تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بوح المساء

ملحق ثقافي
2018/10/2
هيام خيربيك

تلك اليمامة البيضاء بحرية العينين التي كانت...

كل ما يشغلها أن تعانق نسمات غربية تحمل عبق الموج كل صباح.. تراقب مراكب الصيادين وتغزل في روحها حكايا عن حوريات وعشاق.. تتمنى أن يمسها من عواطفهم شيء.‏

تهرب من صخب الحياة وسوء البشر وفقر السعادة الى طاولتها تلك في المقهى ذاك... تواجه بحرها... تسر له شوقاً إلى حلم طال به الزمن.‏

في ركنها ذاك تحضر قهوتها كأصدق من صادقت وأبعد ما حلمت. إلى أن اقتحمت تلك العيون كيانها. انقلب العالم. لم يعد للقهوة ذات الطعم ولا للبحر نفس اللون.. ولا لطاولتها نفس الهدوء...‏

وتلك العاشقة.. اليمامة البحرية جلست صباح اليوم هذا في موقفها هو. ولم يكن هو هو. هناك كانت رائحة عطره، علبة السجائر، وتلك القبلة على خدها، يوم توجها سيدة البلاط.‏

بسمة جبين.... وعود.. وعمر بدأ يوم العمر شارف على الغروب.‏

صباح اليوم..جلست هي معه، رغم المسافات، رغم المسافات ...جلسا معاً. صامت هو كفرح تلاشى. مشغولة هي بدفق مستعرٍ من العتب. أي شيء فيه ستعاتب. تلك العيون الساكنة عمق قلبها.. أم الجبين الذي تفتح على وقع ابتسامته عمرها.. أم تلك الأصابع التي صاغت لها شلالا من السحر. من أين تبدأ وكل ما فيه كان ذكرى...‏

أيقظها صوت (قهوتكِ سيدتي).‏

قهوة...؟؟؟‏

سادة.. وثقيلة. وبوجه وبسمة تبعت الذكرى. كيف تنساب عهود على وقع تلك الرائحة وأنغام (عيناك ليالٍ صيفية).‏

تراها كانت قصيرة العمر كما هما. أقُدِر لتلك العيون أن تدمن الضياع.. وهل يستحق الوقت أن يُعاد ولو بذكرى.‏

وقررتْ أنْ: كن ما شئت.. لن أكن إلا يمامة نقية ما كنتَ تستحق رائحة قلبها.. الجنة.‏

لا شيء يعلو (رائحة قهوة ونوارس وحلم)‏

صباح لا يشبه ما قبله.. ولن يشبه ما بعده. صباح الخير لمرآة تعاتبني... أن كيف تنسين. لصوت فيروز يتهادى لا كما تعودته. لصورة أدمنت تفاصيلها حد التوحد. لجرس إلهي يدق في ثنايا قلبي.. أن استيقظي.‏

صباح الخير يا أنا... أن كوني أنا.‏

في تفاصيل التفاصيل نتلمس حجم الحب. وعمق الشغف.‏

يوم يسكن الحزن عينيك لكلمة.‏

أي قيمة لأي قيمة، إلا أنت.‏

أجمل العمر.. بل كل العمر.. نعم أنت. أشتاق إلى نفسي، تلك البهية الحالمة بفرح قادم في اللانهاية. يوم لم يكن للخوف وقت...‏

أشتاق بعداً عن المرضى بحمى الهلع من الخير والجمال وبياض الروح..‏

أشتاقكَ أنت:‏

وسادة روحي البعيدة.. وموطن راحتي ونعيمي. كيف لا أعرف أنه.. أنت. يوم يضج الكون من حولي بكل ألوان الجنون البشري وتنقلني همسة منك الى نعيم السكينة. تمدني نظرة منك بطمأنينة ساحرة.. آسرة. نعم.. إنه أنت..‏

بعض من الله يسري في روحي.. نهار يطوي نهاراً.. وليل ثقيل الخطى.. بعيدُ الفجر كدهر من رحيل. ولا مُستَقر لروح أتعبها الشوق.. وأنتَ أيها البعيد القريب.. أبعد من البعييييد. تشتاقك الأماكن.. والنوارس تشهد. أخاف أن أعيشك.. فرحاً. انسكاب عطر إلهي ما تعودته قبلاً. تأتيني في غياب الوقت.. لتصوغ أحلامي المزمنة واقعاً بين يدي لهفتي.‏

نعم.. أخافك فرحاً في غير أوانه.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية