تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في الذكرى الـ 49 لإحراق الأقصى ..الحرائق أكثر اتساعاً وفلسطين تلثم جراحها وتشد على زنادها المقاوم.. ترامب يشعل نار طبخة «صفقة القرن» والأعراب حمالو حطب تصفية القضية الفلسطينية

الثورة - رصد وتحليل
أخبــــــار
الثلاثاء 21-8-2018
تماشياً مع منطلقات الايديولوجيا الصهيونية الموغلة بالإجرام والحقد والعنصرية والمتعطشة دائماً لسفك الدماء والنيل من المقدسات والسعار الاسرائيلي لسرقة الاراضي العربية واللهاث المحموم لمحو التاريخ العربي والإسلامي من القدس المحتلة تمهيدا لتهويدها بالكامل جاءت جريمة احراق المسجد الاقصى التي غذتها افكار موغلة بالعنصرية والحقد على الآخر؛

ولا تزال هذه الجريمة الى الآن وبعد مضي 49 عاماً على ذكراها تحفر في الأذهان ذكرى أليمة في تاريخ الأمة المثخن بالجراح فقد حاول الكيان الصهيوني من خلالها تدمير المسجد الأقصى المبارك لكنه فشل في ذلك واستطاع للأسف الشديد أن يُخرّب أجزاء مهمة وتاريخية منه، ومن يومها والاحتلال يسعى إلى تحقيق هدفه وطمعه الذي مازال يُراوده وهو بناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى المبارك، لكنه ريثما يتحقق له ذلك فإنه يتدرج في مصادرة ونهب الأراضي ومخططات التهويد وتكريس الواقع الاحتلالي حول الأقصى ويمعن في تنويع الوسائل والأدوات لاقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وطرده منها وتمارس عصاباته الإرهابية عمليات حرق الابرياء والمنازل وبيوت العبادة وكل ما وصلت وتصل إليه أياديهم.‏

وتأتي الذكرى الـ 49 لإحراق المسجد الاقصى في ظل تطورات خطيرة تتعلق بالقرار الأمريكي الجائر باعتبار القدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال تماهيا من الادارة الامريكية الحالية مع سياسات الاحتلال التهويدية الإلغائية للوجود الفلسطيني وانغماسا من ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب مع جرائم اسرائيل المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني تمهيدا لتمرير صفقة القرن المشؤومة بتآمر وخيانة انظمة اعرابية لشطب حق العودة وتصفية القضية الفلسطينية في ظل رفض الفلسطينيين للصفقة المشؤومة وتصميمهم واصرارهم على النضال سبيلا للتحرير يساندهم محور مقاوم ذخيرة نصرهم وصمودهم.‏

ففي 21 اب من العام 1967 قام الإرهابي الصهيوني من اصل أسترالي «دينيس مايكل» وبدعم من العصابات الصهيونية العنصرية المغتصبة للقدس بإحراق المسجد الأقصى المبارك في جريمة تعتبر من أكثر الجرائم إيلاما بحق الأمة وبحق مقدساتها حيث قام بإشعال النيران في المسجد الأقصى فأتت ألسنة اللهب المتصاعدة على أثاث المسجد وجدرانه ومنبر صلاح الدين الأيوبي التاريخي الذي أعده القائد صلاح الدين لإلقاء خطبة من فوقه لدى انتصاره وتحرير بيت المقدس كما أتت النيران الملتهبة في ذلك الوقت على مسجد عمر بن الخطاب ومحراب زكريا ومقام الأربعين وثلاثة أروقة ممتدة من الجنوب شمالا داخل المسجد الأقصى.‏

و بلغت المساحة المحترقة من المسجد الأقصى أكثر من ثلث مساحته الإجمالية، حيث احترق ما يزيد على 1500م2 من المساحة الأصلية البالغة 4400م2 وأحدثت النيران ضررا كبيرا في بناء المسجد الأقصى المبارك وأعمدته وأقواسه وزخرفته القديمة، وسقط سقف المسجد على الأرض نتيجة الاحتراق وسقط عمودان رئيسان مع القوس الحامل للقبة كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب والجدران الجنوبية وتحطم 48 شباكا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبص والزجاج الملون، واحترق السجاد وكثير من الزخارف والآيات القرآنية؛ وقام الاحتلال المتواطئ مع المجرم دينيس بقطع المياه عن المنطقة المحيطة بالمسجد في نفس يوم الحريق وتعمَّدت سيارات الإطفاء التابعة لبلدية القدس التي يسيطر عليها الاحتلال التأخير؛ حتى لا تشارك في إطفاء الحريق، بل جاءت سيارات الإطفاء العربية من الخليل ورام الله قبلها وساهمت في إطفاء الحريق.‏

