لم يستطع المرض أن يوقف دنقل عن الشعر حتى قال عنه أحمد عبد المعطي حجازي :»إنه صراع بين متكافئين ،الموت والشعر»...كلماته أشبه بالسفر إلى عوالم الغموض والتشتت من حلم إلى حلم في طريق مليء بالأشواك والهزّات والنكبات.
امتازت قصائده بأسلوب سلس وبلاغة في التعبير, جعلتها ترتقي إلى مراتب عليا أثّرت في الأوساط الأدبية من جيل إلى آخر. أمل دنقل بحث عن الحضور في زحمة الغياب عندما تجاهلته المؤسسات الثقافية الرسمية المصرية, ولاقى كثيرا من الصد في حياته، إلى أن رحل، ساعتها أدركت مصر أنها فقدت شاعرا كبيرا، فأقام المجلس الأعلى للثقافة احتفالية كبرى بمناسبة الذكرى العشرين لرحيله. وأصدرت أعماله الكاملة، وشريط «كاسيت» مسجلا عليه بعض قصائده. ظل دنقل غريبا في قومه غربة الأنبياء في أقوامهم.
رفض التصالح مع الأعداء «أبناء العمّ» الذين قتلوا الأطفال وذبّحوا البراءة, واستباحوا الأعراض, وشرّدوا الأبرياء، إنها الحرب التي تثقل القلب..يقول في قصيدته «لا تصالح»:
«لا تصالح على الدم.. حتى بدم لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟ أعيناه عينا أخيك؟ وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
عاش الشاعر أمل دنقل الأحداث المريرة التي نراها جليّة في أشعاره، وكان يناضل على واجهتين ممزّقا بين استفحال الوهن في جسده والواقع المضني.. لاشيء غير حرب المرض وحرب الرصاص و «ماكينات الموت» وأشباح العدم وروائح الجثث التي ملأت المكان.
اهتزّ وتأثر بما يحدث في فلسطين وتأوّه طويلا لضياع القدس ومفاتيحها على يد اليهود...بكاها كثيرا حتى فاضت الروح. رغم قلة نتاجه الشعري فإنه وبشهادة كبار النقاد واحد من كبار الشعراء المصريين والعرب.
له مجموعة شعرية كتبها خلال فترة مرضه، وهي بعنوان «أوراق الغرفة 8»، وقد جمع شعره في ديوان واحد بعنوان» ديوان أمل دنقل». توفي دنقل في القاهرة يوم 21 أيار سنة 1983، لتنتهي معاناته. وكانت آخر لحظاته في الحياة برفقة د.جابر عصفور وعبد الرحمن الأبنودي صديق عمره، مستمعاً إلى إحدى الأغاني الصعيدية القديمة، أراد أن يتم دفنه على نفقته لكن أهله تكفلوا بذلك.