تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


من نبض الحدث... الواهمون فقط يقرعون الباب الأميركي بحثاً عن الثقة والحل

الصفحة الأولى
الأربعاء 11-5-2016
كتب علي نصر الله

أمران لم ولن تلتزم بهما واشنطن، طالما أنّهما وحدهما يكفلان استمرار الحرب التي تستنزف سورية وتحقق بالحد الأدنى رزمة من الأهداف الامبريالية التي وجدت في الإرهاب وسيلة لبلوغها.

الأمر الأول: لن تستجيب واشنطن لمطلب التعاون من أجل الفصل بين ما تعتبره فصائل معارضة معتدلة وبين فصائل تجهر بانتمائها لتنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين. حتى إذا سلّمنا جدلاً بوجود «معتدليها» الذين لا وجود لهم بالواقع، وحتى إذا توهم البعض بأنّ واشنطن ستستجيب لمسعى الفصل، فإنّها ستستبق هذه الاستجابة بتوجيه تعليمات للطرفين بإعلان الانضمام لبعضهما تحت أسماء جديدة مرّة، وبإعلان الانشقاق عن بعضهما مرّة أخرى بهدف الخلط الذي يُنتج حالة مُستجدة تكفل تعطيل استهداف الإرهابيين .. وكلهم إرهابيون.‏‏

الأمر الثاني: إنّ واشنطن لن تُلزم أحداً من حلفائها بالعمل على مطلب إغلاق المعابر التي يمر منها الإرهابيون والتي تتغذى منها فصائله - الأشرار والأخيار منهم حسب التصنيف الأميركي - وهي معابر معروفة وقنوات معلومة لا تخفى، ولا يُحاول القيّمون عليها التستر، بل يُعلنون ويجهرون بدورهم، تركيا والسعودية وقطر الأنموذج رقم واحد، وعدد من دول القارة العجوز يمثل الأنموذج رقم اثنان.‏‏

إذا كان من المُسلّم به أنّ مصلحة أميركا تقتضي منها عدم التعاون لجهة الفصل بين الأخيار والأشرار من الإرهابيين، وتقتضي استمرار الخلط بينهم، الأمر الذي يضمن استمرار الجدل حول هذه النقطة، فإنّ المصلحة ذاتها تتطلب منها النفاق بالأمر الثاني، أي التحدث بالعلن عن القيام بحثّ الأطراف الإقليمية والدولية الحليفة لها بدعم الإرهاب لمنع تمرير المرتزقة عبر أراضيها، والعمل بالخفاء على تنفيذ ما اتُفق عليه معها لجهة تقديم المال والسلاح والاستمرار بعمليات التجنيد والاستقدام لمواصلة تصعيد الوضع وتأجيجه ما أمكن بالمنطقة كلها وليس بسورية والعراق فحسب.‏‏

لغة أوباما وكيري لا تدع مجالاً للشك بأنّ الإدارة الأميركية تعمل بهذه الاتجاهات، والعمل على التهدئة ليس بواردها، وبالتالي فلا يمكن لها أن تعمل على الحل أو من أجله، وبموجب المنطق الأميركي لا يمكن للرئيس ووزير خارجيته أن يتحدثا إلّا بهذه اللغة، ولا يمكن لهما العمل ضد المصلحة الأميركية التي تتحقق في عدة مطارح من خلال ثنائية دعم الإرهاب وادعاء محاربته، لا بمحاربته فعلياً، ولا بالسماح بمحاربته.‏‏

للتذكير، فإنّ كيري تعهد في البيان الروسي - الأميركي الأخير بحثّ الشركاء لمنع مرور الإرهابيين لسورية، لكنّ أميركا تاريخياً لم تستخدم كلمة حثّ الشركاء للقيام بأيّ فعل عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، وإنما تطلب وتُهدد كل الحكومات والدول، الحلفاء والخصوم، ما لم تُغلق الحدود والمعابر والمصارف والمطارات والموانىء أمام الأفراد والأموال والأسلحة إذا كان يُشتبه مجرد اشتباه بأنّها ستتجه إلى جنوب لبنان أو للأراضي الفلسطينية المحتلة..‏‏

ومن بعد فإنّ سورية التي ما بحثت يوماً عن أميركا، ستواصل بثبات تصديها للإرهاب، وستجعل العالم يتعرف من خلال هذا التصدي الأسطوري بأنّ الواهمين فقط هم من يطرقون الباب الأميركي بحثاً عن المنطق والثقة والحل؟!.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية