تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مُحسـن عبد اللطيف حسـن..يعـــــوم في «نهــــــر إميليـــــا» بســــت عشـــرة قصــــة

ثقافة
الثلاثاء 25-8-2015
علي الراعي

ليس من جنسٍ إبداعي، يُمكن له أن يصير مُنجزاً، ومنتهياً، فكلُّ الأنواع الإبداعية قابلة للتجريب بشكلٍ مستمر، وإن حصل، واقتربت من خواتيمها، فهي غالباً ما تذهبُ في شكلٍ جديد لا يبتعدُ عن منابعها. ولعلّ القصة القصيرة، ولأنها حديثة العهد في سردها عربياً - في سورية على سبيل المثال، تمّ الاعتراف بها خلال أربعينات القرن الماضي - من هنا لايزالُ هذا النوع الإبداعي بمثابة مخابر واسعة للتجريب السردي.

ومناسبة هذه المقدمة هي المجموعة القصصية «نهر إميليا» للكاتب مُحسن عبد اللطيف حسن، الصادرة مؤخراً عن دار أرواد بطرطوس، والكاتب مُحسن، من الأدباء الذين يُمكننا وصفهم بـ «الشعراء الغزيري النتاج الإبداعي» فقد أصدر حتى اليوم ما يُقارب من عشر مجموعات شعرية، استراح خلالها بكتابة المقالة الصحفية حيناً، وطوراً بكتابة الرواية، وها هو اليوم يخوض مجال القصة القصيرة، حيث استفاد الكاتب في سرد هذه المجموعة القصصية من كلّ ما سبق وقدمه في نتاجه الأدبي، فجاءت قصصه مفعمة بالروح الشعرية والشاعرية، الأمر الذي أخرجها في بعض قصص المجموعة من مجال القصة القصيرة، أو كانت مجالاً لأن يُدخلها في التجريب القصصي، من خلال تلك القصة التي تمشي على التخوم بين الروي والشعر، من هنا نتفهم هذه «الأحداث» الخفيفة، التي شكلت بأقل مايمكن من الحكاية لتكون فحوى القصة القصيرة، فيما كانت اللغة التي خوّض بها الكاتب لعبته الفلسفية والذهنية بذاك التداعي من التراكيب الغريبة في بعض الأحيان.‏‏

ذلك مما اشتغل عليه الكاتب في نصوصه الشعرية لوقت طويل، تلك القصائد التي ذهبت بها صوب التداعي الذهني، وهي تلبس قمصاناً من السريالية والرمزية، وهذا ما وشى به نصوص قصصه الستة عشر، تلك النصوص التي ناست بين تراكيب سوريالية مدهشة وغريبة كما أسلفت، وبين رمزية شعرية قابلة للكثير من التأويل، لكنها اشتركت جميعها بهذا «الحدث الخفيف» إن صحت التسمية، وكانت أكملها كقصة قصيرة في قصتين، القصة الأولى من المجموعة التي أخذ من عنوانها ليكون عنواناً للمجموعة كاملة، و أقصد قصة «نهر إميليا» وقصة أخرى جاءت على شكل متوالية قصصية وهي «صهوة الملح» وما بين القصتين تراوحت القصص بين القصة القصيرة جداً، وبين القصة الرمزية والفلسفية المفعمة بالتراكيب الشعرية.‏‏

في قصة «نهر إميليا» يستدرج الكاتب الذاكرة، لتفتح أدراجها الوردية، لتروي حكاية حبٍّ خفيفة، وخلالها تُشارك كل مفردات الطبيعة الشخصية الساردة كل تفاصيل هذه الحالة العشقية، من دروب ضيقة، وضفة نهر، وشجرات كينا شاهدة، ومن ثمّ لتذهب حالة السرد صوب جغرافيا بيئية، أصبحت بحكم المشتهاة في ضباب الذاكرة، هنا تصير النباتات البرية حاضرة على قبلٍ مسروقة تهرب كأوراق شجر الخريف، أو تأتي سريعة كغيومٍ بيضاء على الأصابع.‏‏

أما في قصة «صهوة الملح» فإن القصة هنا أقرب لسرد حالة كونية لهذا الكائن الإنساني المحكوم بحالات قدرية يصير معها ريشة في مهب ريحٍ كانونية، ورغم متواليتها وتقسيمها إلى فصول، غير أنه يُلخصها عنوانها الموارب والمخاتل رغم شاعريته «صهوة الملح» فهذا الكائن الطامح دائماً لارتقاء الصهوات التي توحي بالارتفاع والصلابة، غير كل تلك الارتفاعات لا تعدو غير صهوات وهمية ملحية، تذوب وتنتهي بأقل كمية ماء.‏‏

في مقدمتها لمجموعة «نهر إميليا» تذكر الناقدة هناء إسماعيل: تنوّع موضوعات المجموعة من حيث الظاهر، غير أنها يجمعها خيط فكري يكاد يجعل منها حبات لمسبحة واحدة هي ذات القاص الذي يميل في المجموعة كاملة إلى مساءلة الواقع والبحث فيما وراءه طلباً للقبض على أجوبة كونية رسمت حياة الإنسان من الأبد وتسير معه alraee67@gmail.com"المُنتهى.‏‏

alraee67@gmail.com‏">إلى‏

alraee67@gmail.com"المُنتهى.‏‏

alraee67@gmail.com‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية