تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أوكرانيا بعد الانتخابات... ومصير (الثورة) البرتقالية!

شؤون سياسية
الثلاثاء 11/4/2006
د.سعيد مسلم

أنهت أوكرانيا أول انتخابات برلمانية بعد قيام ما يسمى ( الثورة البرتقالية) منذ العام ونصف.

أنصار الثورة التي أوصلت المعارضة المدعومة من الغرب والولايات المتحدة الأميركية والذين جهروا بصوتهم وسلوكهم ضد التضارب مع روسيا اقتصاديا وسياسيا جاؤوا اليوم إلى صناديق الاقتراع ليقولوا ( لا) لزعيمهم ( يوتشنكو) وتتوزع أصواتهم بين مؤيد لخصمه الحالي أو حليفته السابقة ( يوليا تيماشنكو) الذي أنهى اشهر الوفاق السياسي معها باقالتها من منصب رئيس الحكومة ما اضطرها إلى تشكيل حزب معارض ومؤيد بين الأحزاب الأخرى مثل ( الشيوعي ) و(الاشتراكي) فيما استطاع حزب المناطق الذي يتزعمه الخصم السياسي العنيد لقادة (البرتقال) ( فيكتوريا نوكوفيتش) استطاع توطيد مكانته وجذب انصار جدد وتوسيع قاعدته الشعبية في المناطق الشرقية التي تقر أن تعمل بمبدأ الشراكة وعدم الانفصال عن روسيا.‏

حزب المناطق بزعامة يانوكوفيتش والذي أقصي بتدخل خارجي وثورة شعبية ملونة عن السلطة بعد إعادة الانتخابات التي كان فائزا بها عاد من صف المعارضة ليكتسح المرتبة الأولى ويحصل على نسبة 33% من الأصوات.‏

يليه بالترتيب حزب المنشقة عن التحالف السياسي السابق للثورة (يوليا تيماشنكو) وتحصل على نسبة 24% من الأصوات وهي أصلا أصوات المؤيدين سابقا للرئيس الحالي ( يوتشنكو) أولئك الذين انصرفوا عنه لاسباب عدة وفضلوا الاصطفاف في خانات أخرى. بينما يتراجع حزب الزعيم المنتصر سابقا والمهزوم حاليا ( أوكرانيا لنا) فيكتور يوتشنكو إلى المرتبة الثالثة وبنسبة 14% من الأصوات ويصعد إلى البرلمان كل من الحزب الاشتراكي بنسبة 7% والحزب الشيوعي 4% وهي الأحزاب الخمسة التي استطاعت الوصول إلى البرلمان بحكم القوانين الأوكرانية بينما خرجت أكثر من عشرة الأحزاب من التصفيات لعدم تمكنها من تحقيق النسبة المؤهلة للدخول إلى البرلمان.‏

الكثير من المتابعين للشأن الأوكراني توقف عند اسباب الخسارة الكبيرة لحزب ( أوكرانيا لنا) أو حزب السلطة الذي يتزعمه الرئيس الأوكراني حاليا ( يوتشنكو) وخلاصة التقديرات تقاطعت عند نقطة هامة وجوهرية هي: فشل الزعيم البرتقالي في تحسين أحوال المواطنين المعيشية وعدم قدرته على مكافحة الفساد والهدر والرشوة بل على العكس زادت مظاهر السرقة وتدهور الاقتصاد ولم يتغير سوى تفاقم نقوذ عائلات المافيا وهبطت معدلات النمو للناتج المحلي من 12% عام 2004 إلى 2,5% عام .2005‏

بعد هذا الواقع الجديد ثمة أسئلة ملحة تحتاج التوضيح منها: ما مصير النظام السياسي في أوكرانيا وكيف ستكون أشكال التعامل السياسي والاقتصادي مع الغرب وروسيا من جهة وطبيعة العمل الحزبي والصراعات الداخلية من جهة ثانية وإلى أين تتجه أوكرانيا استنادا إلى ذلك? التقديرات الأولية تشير إلى أن الفترة الرئاسية الحالية لزعيم حزب ( أوكرانيا لنا) والرئيس الحالي سوف تستمر مع تراجع هيبة وشعبية هذا الحزب وذاك الشخص..‏

وسيساهم في التراجع نجاح الحليف السابق ( تيماشنكو) في الوصول إلى المرتبة الثانية في الانتخابات وما ستحصل عليه من مقاعد ضمن البرلمان حيث ستعمد إلى خيارين:‏

1- إما تعطيل برامج ( يوتشنكو) وصولا إلى إضعافه نهائيا والوصول مستقبلا كبديل له إلى سدة الرئاسة.‏

2- أو إجبار الحليف السابق والخصم الحالي على التحالف معها وإعادتها إلى رئاسة الحكومة وتشكيل ائتلاف حكومي بعيد الهيبة والقيمة للفريق البرتقالي ويمضي قدما نحو الشراكة مع الغرب وهذا مشروط بالدعم الغربي والاميركي الكبير سياسيا واقتصادياوليس على شاكلة ما حصل في الفترة الماضية وهذا الخيار صعب بل يكاد يكون مرفوضا من قبل (يوشنكو) الذي على ما يبدو قرر التخلي نهائيا عن شراكة السياسة مع (تيماشتكو) الا اذا كان تقديره بأن المصالح تقضي العودة ولو بتقديم تنازلات مؤلمة أصعب ما في ألمها أنها ستزيد من تراجع شعبيته.‏

أما السيناريو الآخر في تحديد طبعة المستقبل السياسي لأوكرانيا فهو إضطرار ( يوتشنكو) إلى التحالف مع حزب المناطق وبالتالي مع خصمه السياسي التقليدي ( فيكتور يا نوكوفيتش) وتشكيل ائتلاف حكومي بمساعدة الحزب الشيوعي والاشتراكي سوف يكون عنوان هذا التحالف جبهة الخصوم ضد شريك العشق السياسي ( حزب تيماشنكو) وفي هذا الحالة سوف يعلن حزب تيماشنكو انتقاله إلى جهة المعارضة الكلية وقد تستغل عواطف الأوكرانيين خصوصا السائرين في توجهات مناهضة روسيا استعدادا للمرحلة القادمة أو الوصول إلى حالة التدهور والشلل الاقتصادي والسياسي في البلاد تمهيدا لانتخابات رئاسية مبكرة تأمل أن تكون فيها الرابح الأكبر.‏

أما الخصوم التقليديين ( يوتشنكو) و ( يانوكوفيتش) فلن ينجحا إلا في حال تبني روسيا لخيار تحالفها الجديد وتقديم اشكال جديدة من المساعدات بما فيها العودة إلى صيغة الدعم والاسعار المخفضة للغاز وإقرار منطقة التبادل التجاري الحر والمشترك بين أوكرانيا وبيلاروسيا. وتقديم التسهيلات الجمركية والمالية وتنشيط الاستثمارات ما سيؤثر ايجابا على مستوى معيشة المواطنين ويقطع الشكوك عن اللاهثين وراء اغراءات الغرب والاقرار بأهمية التواصل السياسي والاقتصادي مع الجار القريب وحينها قد لا يتردد الرئيس يوتشنكو كثيرا اذا ما عرف بأن استمرار ولايته و نجاحه في تحقيق إصلاحات بالتعاون مع الشريك الخصم قد تمهد لوصول ( يانوكوفيتش) إلى السلطة من جديد وهنا سوف يكسب المواطن الأوكراني دعم وتأييد روسيا والغرب في آن واحد دون التعرض لأزمات وانهيارات قد لا تستطيع تجاوزها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية