لاريب بأن هذا الاتفاق قد ألحق خسارة بمليارات الدولارات في البورصة السعودية ودول الخليج وذلك بعودة الجمهورية الإسلامية إلى سوق النفط العالمية الأمر الذي قاد إلى انخفاض في أسعار النفط ورتب أعباء ثقيلة على المملكة السعودية حدت بها إلى اتخاذ اجراءات غير مسبوقة.
ثمة مخاوف وهواجس تكتنف السعودية من أن تتمكن إيران بعد تدفق عائدات مالية إضافية لها من تكثيف انشطتها في الشرق الأوسط غير المستقر والذي يعاني من أعمال العنف الجارية في هذه الحقبة من الزمن، عبر عنها وزير الخارجية السعودية عادل الجبير بقوله بأن: جميع دول العالم قلقة من هذه المسألة، لأن سجل إيران الماثل في أذهاننا جميعا مليء بالحروب والدمار وإشاعة الفوضى والتدخل في شؤون الآخرين. وعبر عن اعتقاده بأن الجميع يأملون ألا تستخدم إيران الاموال التي سيتم الإفراج عنها قريبا في تمويل أعمال من شأنها زعزعة استقرار الدول المجاورة، وأن تعمل فقط على استغلال هذه الأموال في تحسين الظروف المعيشية لمواطنيها.
قبل رفع العقوبات كان هناك حدث دراماتيكي أكد على عمق العداء المتبادل بين الرياض وطهران ظهر بجلاء عندما أعدمت الحكومة السعودية رجل الدين نمر النمر، الأمر الذي أدانته إيران ومنظمات حقوق الإنسان الغربية باعتباره قتلاً لمعارض سياسي لكن السعودية دافعت عما ارتكبته باعتباره عقوبة مشروعة وفقا لما ينص عليه القانون السعودي. إلا أنه عندما اقتحمت السفارة السعودية في طهران، مع انذارات إيرانية بالعقاب الإلهي، عمد السعوديون إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، في الصيف الماضي حصلت كارثة الحج، قتل بها مئات الحجاج الإيرانيين في تدافع جرى في مكة، ما أدى إلى تدهور جديد في العلاقة بين البلدين. لكن العداء له أسباب ودوافع أخرى ذلك لأن إيران تقدم الدعم لحزب الله، ولسورية وللحكومة في بغداد .
ثمة تناقض استراتيجي بين دولتين ذات سيادة، حيث تمتد جذوره بين العرب والفرس إلى قرون عدة وينظر إلى هذا التناقض ببعد طائفي باعتباره أحد نتائج ذلك العداء المستحكم.
إننا نرى بأن كلا من البلدين يبحث عن مصالحه الذاتية وقد قال في هذا السياق مراقب خارجي «تحدث السعوديون عن السوريين الذين يتعرضون للجوع لكننا نجدهم بذات الوقت لا يكترثون أو يعطون أي اهتمام بأولئك اليمنيين الفقراء الذين يتضورون جوعا»
قوبلت الحماسة الدولية لجهة رفع العقوبات عن إيران بالاستهجان والامتعاض من قبل السعوديين لعدم التعرض للقضايا غير النووية وعدم تناول الصفقة لأمور أخرى مثل الدور الذي يلعبه الحرس الثوري الإيراني مدعين أن كل ما تملكه السعودية من ثروات لا يمثل إلا النزر اليسير إذا ما قيس بالقدرات السرية المتطورة للجمهورية الإيرانية.
يرى وزير خارجية السعودية الجبير بأن على إيران أن تتخذ قرارها فيما إذا كانت ترغب بأن تكون دولة لها وجودها في المجتمع أم تفضل بأن تبقى ثورة. وللتذكير فأن الثورة الإسلامية قد قامت في إيران عام 1979 محدثة تحولا كبيرا في منطقة الشرق الأوسط برمته. لكن في الغرب ثمة تصور بأن إيران قد انتقلت في هذه المرحلة في مجتمع ما بعد الثورة واخذت تسعى للتطبيع والاعتدال في الداخل والخارج على الرغم من كون المرشد الأعلى الديني هو الحاكم الرئيس لها، لكن السعوديين يرفضون رفضا باتا الاقرار بحدوث هذا التغيير.
وعلى غرار إسرائيل، فإن السعودية تخشى أيضا من مرحلة ما بعد رفع العقوبات وما يمكن أن تتبعه إيران من سياسات في المنطقة قد تتمكن من تنفيذها دون أن تجابهها عقبات أو معوقات تحول دون التنفيذ. لكن بتقديرنا بأن ثمة مبالغة كبيرة في الحديث عن المخاطر التي تشكلها إيران على المنطقة.