المرحلة القادمة تقتضي إيجاد حلول عملية بعيداً عن الرؤى والنظريات التي تضعها هذه الجهة أو تلك وخاصة بعد أن ثبت أنه لا بديل عن القطاع العام لأنه أحد أسباب صمود الاقتصاد الوطني وكونه ضمانة لاستقلالية القرار الوطني والاقتصادي.
إعادة هيكلة القطاع العام الاقتصادي وتحديثه بما يسهم في بنائه على أسس قوية، وزيادة مساهمته في عملية التنمية وخاصة لمرحلة إعادة الإعمار يتطلب توافر بنية صلبة قادرة على تطوير هذا القطاع بما يتناسب والظروف الحالية والمستقبلية للاقتصاد السوري .
ومن هنا تأتي الرؤية التي وضعتها وزارة الصناعة والتي سيتم من خلالها تصحيح المسار والمساعدة في نهوض هذا القطاع من كبوته باعتماد المقاربة التنموية المبنية على أسس الاستدامة والانتقال من الإسعافي إلى التنموي ليساهم من جديد في عملية التنمية ككل وخصوصاً في مرحلة التعافي التي تتبع انتصار الجيش العربي السوري على الإرهاب.
الأمر يحتاج قبل أي شي إلى تأهيل الموارد البشرية المعنية بعملية إصلاح القطاع العام الاقتصادي ووضع خطة شاملة لإدارة التغيير وضرورة توسيع وتطوير مفهوم المرافق العامة الاقتصادية والمؤسسات المنوط بها إدارتها بما يتناسب مع التطور الكبير الذي حصل في أشكال المؤسسات العامة الاقتصادية وصلاحياتها ومهامها والاحتياجات التي تستجيب لها وآليات عملها والظروف التي تمارس فيها نشاطاتها.
لكن بالمقابل نحن بحاجة لقوانين وتشريعات مرنة على قياس هذا القطاع من شأنها إيقاف النزيف المادي للمؤسسات العامة وإصلاح مكامن الخلل في أدائها .
وإذا كنا نتطرق لإصلاح القطاع العام وشركاته، ليس لتحميل الدولة عبء هذا الاصلاح، وإنما نهدف الى لفت النظر الى بعض التجارب ضمن هذه الظروف الصعبة، وكيف تمكنت من العودة الى الإنتاج بإمكانيات متواضعة جداً وبقليل من السيولة، وبالتالي لابد من أخذ هذه التجارب بالحسبان ومد يد العون لبقية الشركات التي هي فعلاً تحتاج إلى دعم ومزيد من المرونة وإصدار تشريعات استثنائية تلائم ظروف عملها في هذه المرحلة الحساسة .