|
ثلاثة مديرين لشركة البناء والتعمير خلال أقل من خمس سنوات...تلزيم المشاريع الحكومية للقطاع الخاص.. وتسريح الخبرات! مراسلون
ونظراً لطول المذكرة سنتوقف عند أهم بنودها لنرى ما إن كانت قد طبقت وانعكس تطبيقها إيجاباً على الشركة أم أنها كانت مجرد حركة استعراضية لنيل الثقة, وسنبدأ من الأهم فالمهم بالنسبة لنا. نحن نرى أن الأهم في تلك المذكرة كان البند الثالث الذي يقترح إعادة النظر بإسناد المهام وفق الكفاءات ومعالجة الترهل والتسيب. وبالفعل قام المدير العام بإجراء تغييرات جذرية في الشركة فاستبدل عشرة مديري فروع من أصل 17 مديراً وقد حذا بذلك حذو معظم المديرين العامين السابقين, حيث أعفى بالدرجة الأولى كل من كان له صلة أو محسوباً على المدير العام السابق لا سيما وأن المدير العام السابق هو الذي كان قد أحاله للجنة التحقيق وأعفاه من مهامه. وصراحة لا ندري ما هي المعايير التي اعتمدت في اختيار طاقم العمل الجديد سواء في الإدارة المركزية أو على مستوى الفروع, علماً أن الوزير قالها وبكل صراحة في الاجتماع المذكور أعلاه. إننا لا نريد التطلع إلى الماضي ولسنا ملزمين بصرف أي شخص بدون جرم ولا ندري إن كانت هذه العبارة قد فهمت معكوسة, فالمعطيات المتوفرة لدينا تقول: إن بعض من جيء بهم واسندت لهم مهام قيادية في الشركة كان المدير العام السابق قد اعفاهم من مهامهم بموجب مقترحات مديرية الرقابة الداخلية في الشركة, وأن البعض الآخر محال للرقابة والتفتيش أو إلى القضاء. كما أن البعض الآخر جيء به من خارج الشركة ليسلم مناصب مهمة في حين أن الإدارة الجديدة كانت تعترض على نفس الاجراء من الإدارة القديمة, فقد جاءت الإدارة الجديدة بمهندس من خارج الشركة لتكلفه بإدارة فرع كان يديره مهندس من خارج الشركة وكأن الشركة وبعد الدمج لا توجد فيها كفاءات لتسليمها مراكز قيادية من هذا النوع. وبالتالي,, فإذا افترضنا أن الذين اعفاهم المدير العام السابق من مهامهم كانوا اكفاء وبناء على كفاءتهم أعيدوا لنفس المهام أو أفضل منها, ألم تكن الضرورة تقتضي المساءلة أو محاسبة مدير الرقابة الداخلية والمراقبين الداخليين في الشركة, لا سيما وأنهم هم الذين اقترحوا اعفاء هؤلاء من مهامهم, مع أن السيد الوزير أكد على ضرورة محاربة الفساد في الشركة. فالمهندسون الذين يحسون بالغبن حالياً يريدون معرفة من هو الفاسد ومن هو النزيه, وإذا كانت الرقابة الداخلية نزيهة فهذا يعني أن اقتراحاتها كانت موضوعية, وإذا كانت غير ذلك وجاءت نتيجة ضغوط المدير العام السابق فهذا يعني أنهم غير جديرين في الرقابة الداخلية وبالتالي يمكن الضغط عليهم في أي وقت للتجني على الآخرين, علماً أن الإدارة الجديدة ضاعفت امتياز هؤلاء وبدل محاسبتهم على أنها أول المتضررين منها قبل سنتين? معالجة أوضاع العمال وفي جانب آخر من أولويات الإدارة الجديدة هو ما جاء في البند الثاني من المذكرة والذي يقترح معالجة أوضاع العمال الفائضين بشكل عام وخاصة الفائضين المؤقتين وذلك بإنهاء عقودهم. فقد جاء في المذكرة أن عدد العاملين في الشركة هو بحدود 12 ألف عامل منهم 7300 دائم و4700 مؤقت وقد قدرت الإدارة أن عدد الفائضين هو بحدود 1360 عاملاً منهم 493 إدارياً وفنياً وغير إنتاجي و683 عاملاً ذا إنتاجية ضعيفة وأوضاع صحية وهؤلاء لابد من التخلص منهم. فقد عملت إدارة الشركة على التخلص من بعض هؤلاء ولا تزال تسعى للتخلص من أكبر عدد ممكن منهم وحقيقة لا ندري كم هو عدد العمال الذين تم تسريحهم أو نقلهم إلى مديرية التربية ويعملون كحراس في المدارس ومعظمهم من الطاقات الشابة وفي أوج عطائهم. وجلهم كان يعمل أعمالاً إنتاجية ولدينا أسماء كثيرة من هؤلاء, هذا فيما يتعلق بالعمال الدائمين الذين اعتبروا فائضين أما فيما يتعلق بالمؤقتين ويعملون على نظام العقود, فقد تم انهاء عقود معظمهم وغالبيتهم من العناصر الشابة وبعضهم التحق بشركات إنشائية, والبعض الآخر يعمل كفني إنتاجي في مشاريع ينفذها القطاع الخاص لصالح الشركة نفسها ويتقاضى أجراً مضاعفاً والأمثلة كثيرة في مشاريع الجامعة تحديداً. وقد أدى هذا الإجراء إلى تفريغ مشاريع بالكامل من كوادرها الفنية الإنتاجية لمصلحة القطاع الخاص. والغريب في الأمر أن الإدارة الجديدة تحفظت في مذكرتها على إجراء المدير العام السابق الذي تم بموجبه نقل العمال الدائمين إلى مديرية التربية, وعادت لتقوم بنفس الدور, الأمر الذي أدى بالنتيجة إلى أن معظم مشاريع الشركة أصبحت ملزمة للقطاع الخاص. علماً أن السيد المدير العام كان قد وعد السيد الوزير في اللقاء الآنف الذكر أنه سيعمل على التخفيف قدر الامكان من تلزيم المشاريع للقطاع الخاص وقد بارك الوزير هذه المسألة وأكد عليها. لكن هذه الخطوة أو الفكرة لم ترد في المذكرة كي لا يحاسب أحد عليها طالما أنها غير مكتوبة, والسؤال: ترى ماذا يعني 12 ألف عامل في شركة تنفيذ مشاريع بمليارات الليرات وعلى مساحة الوطن, وهل يعقل أن تعطي شركة بهذه العراقة وهذه الامكانات والخبرات التراكمية مشاريعها للقطاع الخاص في حين أن إدارة الشركة تستجدي المشاريع من الحكومة. وهذا ما جاء في البند السابع من المذكرة تحت عنوانه ومن خلال ما تقدم فإنه من الضروري تخصيص الشركة بالمشاريع اللازمة من كافة الجهات وبالأخص مشاريع الوزارة وبموجب عقود بالتراضي)!! ضغط النفقات ومن المهم في خطة العمل الاستنهاضية للشركة كان البند العاشر في المذكرة والذي يقضي بضبط نفقات الآليات وخاصة المحروقات والقطع التبديلية, وتوقيف الآليات ذات الاستهلاك الكبير للمحروقات. فقد قامت الشركة بسحب عدد كبير من السيارات ومن المهندسين بشكل خاص وبعض هؤلاء على أبواب تقاعد والبعض الآخر كان محسوباً على المدير العام السابق, أما بالنسبة للعمال الذين يحملون شهادات ثانوية وما دونه فلم تسحب سياراتهم بل بالعكس استبدلت سيارات البعض بسيارات أفضل منها. والملفت للانتباه أن أحد الذين تركوا الشركة لمدة ثلاث سنوات تقريباً وقضاها في كندا عاد إلى الشركة واستلم سيارة سياحية فوراً وقبل أن يكلف بأي عمل. أما فيما يتعلق بضغط نفقات صيانة واصلاح الآليات, فلا ندري حقيقة كم هو الوفر المحقق حتى الآن, لا سيما وأن صيانة الآليات كان يكلف الشركة مئات الملايين سنوياً. لكن ما نعرفه جيداً وبدون أدنى شك أن صيانة الآليات أو مديرية الآليات هي البقرة الأكثر إدراراً وهذا مثال من أمثلة كثيرة يمكن أن نسوقها في هذا المجال. منذ أىام كشف المدير العام النقاب عن قرار تفتيشي يقضي باسترجاع مليون وتسع وعشرين ألف ليرة سورية من المهندس نبيل بلال مدير الآليات السابق والذي اعفى من مهامه مع احتفاظه بسيارته والمهندس محمد خير موسى والمهندس قصي أصلان المدير العام سابقاً. وذلك كفرق سعر مقدم من عارض لتعديل بعض السيارات من شاحنة إلى قلاب , حيث ألغي اعلان المناقصة واستبدل باتفاق بالتراضي لتمويل هذه السيارة , فاكتشفت الرقابة المركزية أن الفارق بين سعر العارضين في المناقصة كان أقل من السعر المتفق عليه بالتراضي مع من قام بعملية التحويل. علماً أن السيد المدير العام الحالي وعندما كان مديراً لفرع طرطوس قام بنفس العملية ودفع كلفة تحويل الشاحنة الواحدة 1,490 مليون ليرة أي بفارق 600 ألف عن السعر الذي دفعته إدارته المركزية بالتراضي وبفارق 900 ألف ليرة عن سعر العارضين بالمناقصة. وهناك أمثلة كثيرة يمكن أن نستعرضها في هذا المجال, لكننا آثرنا الاكتفاء بهذا المثال وقد نقدم ما لدينا للرقابة والتفتيش إذا اقتضى الأمر أو طلب منا ذلك. والسؤال: ترى هل ستعمل الإدارة الجديدة على ضغط النفقات مثلاً? الوضع المالي للعاملين لم تتضمن الخطة الاستنهاضية للشركة مسألة حقوق العمال, في مجال الرواتب والتأمينات الاجتماعية المستحقة الدفع مع أن الشركة ما زالت تتأخر بتسديد رواتب عمالها ولديها تأخير لمدة ثلاثة أشهر من تاريخه في الإدارة العامة. على الرغم من أن الشركة حصلت على دعم من الحكومة وصل في السنتين الماضيتين لحوالى 600 مليون ليرة وأن الشركة قامت ببيع آلاف الآليات وبيع بعض ممتلكاتها من العقارات في المحافظات, ولديها مشاريع على مساحة الوطن. المدير العام يعتذر عن اللقاء بنا هذه الاسئلة وغيرها من الاسئلة كنا قد تقدمنا بها للسيد المدير منذ مطلع شهر شباط الماضي بعد يأسنا من محاولة اللقاء به بحجة أن وقته مليء ليلاً نهاراً بمتابعة شؤون الشركة وقد سألنا السيد المدير أكثر من مرة عن مصير الجواب على هذه الاسئلة وكان الجواب في كل مرة أنه لم يتمكن بعد من الجواب. علماً أنه كان قد وعد بتكليف معاونه بهذا الخصوص, وحقيقة لا ندري ما هو مبرر عدم اللقاء بنا أو الجواب على اسئلتنا وكل ما رشح لسمعنا أن الاسئلة لم تعجبه. وبناء على ذلك نحن نرى أن واقع هذه الشركة يسير من سيئ إلى اسوأ والمشكلة ليست بالشركة بقدر ما هي في الوزارة, فنحن نعتقد أن الوزارة لم تكن تتوخى الدقة والكفاءة في اختيار المديرين العامين الذين تعاقبوا على هذه الشركة, ولو عملت على ذلك لما اضطرت لتغيير ثلاثة مديرين عامين خلال 5 سنوات. فلا شك أن هذا النوع من التغيير انعكس سلباً على تطوير اداء الشركة لأن كل مدير عام جديد سينسف طاقم المدير العام السابق ويأتي بمدير عام جديد بغض النظر عن كفاءة أو عدم كفاءة الطاقمين, ولا ندري ما هي المعايير التي يطبقها المدير الجديد في هذا المجال. إذ لابد من توفر معايير دقيقة تحدد كيفية اختيار أي طاقم عمل جديد ليس في هذه الشركة فحسب بل في جميع شركاتنا الانشائية.
|