فمنذ عام والتنظيم الإرهابي يتعرض لقصف ورقي ينفذه التحالف الستيني الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية ضده، والنتائج هو ازدياد تدفق المقاتلين للانضواء تحت لوائه على مرآى من العالم أجمع وبتسهيلات إقليمية ودولية عدة بل زادت موارد التنظيم بطرقه المعروفة غير الشرعية.
الإعلام الغربي وصف الحرب على (داعش) بالوهم وانتقد زيف الادعاءات الأميركية التي تتحدث عن واقع ميداني جيد فنشرت صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية مقالا تحدثت فيه عما سمته (زيف التصريحات الرسمية الأميركية التي تتحدث عن انتصار الولايات المتحدة في الحرب التي تقودها ضد تنظيم داعش)، في مقابل نجاح هذا التنظيم في تعويض خسائره البشرية وتأمين مداخيل مادية ضخمة ومستقرة.
وقالت الصحيفة في تقرير لها إن العديد من القادة العسكريين الأميركيين يواجهون اتهامات بتضخيم انتصارات الولايات المتحدة الأميركية على تنظيم داعش .
وشكك الكثيرون في تصريحات البنتاغون والبيت الأبيض التي تزعم دائما أن تنظيم داعش يتكبد خسائر بشرية ومادية كبيرة في سورية والعراق.
وأضاف التقرير أن جون ألن، الجنرال الأميركي المتقاعد، ومنسق العمليات الأميركية ضد تنظيم داعش، قد صرح في مؤتمر أمني في مدينة أسبن بولاية كولورادو، بأن التنظيم الإرهابي يشهد تقهقراً في المدة الأخيرة.
واعتبرت الصحيفة أن المشكلة تكمن في كون هذه التصريحات ترتكز على تقديرات خاطئة من الأساس، حول نتائج الضربات الموجهة لإرهابيي التنظيم في مدينة الرقة التي تمثل معقلهم في سورية.
فقد تم تقديم تقديرات مبالغ فيها، للإيهام بنجاح الضربات التي تنفذها الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد التنظيم؛ ما جعل المفتش العام للبنتاغون، جون ريمر، يفتح تحقيقا داخليا حول هذه المغالطات، بناء على شكوى تقدم بها موظف في وكالة الاستخبارات العسكرية.
وبحسب هذا الموظف، الذي تقاطعت شهادته مع شهادات موظفين كثيرين غيره، فإن مسؤولي المركز الرئيسي لمراقبة سير العمليات العسكرية في الشرق الأوسط، الواقع في قاعدة ماك ديل العسكرية في تامبا باي بولاية فلوريدا، قاموا بتحريف وحجب معلومات استخباراتية، جمعتها 17 وكالة استخباراتية أميركية، قبل أن يقوموا بنقلها إلى القيادة العليا في البنتاغون والبيت الأبيض.
وذكر التقرير أنه من الممكن أن يكون تنظيم (داعش) فقد حوالي عشرة آلاف مقاتل، وهو رقم ضخم بالنسبة لتنظيم يملك ثلاثين ألف مقاتل، لكن التدفق المتواصل للمقاتلين الجدد على التنظيم الإرهابي يجعله لا يضعف.
وقالت الصحيفة إن تنظيم (داعش) يعتمد خطة الاندساس بين المدنيين، لتجنب الضربات الجوية المدمرة، بالإضافة إلى امتلاكه سيولة مالية تقدر بما لا يقل عن مليار دولار، عن طريق أساليب غير قانونية ومن الأرباح التي يجنيها من بيع البترول في السوق السوداء.
وأضافت الصحيفة أن هذه التغيرات تبدو مقلقة، لأنها تعيد إلى الأذهان ذكريات مؤلمة للغرب؛ فخلال حرب فيتنام، أمر القادة العسكريون الميدانيون بإرسال تقارير مطمئنة للقيادة عن الوضع، وبتضخيم حجم الخسائر المتوقعة في صفوف الفيتناميين الشماليين.
واعتقد الجنرال الأميركي (واست مورلاند) آنذاك أن هذا التضخيم سيؤدي إلى الانتصار في المعركة، إلا أن ذلك أدى إلى تسريع الانهيار.
وتواصل الأمر إلى حد وقوع هجمات (تات) في سنة 1968، التي أدهشت إدارة الرئيس جونسون والرأي العام، وبددت الأحلام بقرب تحقيق النصر على الفيتناميين.
وتحدثت الصحيفة عن وجود أصوات معارضة لهذه البيروقراطية غير المستقرة، والتي تعتمد شعار (كل شيء يسير على أفضل ما يرام) ، حيث أبدى قائد الأركان السابق، مارتن ديمبسي، نوعا من الخضوع للسلطة التنفيذية، وأعرب عن تخوفه من الإستراتيجية المعتمدة لمواجهة تنظيم (داعش) منذ إطلاق عملية (العزيمة الصلبة) في شهر آب 2014. واعتبر جون ألن أن الحرب ضد (داعش) صعبة، وأنها تحتاج عقدا من الزمن لتحقيق نتائج ملموسة.
وفي تأكيد لما سبق تساءل الكاتب ريتشارد هال في مقال تحت عنوان (عام على القصف الأميركي لداعش ، فما الذي تحقق؟) نشرته صحيفة غلوبل بوست عن مدى نجاح الحملة التي تُشن ضد تنظيم (داعش) ؟ وقال : يزعم مسؤولون عسكريون أميركيون حدوث تقدم بطيء وثابت في الحرب ضد تنظيم (داعش)، مشيرين إلى أنه جرت استعادة معظم الأراضي في شمال ووسط العراق.
ويضيف الكاتب أن مركز أبحاث أي إتس إس ومقره في المملكة المتحدة أشار إلى أن تنظيم (داعش) فقد ما يقرب 10 في المئة من مناطق سيطرته في الأشهر الستة الأولى من عام 2015، ولكن المشكلة في تقديرات الولايات المتحدة هي أن قدرة التنظيم لم تتحلل بشكل ملحوظ نتيجة لذلك ، ويقول الأمر يشبه الضغط على البالون حيث يمكنك الضغط على جزء واحد فقط ولكنه يزيد الضغط في مناطق أخرى وهناك أيضاً مؤشرات قوية بأن أعداد المقاتلين التابعين له لم تتضاءل إلى حد كبير، على الرغم من مقتل العديد منهم. ويقدر الخبراء أن (داعش) يكسب ما بين 850 إلى 1250 من المجندين الجدد في الشهر ممن يتقاطرون على سورية والعراق من الخارج.
ويشير الكاتب هال إن إحدى المشكلات الإستراتيجية للولايات المتحدة في التعامل مع تنظيم (داعش) هي أن الضربات الجوية لا يمكنها عمل الكثير، بدون وجود جنود على الأرض، حيث اعتمدت الولايات المتحدة على عدد من القوى المختلفة لاستعادة الأراضي. وفي حين تتقاسم هذه القوى العداء المشترك لتنظيم (داعش) ، فالكثير منها أيضاً تعادي بعضها بعضاً أشد العداوة.