تنهك عقولهم.. وسؤال ينخر عميقاً في تفكيرهم، أين أعمل في القطاع العام أم الخاص؟؟ أيهما أفضل للمستقبل.. أين الأمان والضمان.. أي الكفتين أرجح السلبيات أم الايجابيات؟ ولتكتمل الدوامة التي يدور في فلكها شبابنا.. يتساءلون.. هل سأحظى بفرصة عمل دون واسطة؟!
استطلعنا آراء عدد من الشباب، فتنوعت ميولهم بين هذا القطاع أو ذاك، ولكل منهم أسبابه..
القطاع العام.. استمرارية وأمان
يبحث محمد الجماس – خريج حقوق – عن عمل وقد تقدم لبعض المسابقات ومازال ينتظر، وهو يفضل العمل في القطاع الحكومي لعدة أسباب منها وحسب رأيه، الدوام الواحد ما يتيح إيجاد فرصة عمل ثانية مساءً، وهذا يساهم في تحسين مستوى الدخل، كما أن هناك فرصة لتطوير المهارات من خلال الدورات التي تقام للعاملين بالدولة، ولكن العقبة التي تقف عائقاً أمام التعيين المحسوبية والواسطة، فلا بد للباحث عن عمل أن يبحث عمن يدعمه ويزكيه سواء في العام أم الخاص.
ضمان صحي وتقاعد
دعاء موسى – خريجة معلم صف – ترى أن العمل في القطاع الحكومي له الكثير من الميزات التي تضمن المستقبل من تأمين صحي وراتب تقاعدي للعامل وعائلته، وكذلك تطوير الذات من دورات وتأهيل تربوي، بينما في القطاع الخاص لا يوجد ضمانات للبقاء في العمل، وفي أي لحظة يمكن أن يصرف رب العمل أي موظف لديه، كما أن الدوام طويل ولا يوجد عطل رسمية أو إجازات، وهذا الوضع لا يناسب الفتاة خاصة بعد الزواج.
الخاص.. تقدير للكفاءات والخبرة
و رغم ما يحققه القطاع العام من أمان واستقرار ولكن ليندا سويدان – خريجة معهد سياحة وطيران – لها مبرراتها لتفضيل القطاع الخاص، تقول: الشركات الخاصة توفر جواً من الاحترام والتقدير للإمكانيات المتميزة ولأصحاب الخبرات والكفاءات، ويكون الراتب بقدر الخبرة والإنتاج لا حسب المحسوبية والواسطة.
راتب أعلى
و قد يؤثر الاختصاص الدراسي في توجه الشاب لقطاع معين، حيث يفضل مجد دحروج – خريج معهد سياحي – العمل في القطاع الخاص لأنه يناسب تخصصه ويلبي طموحاته من حيث الراتب الأعلى ووجود فرص للتميز وتحسين المستوى، وكلما كان طالب التوظيف متميزاً سيحصل على العمل حتى بعدم وجود واسطة، لأن إتقانه وتميزه هو بوابته للعبور إلى سوق العمل.
هند حيبا – طالبة أدب إنكليزي - تفضل العمل في القطاع الخاص، وإن توفرت الإمكانيات المادية للشاب من المفضل أن يخلق لنفسه عملاً خاصاً كمكتب أو شركة صغيرة، لأن العمل في القطاع الحكومي لا يلبي الطموحات سواء من حيث الرواتب المنخفضة أو من حيث القوانين التي تحكمه والتي تحد من الإبداع والتميز.
لا حدود لتحقيق الطموحات
فايز معمر على أبواب التخرج هندسة عمارة تأثر بتجربة والديه اللذين أنشأا مكتباً خاصاً وحققا نجاحاً ومردوداً عالياً، لذلك فهو يفضل العمل في القطاع الخاص، لأنه حسب رأيه يوفر مساحة من الحرية والاستقلالية والمرونة ولا يوجد حدود لتحقيق الطموحات، وبالنسبة لي كمهندس فضمان المستقبل توفره نقابة المهندسين من حيث الضمان الصحي والراتب والمساعدة في الدراسة الجامعية للأبناء في الجامعات الخاصة.