وقد كانت جريمة الاحراق من أبشع الاعتداءات بحق الحرم القدسي الشريف كما كانت خطوة صهيونية فعلية في طريق بناء الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى وقامت محاكم الكيان الصهيوني بتبرئة ساحة المجرم الاسترالي بحجة أنه «مجنون» !! ثم أطلقت سراحه من دون أن ينال أي عقوبة أو حتى إدانة!!‏

وصرح المجرم دينيس مايكل لدى اعتقاله أن ما فعله هو واجب «تلمودي» كان ينبغي عليه فعله، وأعلن أنه قد نفذ ما فعله كمبعوث من الله!!‏

وعلى الرغم من أن الدلائل وآثار الحريق كانت تشير إلى تورط مجموعة كاملة في الجريمة وأن هناك شركاء آخرين مع الارهابي الصهيوني دينيس إلا أن قوات وشرطة الاحتلال لم تجر تحقيقا في الحادث ولم تحمل أحدا مسؤولية ما حدث وأغلقت ملف القضية بعد أن اكتفت باعتبار الفاعل مجنونا !!‏

أحدثت هذه الجريمة المدبرة من قبل مايكل دينس روهن فوضى في العالم وفجرت ثورة غاضبة خاصة في أرجاء العالم الإسلامي، في اليوم التالي للحريق أدى آلاف المسلمين صلاة الجمعة في الساحة الخارجية للمسجد الأقصى وعمت المظاهرات القدس بعد ذلك احتجاجاً على الحريق، وكان من تداعيات الحريق عقد أول مؤتمر قمة إسلامي في الرباط بالمغرب.‏

القدس تحت مقصلة‏

التهويد والتزييف التاريخي‏

تتعرض القدس المحتلة اليوم لهجمة وحشية صهيونية ويتعرض المسجد الأقصى خصوصا لعدوان متواصل عبر استباحته وخنقه بالكنس الصهيونية وناطحات السحاب والحفريات تحت أساساته والسعي لتحويل باحاته لحدائق ومتنزهات عامة يرتادها الصهاينة .‏

فمنذ وقوع الشطر الشرقي لمدينة القدس في قبضة الاحتلال في اليوم الثاني لعدوان حزيران 1967، دأب العنصريون الصهاينة على اقتحام ساحة المسجد بين الحين والآخر وتدنيسها من خلال إقامة حفلات الرقص والمجون بداخلها ولربما أن اقتحام الإرهابي الصهيوني الأرعن آرئيل شارون مع نفر من أعوانه في 28 أيلول 2000 ساحة المسجد تحت سمع وبصر حكومة حزب العمل الصهيونية التي كان يرأسها آنذاك الإرهابي الصهيوني الآخر أيهود باراك كان الأسوأ من نوعه والأكثر استفزازاً وتحدياً لمشاعر العرب والمسلمين بمن فيهم الفلسطينيون إذ شكل الشرارة التي أشعلت فتيل الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الثانية التي حملت اسم انتفاضة الاقصى.‏

طوال تسعة وأربعين عاماً من احتلال الشطر الشرقي لمدينة القدس ظل المسجد الأقصى بشكل متواصل من أولويات أهداف التغيير عند سلطة الاحتلال وقد اتخذت عمليات تغييره أشكالاً مختلفة منها العبث بمحيطه وباطن أرضه وجدرانه وكل شيء فيه، والتحدي السافر لرواده وعمليات الاقتحام المتتالية له التي قام بها «الإسرائيليون» وما زالوا يقومون بها بشكل أحمق ومجنون حتى أيامنا هذه.‏

لقد بدأ العنصريون الصهاينة حملاتهم التغييرية والتهويدية للمدينة المقدسة مع لحظة وقوع الشطر الشرقي لمدينة القدس في قبضة الاحتلال في 6 حزيران 1967، وتواصلت هذه الحملات في ظل حرب الإبادة الجماعية المستمرة التي يواصل جنود الاحتلال شنها ضد الفلسطينيين بطريقة عدوانية سافرة وغاية العدو جلية واضحة وهي هدم المسجد وإقامة ما يسمى بالهيكل المزعوم ولعل السيناريوهات المطبوخة لتبرير الهدم قد أعدت وهي في انتظار التنفيذ الإجرائي .‏

