تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إلى من يهمه الأمر .. أودية عبقر.. الموت جوعاً

ثقافـــــــة
السبت 27-8-2011
يوسف المحمود

تلك هي الحال، بما وجدنا أنفسنا أواخر عشرينيات القرن العشرين،في مواليد، سنة 1921، في أول إحصاء أجرته فرنسا، سنة 1923 أواخر عشرينيات القرن العشرين، وعينا ذلك، أم لم نعه ؟

إذ ما إن كاد الناس يتنشنشون، حسب قولهم، من عقابيل حرب الأربعة عشر العالمية: الموت جوعاً ومرضاً، وسوقاً إلى الحرب، حتى وجدوا أنفسهم. أول ما يحصون عدداً.‏

يسجلون مواليد، ذكوراً وإناثاً. الذكور يسمون مكلفين. أحدهم يحمل تذكرة نفوس، حتى لو كان نائماً، حسب قول التحصل دار، الياس حنا ديب، في فراش امرأته. ناهيك بأن يفلح أو يحصد في حقل، أو ماشياً في الضيعة على درب !‏

وعليه، بموجب هذه التذكرة، إذا ما دخل السنة الثامنة عشرة، أن يدفع ضريبة سنوية عن رأسه. كما عن رؤوس الماشية الغنم والماعز والجمال !‏

وكما نحن كرعاة دواب البيت. البقرة الحلابة- الجلابة. والعجل يكبس للفلاحة، ابن سنتين ونصف السنة. في الأرض البور. أو في الحقول، عقب الحصاد. أو قطاف الدرة البيضاء. كنا نشاهد الهيئة الاختيارية، في الضيعة.‏

ومن يختار من أصحاب الذمة والدين والخبرة، يمسحون الأرض البعل. هذه القطعة من الأرض السليخ، بحدودها شرقاً وغرباً، قبلة وشمالاً. كم تبذر ؟ وكم تغل؟‏

والفلاح، فيما ندر، يملك شيئاً من تلك الأرض. أو يأخذها بالمزارعة.‏

يجادل عن غلتها. قلما ترد بذارها. إن لم يستطع الجدال في مساحتها. لأن صاحب الأرض، يحاسب الفلاح بما قدرت غلتها. دونما مراعاة، لآفات زراعية. الحنطة، في بذار غير معقم، قد تحمر على الزهر. العدس والكرسنة تسبع، أو تضب. والدرة البيضاء. قد تزين على العقاد. إذ اندقر العرنوس يابساً. هرهر منه، ما يعمي العين، غبار يشبه النيلة. يطير بالهواء ولا يذوب بالماء!‏

وبذلك، فكثيراً ما كان الفلاح، يرجع عن البيدر. بما كان قد جلب إليه من البيت: بالنورج على ظهره. بالنير على عنقه. وبالمعقالة على كتفه. لم يحصل، في قوله، على رغيف يأكل به تيناً. إذا الله طعم!‏

والتينة، إذا الله طعم، في ناحية من هذه الأرض. فقاعها لم يصقع بالغيم والرطوبة، ولم تحلزن ورقاً وثمراً. التينة، كما الدالية، على زعرورة، سنديانة، بلوطة، أوشزريقة. قريبة من البيت أو بعيدة. فإن صاحب الأرض يقدرها عليه، كما يقدر الزيتونة خبأ. بما لو اشترى من بياع، عنباً أو تيناً، أو زلابية، كان أرخص أرخص له !‏

والتوتة، إن كانت في رأس الجبل الغربي، مطلة على شط البحر. أو كانت التوتة في كفرون سعاده. أو في عيون الوادي. أو في وادي حزور، إلى مصياف، وشمالاً إلى دير ماما، وعين الكروم. فإن صاحب الأرض، يحضر قزها، من لدن تشليع الصمده، إلى أن تحل على الدولاب. أو تباع قزا. لايسمح للفلاح، بشرية حلاوة القز، المنتظرة من الموسم إلى الموسم. بل يقول كاذباً، إنه سيشتري بالمصاري من كيسه، تلك الحلاوة للأولاد!‏

ومع ذلك، فإنهم كانوا يمنون على الفلاح، أنه لا يموت محروماً ولافقيراً ما صار هذه السنة، يصير السنة الجاية!...‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية