اللغة الرمزية - الثاني: منظومات الفكر الغنوصية - الثالث: الغنوصية والعقل الكلاسيكي.
وجاء في التقديم أن الغنوصية مبدأ يقول بأن الخلاص الروحي لايتحقق إلا من خلال المعرفة الباطنية وسبقت هذه العقيدة في ظهورها المسيحية وازدهرت في القرنين الأول والثاني بعد الميلاد وكانت مثال جدل كبير.. ويرى الكثيرون بأن الغنوصية هي نتاج للتلفيقية التي نشأت عن التفاعل مابين الفكر الهلنستي والمعتقدات والأفكار الشرقية، البابلية والمصرية والفارسية والهندية من جهة وبين اليونان بفلسفتها التي أثرت بقوة في الغنوصية والمفاهيم الأفلاطونية التي تركز على التضاد مابين المادة والروح والنظرية الرواقية التي تقول بأن كل شيء خاضع لشرارات العقل الإلهي الذي يحتوي في كل شيء في داخله، والأفكار الفيثاغورثية الجديدة من جهة ثانية.
وجاء على الغلاف: يعتبر كتاب (الديانة الغنوصية) أول دراسة مستفيضة أتاحت لنا التعرف على ميثولوجية ضخمة, قدمتها لنا نصوص «نجع حمادي القبطية» في مصر والكتابات المندائية الآرامية في جنوب وادي الرافدين, التي حددت لنا منشأ وماهية الغنوص الذي عاصر المسيحية في قرونها الأولى وانتشر في بلاد الشرق ومصر والهلال الخصيب, امتداداً إلى الصين وأوروبا عبر طوائفه المتعددة, إلى أن بدأت هذه العقيدة بالتلاشي والاضمحلال حين باشرت الكنيسة أواسط القرن الثاني, حملة واسعة ضد الطوائف الغنوصية المسيحية واعتبرتها هرطقات (بدع) ينبغي مكافحتها بكل الوسائل, حتى زالت تماماً بظهور الإسلام في القرن السابع ولم يتبق منهم اليوم سوى المندائيين الذين هم آخر الغنوصيين في العالم.
لم يجرؤ أحد من الكتاب المعاصرين الخوض في هذا المجال سوى العالم والفيلسوف الألماني هانس يوناس الذي قدم لنا بحثاً متكاملاً عن مفهوم الغنوصية بيّن فيه نقاط الاختلاف والتماثل بين الغنوصية الشرقية المتمثلة بالمندائية والمانوية وجماعة الكيساي المتأثرة بالأديان الثنيوية الفارسية ذات الطابع البابلي وبين الغنوصية السورية - المصرية مثل جماعة سيمون ماغوس ودوستيوس وفالانتينوس المتأثرة بالهرمسية والأفلاطونية.