وجاء فيما بعد بناء جدار الفصل العنصري في ظل استمرار المطامع الإسرائيلية التوسعية وفي ظل انحياز أميركي وتواطؤ أوروبي وخضوع كامل لاعراب النفط والبترودولار للإملاءات الأميركية الاسرائيلية المشتركة.‏

والآن فإن مخططات الهدم والتهجير القسري للمقدسيين في مدينة القدس ومحيطها، تتم بخطوات متسارعة لجعلها مدينة يهودية خالصة، في سياق المشاريع الصهيونية الهادفة لإحداث الانقلاب الديمغرافي لمصلحة أغلبية صهيونية، على حساب الوجود العربي ، وإفراغ القدس الشرقية المحتلة من العرب حتى عام 2020، وبناء ما تسميه مصادر الاحتلال بالجدار الديمغرافي الصهيوني .‏

واستمراراً لسياساتها التهويدية دأبت سلطات الاحتلال على توجيه الإنذارات والإخطارات لأصحاب الأراضي والمنازل العربية، في مختلف مناطق القدس وحتى داخل أحيائها القديمة، وذلك لتطويق المدينة من جميع جهاتها بعد توسيع حدودها الإدارية التي باتت تعادل ربع مساحة الضفة الغربية، من أجل تثبيت ملكيتها لجهات استيطانية.‏

الأقصى في عين الاستهداف الصهيونـي‏

في هذه المرحلة المفصلية التي يمر فيه الأقصى الأسير تتركز المخاطر حول ثلاثة محاور لها تفصيلاتها وتفريعاتها.‏

المحور الأول فهو مخطط التقسيم الذي تندرج تحته ممارسات الاحتلال الى تفعيل اقتحامات ممنهجة للمسجد الاقصى وتدنيسه، كخطوة عملية اولى في مخطط التقسيم، ويتفرع عن هذا المحور اقتراح شرعنة الاقتحامات والبناء عليها لتمرير اقتراح قانون لتقسيم الاقصى زمانيا ومكانيا وتشريع الطقوس التلمودية، كما يتفرع عنها بناء كنيس صهيوني على أجزاء من الاقصى، يشكل مع مرور الوقت ركيزة لبناء هيكل مزعوم، ومما لا شك فيه ان الاحتلال وضمن هذا المخطط يحاول رفع القدسية عن كامل مساحة المسجد الاقصى وتحويل أغلبها الى ساحات عامة.‏

المحور الثاني هو الحفريات الاسرائيلية أسفل المسجد الأقصى وفي محيطه الملاصق، فقد بتنا اليوم أمام شبكة مخيفة من الأنفاق التي حفرها ويحفرها الاحتلال التي وصل اليوم مجموع طولها الى نحو 3000 متر تبدأ من أواسط بلدة سلوان جنوباً، وتمر أسفل الاقصى وتصل الى منطقة باب العامود شمالاً، أما العمق، فإن الاحتلال نفسه اعترف انه وصل بحفرياته الى أعماق أساسات المسجد الاقصى، ناهيك عن الحفريات في مستوى الارض ، هذه الحفريات بمجملها تهدد سلامة ابنية المسجد الاقصى.‏

ويشكل تهويد المحيط الملاصق والمجاور للمسجد الاقصى المحور الثالث وفي مقدمته المشروع الشامل لتهويد منطقة البراق، غربي وجنوب الاقصى، وعن هذا المحور يتفرع تطويق الاقصى بنحو 100 كنيس ومدرسة تلمودية والشروع والتخطيط ببناء ثمانية أبنية عملاقة حول الاقصى تحت عنوان مرافق الهيكل المزعوم وكذلك المسارات والحدائق التلمودية وعن هذا المحور تتفرع مشاريع الاستيطان حول الاقصى في البلدة القديمة بالقدس وجوارها القريب».‏

قرارات دولية في مهب الريح‏

اكد مجلس الامن في قراره الذي صدر في حزيران عام 1980ان مبدأ الاستيلاء على الاراضي بالقوة هو امر غير مقبول كما اكد معارضته للأعمال العدوانية التي تقوم بها «اسرائيل» في المدينة المقدسة واستنكر المجلس في العام نفسه ضم القدس المحتلة واعتبارها عاصمة لها وطالب كل الدول بنقل بعثاتها الدبلوماسية من المدينة المقدسة.‏

وجاء البيان الذي صدر عن مجلس الامن في حزيران عام 1998 وللمرة الاولى بإجماع اعضائه لمنع «اسرائيل» من توسيع القدس ليدل على انتهاك «اسرائيل» لقرارات الشرعية الدولية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية