وفي نفس اليوم أعلن فريمان أن اختياره للمنصب لن يتم، وقد أفصح فريمان عما يجيش في صدره حول منظومة العلاقات الغربية التي تحيط بعملية اتخاذ القرار داخل الإدارة الأميركية وأوضح بجلاء أنه سحب قبوله السابق لدعوة بلير له لرئاسة مجلس الاستخبارات الوطني، بسبب حملة قادها اللوبي الإسرائيلي لتدمير شخصيته واغتياله معنوياً.
إن الحديث الذي أدلى به فريمان وكلامه الغاضب سينظر إليه من قبل كثيرين على أنه يثير ويصعد أسئلة حقيقية وجادة حول ما إذا كانت إدارة أوباما ستقدر على اتخاذ قرارتها حول الشرق الأوسط بنفسها.
واقعة فريمان تلقى ظلالاً من الشكوك في مقدرة أوباما وإدارته على مجرد التفكير أو التدارس ناهيك عن اتخاذ القرار حول السياسات التي تخدم مصالح الولايات المتحدة بدلاً من مصالح لوبي عازم ومصمم على فرض إرادة ومصالح حكومة أجنبية، من الواضح أن هدف اللوبي الصهيوني هو التحكم في السياسة عبر استخدام فيتو ضد تعيين أشخاص يعارضون آراء وتوجهات اللوبي وإقصاء أي خيار أو قرار يفكر فيه الشعب الأميركي أو الحكومة عدا الخيارات والقرارات التي تكون في مصلحة هذا اللوبي.
كريس نلسون محلل السياسات الخارجية يصف الوضع المعقد الذي أثارته حادثة فريمان أنه انعكاس للعبة السلطة القاتلة حول مستوى الدعم لسياسات الحكومات الإسرائيلية المثيرة للجدل، وقبل أن يتم الإعلان عن إبطال تعيين فريمان حذر نلسون من أنه إذا أرضخ أوباما واستجاب للضغوط والانتقادات وأمر بإلغاء تعيين فريمان فسيصبح من الصعب عليه أن ينفذ ويطبق سلطاته عندما يحتاجها لوضع وتطبيق سياسته تجاه الشرق الأوسط.
بعد دقائق على اندحار فريمان قال أحد زعماء اللوبي الإسرائيلي السنياتور شاك شومر متبجحاً ومزهواً بانتصار اللوبي في معركته ضد أنصار تعيين فريمان قال بجلاء ووضوح: إن أقاويله أقاويل فريمان وتصريحاته ضد إسرائيل زادت على حدها.
أما دانييل بايبس وهو أحد غلاة المحافظين الجدد فقد تباهى بعرض وصف تفصيلي للكيفية التي تمت بها عملية إقصاء فريمان وكتب: الأمر الذي قد يكون خافياً عليكم هو أن ستيفن روسن عضو منتدى الشرق الأوسط كان أول من أثار الانتباه لمعضلة تعيين فريمان وبعد ساعات فقط من قرع ستيفن روسن لطبول الحرب ضد فريمان بدأت الأقاويل تتناثر وتكثر حول فريمان وبعد مضي ثلاثة أسابيع أقر فريمان بهزيمته.
هل من المعقول أن بايبس كان يشيد ويزكي ستيفن روسن؟
ستيفن نفسه: نفس الشخص الذي يحاكم حالياً على انتهاكه لقانون التجسس والمتورط في نقل معلومات حساسة لمصلحة إسرائيل، نعم إنه هو نفسه.
يبدو أن الأدميرال بلير افترض أن لديه الحق في تعيين رئيس موظفيه ولم يفكر في مراجعة ترشيحه لفريمان مع البيت الأبيض وزمرة السياسيين الذين لديهم حساسية عالية من ضغوط اللوبي الإسرائيلي، وهذا الأمر يؤشر لحشد من المعضلات الأخرى، وإحدى هذه المعضلات تتمثل في شغل ضباط في سلك الخدمة أو متقاعدين يديرون الاستخبارات الوطنية كما أن بلير لم يفكر في إمكانية تقديم استقالته فوراً في اللحظة التي علم فيها أن فريمان أطيح به.
ومن الواضح أن البيت الأبيض أبلغ بلير أن يعتبر مسألة تعيين فريمان بمثابة بالون اختبار لقياس موازين القوى أو محاولة لتمريرالقرارات رغم أنف اللوبيات، وتعتبر تنحية فريمان آخر حلقة من حلقات أو علامات تخوف أوباما من تحدي أو مجابهة اللوبي والأغلبية ستفسر استسلام الرئيس في لعبة فريمان على أنه علامة ضعف ووهن وربما افترض البعض أن أوباما لا يملك قراره على الضفة الأخرى كان مدير ومحللو الاستخبارات الذين تم اقتيادهم كالقطيع لطمأنة إسرائيل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط مغتبطين للغاية وهم يحاضرون ويقدمون عرضاً لقضية فريمان في هذا المعهد، الذي صنعته اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة، لقد أثبتت الوقائع أن الذين يخشون اللوبي الإسرائيلي هم كثر، ويمكننا القول: إن عامل الرعب من اللوبي الإسرائيلي لايفرق بين حزب وآخر أو بين جماعة وأخرى، وتتفاخر اللجنة الأميركية الإسرائيلية بأنها أقوى لوبي مؤثر في السياسة الخارجية للولايات المتحدة وقد برهنت على تأثيرها الهائل مراراً وتكراراً في الكونغرس وفي غير الكونغرس وقد برهنت أحداث الأسابيع الفائتة قضية فريمان على أن الإسرائيليين واللوبي التابع لهم بارعان في تدمير واغتيال الشخصية، ومخجل جداً أن نرى الرئيس أوباما يستسلم ويذعن لذلك.