هاتان النظريتان اللتان انقسمت آراء علماء الفيزياء والجيولوجيا بشأنهما قد يترجمان وجود الحمض الريبي النووي DNA للبكتيريا المسؤولة عن ذلك.
لعلها قصة مدهشة ترويها أبحاث مهندسي المعلوماتية الحيوية وعلماء الجراثيم الأمريكيين وقد نشرت أحداثها في مجلة (الطبيعة).
إن نتاج أبحاثهم التي تمنح أهمية لدرجة الحرارة التي تعيش في وسطها البكتريات الأولى تثبت في الواقع وبطريقة مدهشة النتائج التي حصل عليها الباحثان الفرنسيان فرانسوا وروبرت في دراسة جغرافية كيميائية القشرة الأرضية وقد نشرت منذ سنة تقريبا في مجلة(الطبيعة).
قام الباحثان المذكوران من متحف التاريخ الطبيعي في معهد البحث الوطني ومارك شوسيدون من مركز البحث بعلم الصخور وهندسة البتروكيمياء بتحليل عنصري الأوكسجين والسيليسيوم المتوفرات في الأنهار الجليدية الغابرة وخلصوا الى وجود محيط بدائي شديد الحرارة وشاهدوا أن درجة حرارة المحيط تقلصت الى ما دون 50 درجة مئوية قبل 3,5 مليارات و 550 مليون سنة, ودعمت تلك النتائج نظرية صورها علماء الجيولوجيا الأمريكان بداية عام 1970 ولكن هذه الفرضية التي تقول إنه كان يمكن للمحيطات أن تكون ساخنة في عصور حيث تصل الشمس الى درجة نشاط أقل من 30% من اليوم قد أثارت النقاش الطويل . ثمة نظرية أخرى تقول إن الأرض (كرة ثلج) ومغطاة منذ 700 مليون سنة وفي مرات عديدة من القطب وحتى خط الاستواء بقنة ثلج أو جليد مقببة في عدد من الجبال.
ما الموقف الذي اتخذه علماء الأحياء بخصوص هذا الجدل القائم بين المتخصصين بدراسة جغرافيا كيميائية قشرة الكرة الأرضية.
إيريك غوتش وزملاؤه المشاركون درسوا بروتينا متوافرا عند جميع الكائنات الحية, هذا البروتين أو الجزيء الضروري لوظيفة الخلايا يتكون بشكل كبير في وسط تنمو فيه العضويات التي تكونه , فمثلا بكتيريا فرط ارتفاع درجة الحرارة (أي المعززة في وسط مرتفع الحرارة) سوف تركب نسخة من ال DEF -tu ثابتة في حرارة مرتفعة كما عمد الباحثون الى تحليل طيف واسع من العضويات البحرية الصغيرة الموجودة حاليا. فبفضل أدوات المعلوماتية الحيوية سيصار الى إعادة بناء جينوم الأسلاف لهذه الميكروبات بشكل جزئي, وعمدوا أيضا الى تحليل بعض جينات الذئب و القيوط( ذئب أمريكي صغير) والكلب, فتوصلوا الى معرفة جينات أسلافها المشتركة. وذلك بتأريخ وجود هذه الأخيرة.
وفي شجرة الأنسال هذه اهتم إيريك غوتش وزملاؤه بتنمية الجين المسؤول عن صفة النسخة DEF-tu , وهكذا استطاعوا أن يحيوا في المختبر النسخ الأكثر قدما لهذا البروتين الشامل والعام.
فما الذي اكتشفوه? اكتشفوا أن نسخة البروتين هذه ثابتة منذ نحو 3,5 ات مليار سنة في درجة حرارة قريبة من 70 درجة مئوية وأن هذه النسخة بدأت بالتناقص في درجة حرارة مئوية تصل الى 40 منذ نحو 800 مليون سنة.
هذه النتائج أتت متطابقة مع ما قام به العالمان الفرنسيان في جغرافيا كيميائية القشرة الأرضية وهي بحق نتائج مثيرة.
يبقى أن ندرك كيف يمكن للأرض, في مثل هذا السياق, أن تمر بدورة أو دورات بعهد أو عهود جليدية عديدة كاملة.
وبمعنى آخر كيف لها بهذا الشكل (كرة ثلج) أن تدوم و تستمر في البقاء.