توضيح ميزات العمل بالقطاع الخاص
السيدة ريما جروج – مدربة في مركز الإرشاد الوظيفي -: فيما مضى كانت معظم ميول الشباب تتجه نحو العمل في القطاع العام وهذا يعود لعدة أسباب، منها الأمان والاستقرار اللذان توفرهما وظائف الدولة، كما أن للأهل تأثيراً كبيراً في تكوين الميول والاتجاهات والآراء وترسيخ فكرة الاستمرارية التي يضمنها القطاع العام لأبنائهم، وضمان المستقبل بالراتب الثابت الذي لا تتحكم به مزاجية رب العمل أو استمرارية ونجاح مشروعه أو فشله.
و لأن القطاع العام من المستحيل أن يستوعب هذه الأعداد الضخمة من الخريجين الجامعيين وطلاب المعاهد، كان من الضروري حث الشباب على التوجه للعمل بالقطاع الخاص، من خلال إقناعهم بقانون العاملين رقم ( 17 ) الذي يحوي الكثير من الايجابيات للعمل بالقطاعين الخاص والمشترك تضمن حقوق العامل ورب العمل، وتوضيح الميزات التي يتمتع بها العامل بالقطاع الخاص من تطوير للمهارات وقدرات الشباب لكي يتمكنوا من العمل به، حيث هناك تلعب المنافسة دوراً هاماً، كما أن التحفيز المادي والمعنوي، يحث الشباب على تطوير أنفسهم بشكل مستمر لتحقيق التميز وإثبات الوجود في بيئة عمل تتطلب مهارات وقدرات عملية وعلمية عالية.
تغيير المفاهيم الخاطئة
و أشارت جروج إلى أنه ينبغي التخلص من الطريقة القديمة والتقليدية بالبحث عن فرصة عمل في القطاع العام حصراً، لأنه بالنهاية سيعجز عن استيعاب الأعداد المتزايدة من الباحثين عن عمل، فالشباب اليوم تحولت توجهاتهم نحو القطاع الخاص، وخاصة الذين يبحثون عن تحقيق أحلامهم براتب أعلى يناسب المهارات التي يمتلكونها من لغات أجنبية وكمبيوتر ومهارات تواصل ومعلومات تقنية وعلمية.
و نحن في مركز الإرشاد الوظيفي نعمل على تغيير بعض المفاهيم الخاطئة والأحكام المسبقة وحث الشباب على الإقبال على العمل في القطاع الخاص، وذلك من خلال الورشات التي نقيمها ودعوة أرباب العمل لإفادة الشباب من خبراتهم، وإقناعهم بأهمية العمل بالقطاع الخاص، وإيجاد أقنية اتصال بين الطرفين لخلق فرص عمل للباحثين.
الأولوية للكفاءة وليس للواسطة
الكثير من الشباب يظنون أن الواسطة ضرورية لتسهيل إيجاد وظيفة سواء في القطاعين العام والخاص، ولكن إن صح هذا فإن الفرق بينهما أنه لو عُين الموظف بالواسطة في القطاع الخاص، فإنه إن لم يعطِ النتيجة المطلوبة في فترة الاختبار، لا يمكنه الاستمرار في عمله، لأن القطاع الخاص يبحث عن مصلحته والقيمة المضافة والنتيجة، وهذا أهم من أي واسطة أو معرفة شخصية.
ورغم تراجع دور الواسطة في التعيين، فإن ثقافة الواسطة والمحسوبية ما زالت مترسخة في أذهان الكثير من الشباب، ولكن الآن أصبحت الأولوية للخبرات والكفاءات، واجتياز المسابقات يتطلب توفر معدل مقبول وشروط معينة، وإن كان هناك تجاوزات فإنها فيما بعد هي لا تخدم مصلحة العمل.