كما اظهر خطاب اوباما الذي دعا فيه الفلسطينيين الى التخلي عن خيارهم الاممي والعودة الى المفاوضات كونها الطريق الوحيد لتحقيق السلام ،مدى استخفاف الرئيس الاميركي بالعقل العربي والفلسطيني الذي بات على قناعة تامة بعدم جدوى اي مفاوضات مع الجانب الاسرائيلي الذي لم يقدم للشعب الفلسطيني منذ نحو ستة عقود إلا الموت والحصار والدمار والمزيد من الاستيطان .
اوباما في خطابه الاستعراضي ذاك لم ينقلب على وعوده وعهوده التي قطعها على نفسه بتحقيق السلام في المنطقة والتي اطاحت بها اسرائيل جميعا فحسب .. بل انقلب على المجتمع الدولي والامم المتحدة عندما قال: إن قرارات الاخيرة لن تجلب السلام الى المنطقة ،وهذا ما يدفعنا الى سؤال رئيس اقوى دولة في العالم لطالما ادعت سعيها الجاد لتحقيق الامن والسلم في العالم .. عن كيفية تحقيق السلام دون المرور بالأمم المتحدة وتطبيق قراراتها .. هل يكون تحقيق السلام من وجهة نظر الرئيس الاميركي عن طريق المفاوضات التي لاتزال تلتهم الحق الفلسطيني بشراهة ونهم والتي لم تعد للفلسطينيين شبرا واحدا من ارضهم المحتلة على مدار عقدين من الزمن ؟ .. ام هل يكون تحقيق السلام على الطريقة العراقية او الليبية ؟ .
ان المقايضة التي تقوم به الولايات المتحدة الاميركية في كواليس الجمعية العامة للأمم المتحدة بالنيابة عن اسرائيل والتي تأخذ طابع الابتزاز الرخيص للجانب الفلسطيني لثنيه عن قرار المطالبة بعضوية كاملة لدولة فلسطين في الامم المتحدة .. تعكس استمرار تلك المنهجية الاميركية التي لم تغير أياً من قواعدها الاستراتيجية او التكتيكية القائمة على الدعم المطلق لإسرائيل والانحياز الكامل لها الذي يستوي في كثير من الاحيان الى حدود الانصياع لإرادتها والانسياق وراء اهوائها ، وهو الامر الذي يتطلب من الشعب الفلسطيني مزيدا من التكاتف واللحمة الوطنية للصمود في وجه تلك التهديدات والضغوطات الاميركية والاسرائيلية التي ستزداد شراسة في الايام القادمة .