وتنحرف عن مقاصدها الخيرية والإنسانية إلى مقاصد تدميرية وأزماتية سيئة الحال والمآل.. وأحياناً تتوقف عن الحقيقة لمصلحة الكذبة وحروف جرِّ الطمع وسوء الرؤية والسمع.
وضمائر الناس الـ أجود من ضمائر الاتصالات المرتبكة والمرتبطة بأهداف الخراب والحراب وأخبار السوء والغراب، تصير في الضوائق صادقة وأقوى من الانهدامات والصواعق، وتعلو باتجاه الحقائق.. إنها الضمائر الوطن الأعتى وأعلى من المحن، وتكتب بحبر الحب الزمن وتحمي الجهات من الضلالات.. وضمائر أخرى بها ضعف واعتلالات، وترتمي في أحضان الحالات الطارئات، وتعتاش على السانحات.. هذه الضمائر المصابة بالعتمة وخيبة اللقمة وهاوية النقمة لا تعرف، لسوء حظها أن تطلع باتجاه مصائر الضوء ومحاسن النجاة بعد النوء..
ليست حسنة أو جودتها عالية الضمائر المحن، لأنها فاقدة الوفاء لأوقات الناس المفيدة ولا تفهم معنى جيداً للبقاء والارتقاء، فتلوذ بالغايات وتتاجر بالحالات.. لكن الضمائر الوطن تبقى على عهدها بالإخاء والرجاء، ولا تبيع أوقاتاً إنسانية في سوق العوز والرخاء..
صديق أنعم الله عليه بخبرة الفهم والحب والوطن.. ومنذ سنوات أصدر أكثر من دورية فكرية علمية وسياسية، وفي عزِّ الأحزان ازداد ضميره ضميراً ووفاءً وطنياً امتدت ظلاله على الأهل والجيران والذاكرة والأحيان، حتى ملأ النفوس بأعذب الشكر والإيمان، وزع في كل حيٍّ وحارة بستان حنان، ورغم الأزمات والأشجان طالت أغصان موداته وتعددت عليها الألوان والألحان.. وعديدون كهذا الضمير الإنسان حموا من الخربان الوجدان وصانوا الصلة بالإتقان ولم يفقدوا أحقية العيش بالوفاق الجميل والإحسان.. هؤلاء في ضمائرها (حسَّاساتٌ) ضد الصدمات وفيها مواثيق أقوى من بطاقات الائتمان.. وفيها (جهوزية) عاتية وعالية لدرء الأخطار ورعاية الأمان.
بـ الضمائر الوطن يبقى الكيان وتحسن أحوال الزمان..
وبالضمائر المحن تبوء العافية بالفشل ويخرف الوجدان..
وتعلو همة الحاجات على حساب همة الوفاء المصان..
ليس بالارتهان يحيا الإنسان.. بل بأمانات الوجدان تكبر قامات الحياة وتخضرُّ الشجرات وتنمو الآمال كالعشيبات ولا يحين عتم الضائقات الموحشات.. إنها الضمائر الواثقة بالوطن أشدّ الضمانات وأبهى الضياءات رغم اللعنات والأذيات والجراحات..