والحروب التي بدأتها واشنطن مع نهاية العالم الثنائي القطب وسقوط الاتحاد السوفييتي لم تتوقف حتى الآن وانطلقت بالوكالة أو بنصف الوكالة، وتمخضت فيما بعد عن تدمير دول عديدة. وسجلت بدية الحروب الأميركية الجديدة بداية عصر هيمنت عليه الولايات المتحدة وحدها، ولكن هذه الهيمنة انتهت الآن مع عودة روسيا على الساحة الدولية. وبعد عقود من الحرب المستمرة، يبدو أن هيمنة الولايات الهادفة إلى تقويض شعوب المنطقة ودولهم بدأت بالتقهقر.
بعد عقدين من الدمار الهائل من قبل الولايات المتحدة المتطلعة للهيمنة من خلال الاستفادة من الفوضى التي زرعتها، هناك مشيخات عربية تلعب دور الموظف لدى واشنطن وتحرض عبر التصريحات الإعلامية المنافقة والفتنوية أي «لإخوان المسلمين ورجال الدين في السعودية» على التنافس بين المذاهب لإخفاء دورهم الذي يلعبونه من أجل ترسيخ وجود الطغمة الأمريكية الصهيونية في العالم.
وإذ تبحث الولايات المتحدة عن غايات لها في حلفائها وشركائها، لدعم العدوان الأمريكي في سورية والعراق، لزيادة مساهمتهم حيث تتوقع واشنطن منهم مساهمة عسكرية قوية وتعزيز الدعاية مع تقديم إغراءات بالمنافع الاقتصادية التي سيجنونها عند تخريب مؤسسات الدول في الشرق الأوسط وشمال افريقيا. فإن الرياح قد تحولت بعد عودة روسيا إلى الساحة الدولية وهذه الرياح ستضرب في طريقها الذين أشعلوا الحروب الهمجية والذين دعوا لتجنيد دواعش آخرين للحرب ضد روسيا كما ضد سورية وجيشها الذي قاوم ببسالة العدوان الدولي المتنكر في زي الإرهاب المحلي، سورية التي لم تتوقف أبدا عن حماية جميع مكونات الشعب السوري على حساب عشرات الآلاف الشهداء في جيشها العقائدي، سورية التي هي حلقة الوصل الرئيسية في المحور الذي يمتد من طهران إلى حزب الله في لبنان عبر العراق في مواجهة المشاريع الصهيو أميركية وانغماسها في الأحلام.
ومن بين الذين أشعلوا الحروب الهمجية الرئيس التركي أردوغان ممثل الإخوان المسلمين في المنطقة والذي بذريعة فرض استتباب الأمن على الحدود في جنوب تركيا يريد تشكيل ميليشيات تركية بذريعة تكليفها بمهمة حماية الحدود بعد الفشل في إنشاء منطقة عازلة في الأراضي السورية. والذي شجع نظام أردوغان هو تنسيق اميركي مع الجماعات الإرهابية التي تشترك في الأهداف مع واشنطن، ما يدحض ما قاله أشتون كارتر وزير الدفاع الاميركي بوجود أهداف جديدة للقوات الجوية لمواجهة تدفق الأسلحة والإرهابيين في الرقة. كارتر لم يستيقظ من حلم إسقاط الدولة السورية ولا يزال يزعم أن بلاده على الجانب الصح في المعركة داعياً روسيا وإيران إلى التوقف عن دعم الدولة السورية، ونسي أن بلاده هي المحرض الرئيسي على التطرف والإرهاب في سورية.