وكًتاب (الثقافة الوطنية ودورها في تحقيق النصر)، إعداد وتوثيق: نزيه الخوري، والصادر مؤخراً عن الهيئة العامة السورية للكتاب، قدم بين دفتيه عرضاً للمحاور التي سيقت في الندوة الوطنية التي حملت الاسم نفسه، وعُقدت في مكتبة الأسد الوطنية في يومي 26 – 27/11/2017 وتصدى لها عدد من الأساتذة، وهم: (د. عاطف البطرس- أ. علي القاسم – أ. بديع صقور – أ. عطية مسّوح – أ.
محمد البيرق – د. عبد اللطيف عمران – د. حسين جمعة – د.مصطفى الكفري - أ. حسن م. يوسف - د. إسماعيل مروة - د. عبير عرقاوي - د. صلاح الدين يونس). ونحن في هذه العُجالة سنقف عند بعض من المحاور.
جاء في كلمة وزارة الثقافة أن هذه الندوة بيوميها ومحاورها المتعددة تأتي لتغطية العديد من جوانب الثقافة الوطنية، بغية تعزيزها، ودراسة الجوانب التي اعتورها وهن، أو ضعف، وتعزيز الثقافة الوطنية الإيجابية التي تغير وجه ما رأيناه لتبدأ عملية الخروج من الأزمة.
افتتح د. عاطف البطرس محوره (الانتماء من الغريزة إلى الوعي) باختصار التعاريف المتعددة للثقافة بكلمتين هما: الثقافة طريقة حياة، ونمط تفكير؛ لينتقل بعدها للحديث عن الحاجات الأساسية الراهنة المحددة لوطنية هذا الإنسان أو ذاك، والعلاقة الجدلية بين الوطن والمواطن والتي لا يمكن فصلها في الحديث عن الوطنية، مؤكداً في ختام محوره ضرورة العمل على تعزيز شعور الانتماء إلى مفهوم الدولة القائم على وحدة الوطن، وأهمية إيجاد خطة تنمية شاملة طموحة تشاركية لا تتعلق فقط بالبنى التحتية، وإعادة إعمار ما هدم، بل أيضاً تتعلق بإعادة إعمار الإنسان الذي نحن بحاجته أولاً وأخيراً.
ورأى الأستاذ علي القاسم في محوره (إشاعة ثقافة الحوار) أن الحوار لا يحتاج إلى أدوات بسيطة معتادة، بقدر ما يستلزم الخوض في سياقات مزدوجة تكون فيها التجربة معياراً، والتراكم المعرفي أساساً، والوعي الاجتماعي حاملاً طبيعياً وما عدا ذلك يبقى مجرد عبث سياسي مهمته إشغال الوقت، واستخدامه في شقه الدعائي وبلغة شعاراتية لا تقدم شيئاً معرفياً. وخلص القاسم في ختام محوره إلى جملة من النقاط القابلة للنقاش ومنها أن ثقافة الحوار بوصفها سلوكاً طبيعياً فهي بحاجة إلى ظروف موضوعية لإنضاجها، والحوار ليس حالة مجردة من عواملها الذاتية، وينبغي أن يُنظر إليه على أنه حالة حضارية، وأن يتسم بأعلى درجات القبول للآخر، وأن يكون هناك انسجام بينه وبين الثقافة التي ينتجها وإلا كان الحوار غير مجدٍ ولا يمكن الأخذ بالثقافة التي ينتجها، إضافة إلى أنه ليس كل ما ينتج عن مخرجات الحوار يكون ناضجاً بما فيه الكفاية، ويمكن اعتباره مسلمة من مسلمات النقاش.
ودعا الأستاذ محمد البيرق في محوره (إعادة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة) إلى العمل على إيقاظ روح الانتماء لبلد أرهقته الحرب لسبع سنوات وذلك من خلال الاجتهاد بالعمل المؤسساتي، وتفعيل عمل المنظمات، والتمييز بين الآثار الناجمة عن الأزمة والآثار المفتعلة من داخل المؤسسات. ومن ثم تنفيذ المشروع الوطني للإصلاح الإداري الذي أطلقه السيد الرئيس بشار الأسد ليكون بحق اللبنة الأساسية في بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات الحكومية. مؤكداً في الختام أهمية العمل بتشاركية مع الإعلام كي يكون الجسر الشفاف الواضح ما بين الحكومة والمواطن.
وتطرق د. عبد اللطيف عمران للحديث عن الفكر النقدي في محوره (ترسيخ ثقافة الفكر النقدي) معتبراً أن هذا الفكر موجود بين جوارحنا وفي شجوننا بيد أن تجلياته الموجودة مؤسساتياً محدودة وضعيفة. ورأى أن من مستلزمات هذا الفكر الثقة التي لا تناهض الشك، والتواضع الفكري، والانفتاح على الآخر وتجاربه وإمكاناته واستراتيجياته المكملة والمناقضة معاً. مؤكداً في ختام محوره أن التفكير النقدي بحاجة إلى الترسيخ أولاً، والتنمية والتطوير ثانياً، كما أنه بحاجة إلى متلقٍ إيجابي فاعل وقادر على الفرز والتمييز لأنه ضمانة من الوقوع في فخ التضليل الإعلامي، وهو الذي تزداد أهميته في أوقات الصراعات والحروب، وعندها لا شك يكون ذا حدين إذا لم يصقل بالثقافة والوعي والانتماء.
يقع هذا الكتاب في 224 صفحة من القطع الكبير.