من الشباب حين تبلغ أواسط العمر?مطالباً حكومات الدول العربية بتهيئة حوالي 100 مليون فرصة عمل بحلول العام .2020