تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فيتامين «و» وأثره في حياة الشباب؟!

شباب
2012/4/9
غيث الأحمد / دير الزور

تتزايد تدريجياً أعداد الشباب ممن يلجؤون إلى السفر للعمل في دول أخرى وذلك قد يكون إرضاء لطموح يضعونه في مخيلتهم في السفر وتحصيل عائد

مادي عال أو تنمية مهاراتهم أو شخصيتهم إلا أن جزءاً كبيراً يلجأ للسفر إيماناً منه أنه لن يحصل على عمل مناسب أو حتى غير مناسب لمؤهلاته إلا "بدفشة صغيرة" أو واسطة توصله إلى وظيفة يقتات منها وتضمن جعل كرسيه الدائم في المقهى شاغراً.‏

تعددت تسميات من التقيناهم لأخذ آرائهم حول الواسطة فمنهم من سماها فيتامين "و" أو فيتامين الحياة وآخرون سموها "الظهر القوي" أو "الدفشة"... تعددت التسميات والموضوع واحد:‏

يقول مروان المحمدي إن الواسطة موجودة وبشكل كبير جداً في مجتمعنا وهي تهدر مبدأ تكافؤ الفرص الذي يكفله القانون في الحصول على الحقوق والخدمات وتفقد على سبيل المثال الثقة في مسابقات التوظيف، حتى إن الكثيرين يتذمرون من الشروط التي تعلن عنها بعض الشركات الخاصة لتولي بعض الوظائف فيها، حيث تبدو عدم تطابقها مع المؤهلين، مؤكداً أنها تصيب المجتهدين بالإحباط فمن لا واسطة له يصعب عليه الحصول على وظيفة مهما كانت مؤهلاته حتى أصبحوا يطلقون عليها اسم فيتامين (و) تذمراً وذلك لأهميتها.‏

أما شريف سعد فيرى أن قضية الواسطة أصبحت قضية شائكة للغاية ومتداخلة الأطراف، وأصبحت فيروساً خطيراً يضرب في جذور المجتمع وأعماقه بكل وحشية ويترتب على ظهورها عدم وجود تكافؤ في الفرص وموت الضمائر وضياع الحقوق بين الناس، مؤكداً أنها تعلي من مبدأ البقاء للأقوى فقط وليس للأصلح فمن لديه أشخاص لديهم قوة المكانة والثقل يستند عليهم يستطيع العمل في أي مكان بغض النظر عن مؤهلاته وكفاءته.‏

لونا الرابح تحمل إجازة في الاقتصاد تقول إن الواسطة لها تأثير سلبي كبير على هدر كفاءات الشباب حيث تعد الواسطة من أهم أسباب هجرة العديد من الكفاءات الوطنية إلى الخارج بحثاً عن العمل المناسب الذين يرغبون فيه والتهرب من الواسطة التي هي مفروضة عليهم وتضيف لونا أن الوطن لا ينهض إلا بأبنائه المتعلمين المخلصين كما أن الواسطة هي الخطوة الأولى على سلم الرشوة وانتشار الفساد الإداري، وقد اتسع نطاقها في الوقت الحاضر في عموم المؤسسات.‏

مصعب السيد طه طالب جامعي يقول إن المحسوبية أو الواسطة صارت منذ سنين طويلة بعبعاً يخيف شريحة الشباب خاصة الخريجين مما جعلهم محبطين مثبطين دون عمل ويجلسون أمام المقاهي وفي الشوارع.‏

من جانبها وصفت طالبة الدراسات العليا فرح الرجا الواسطة بـأنها أصبحت جزءاً من "الثقافة المجتمعية"، وقالت إنها تعتقد أن الواسطة كانت تستخدم في السابق في الأوقات الحرجة أو عند الضرورة، أما اليوم فقد أصبح الناس يلجؤون لها في أبسط الأمور، والأخطر فيها أنها غالباً ما تكون قائمة على "المقابل" أي أن فلاناً يخدم فلاناً مقابل رد الجميل، ومن هذا المنطلق تتفاقم أضرار الواسطة، بحيث تقتصر على من يرجى منه رد الخدمة، وأشارت أن الوسيط يشعر بالأهمية، وأنه صاحب نفوذ مما يجعله يدمن عليها من أجل إشباع غروره.‏

وقال عواد العيسى المتخرج حديثاً من كلية البترول إنه من المضحك المبكي أن الواسطة والمحسوبية تطورت حيث يعمد اغلبهم إلى تسميتها بغير اسمها وهي في حقيقتها الواسطة نفسها بل أضحت مجرد ديكور، وأطر تزين للمحسوبية والمصالح ودأبهم أن يعمدوا إلى أهوائهم ويغلفوها بهذا الاسم وتكون مطية لمحسوبيتهم البغيضة، وهكذا تضطرب معايير الفهم وتختل مقاييس الإدراك.‏

المرشد الاجتماعي سعيد النجم يقول إن الواسطة ظاهرة سلبية ومرض خطير وسوس ينخر في عظام المجتمع، ويهدد بالتخريب والدمار المجتمعي على المدى البعيد، ولذلك يجب علينا مكافحة هذه الظاهرة الفتاكة بشتى الوسائل والطرق، وأن نبذل كل ما في وسعنا من أجل القضاء على هذا الوباء الخطير ونحد من انتشاره وشيوعه لأنه سوف يترتب عليه بلا أدنى شك قتل للكفاءات العلمية المتميزة، واغتصاب لفرصهم في الحصول على حقوقهم المختلفة، وإتاحة للفرصة للجهلاء المتطفلين الذين يتسلقون فوق ظهور غيرهم من المجتهدين المستحقين.‏

كما أشار النجم إلى أن خطر الواسطة يكمن على المجتمع إذ أنها أصبحت ثقافة ممارسة لهذا المجتمع، لأنها تتجاوز إلى حساب مصالح الآخرين وأصبحت ثقافة تسايرنا في كل التعاملات فلدى البعض قناعة بأن أعمالهم لا يمكن أن تنجز دون الواسطة وهناك من يدفع ثمن الواسطة باهظاً في حين تنظر هذه الفئة فيما حولها فتجد أن لا قيمة لتميزها وأن جهدهم الذي حصلوا عليه في سنوات ونالوا به التميز يمكن أن يمحى بجرة قلم من ذي منصب والنتيجة يدفع ثمنها في نهاية المطاف نحن عندما يخرج إلى سوق العمل مثلاً طبيب لا يقدر الرسالة الإنسانية للمهنة ولا يكون في الموقع الصحيح ويأخذ مكان من هم أحق منه فالواسطة تعتبر كالقتل العمد للكفاءات ويقوم بتقزيم الانجازات وتهدر واحدة من مقومات عجلة التنمية والتقدم والازدهار وهي العنصر البشري والذي هو المصدر الرئيسي في هذه العجلة.‏

وأوضح المرشد الاجتماعي أن الواسطة نوعان الأولى واسطة محمودة والثانية الواسطة المذمومة، فالواسطة المحمودة هي التي تساعد شخصاً ما للحصول على حق يستحقه، أو تساعده في الحصول على حق لا يلحق الضرر بالآخرين، أما الواسطة المذمومة فهي أن تقوم بهذا الدور للحصول على حق لا تستحقه وما يلحق الضرر بالآخرين، حيث إن الواسطة المذمومة أحد مظاهر الفساد وقد انتشرت حالياً بشكل واسع وأصبحت تتحكم بمصير الكثير من الناس.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية