ما جعله يحفر بصمته الخاصة عبر ما يجسد من شخصيات باجتهاده ودأبه على العمل للارتقاء فيما يقدم ، والهدف دائماً السعي نحو الأفضل والأبقى .. إنه الفنان يامن الحجلي الذي التقيناه في موقع تصوير مسلسل (نساء من هذا الزمن) ، معه كان لنا هذا اللقاء :
ـ أين تكمن خصوصية دورك في (نساء من هذا الزمن) ؟
اعتدنا في الدراما السورية أن يتم تقديم ابن العائلة الثرية على أنه شاب مغرور ما ينعكس سلباً على سلوكه وتصرفاته ، ولكن ما يميز شخصية ميار التي أجسدها في (نساء من هذا الزمن) أنه ابن عائلة ثرية جداً ولكن نرى الانعكاس الايجابي لهذا الأمر ، فهو شاب طموح وصاحب شركة معلوماتية ، ونلمس منذ البداية انتقاده للبطالة عند الشباب وللبيروقراطية وميله نحو التغيير وكسر الرتم الذي يعيق العمل حتى أنه يطرح على والده (وهو أحد أثرياء البلد) فكرة إقامة مشاريع انمائية . ويتورط ميار في قصة حب مع إحدى السكرتيرات اللواتي يعملن عنده ، ويصبح واحداً من أهم الشخصيات المعارضة خاصة أن الأحداث تدور مع بداية الأحداث والأزمة في سورية عام 2011 ، تتطور الأحداث ليصاب في النهاية من خيبة أمل . وعموماً يمكن القول أن العمل جريء لأنه يلج إلى موضوعات كان من المحظور طرحها قبل فترة زمنية .
ـ هناك اعمال تقدم الجرأة الحقيقية التي تغوص لعمق المشكلات وهناك ما يبقى ضمن إطار جرأة البزنس التي قد تصل حد الوقاحة ، فكيف للجمهور التمييز بين كلتا الحالتين ؟
في النهاية نحن صناع فن ، وأقبح ما في الفن التصوير الفوتوغرافي للحياة ، فإن أردنا تقديم حقائق حياتية ينبغي أن نقدمها ضمن قالب فني ، لأن التلفزيون يدخل لكل منزل ، وبالتالي لا بد أن نقدم الفن بأجمل صوره ، وحتى القبح ينبغي أن يُقدم بجمال وأدب وذوق ، وإلا فلماذا اسمه فن ؟.
واليوم نرى في الدراما كلا الوجهين ، وللأسف أرى أن الموسم الدرامي الأخير كان رديئاً على المستوى الفني ، لأنه بعد كل ما قدم فيه تستخلص خمسة أعمال جيدة فقط ، والمشكلة تبدأ أساساً من الطروحات المقدمة في النصوص ، أي من الورق فهو العامل الرئيسي شئنا أم أبينا لأنه المادة التي تناقشها عبر العمل، وأرى أن العمل المتقدم فنياً ليس الذي يحوي صورة جميلة وإخراجاً مبدعاً وتمثيلاً رائعاً ، وإنما الذي يضم فكرة هامة ويكملها كل من الإخراج والتمثيل .
مما لا شك فيه أن هناك أعمال للبزنس ، فعلى سبيل المثال أرى أن مسلسلات البيئة الشامية أساءت للذائقة العامة ، لا بل أساءت لشكل الدراما السورية التي وصلت للخليج وللمغرب العربي بأعمال معاصرة هامة ولم تصل بالشروال والخنجر والعكيد وشورابه !.. ولكن بالمقابل فالبيئة الشامية نوع بيّاع في الفضائيات ومن حق المنتج الذي يدفع الأموال أن يعيدها .
ـ كيف تبرر انتقاد الفنان لأعمال البيئة الشامية ومشاركته بها فيما بعد ؟
أنا ممثل وعندما أجد أن الموسم قائم على أعمال البيئة الشامية سأكون مجبراً على المشاركة فيها . والسؤال .. عندما يكون أمامك عدة أعمال معاصرة سيئة ، فأين ستذهب ؟ ومن هنا أرى أنه من حقي الطبيعي المشاركة في عمل شامي أجده لائقاً إلى حد ما ويدخل إلى بيوت الناس بشكل محترم ويطرح حكاية شعبية بشخصيات ليس فيها خدش للحياء أو اساءة ، وبالتالي أنا مضطر أن اتجه إلى أفضل الأسوأ ، ولكن عندما يكون هناك موسم درامي يحوي عشرين عملاً معاصراً يحاكون هماً حقيقياً وإنسانياً ، عبر نصوص جيدة إضافة للتمثيل والإخراج ، فعندها يمكن لومي إن ذهبت لعمل آخر . ففي الموسم الدرامي الأخير عرض علي المشاركة في حوالي ثمانية مسلسلات لكني وجدت أن الأفضل لي التواجد مع مخرج متميز هو المخرج أحمد ابراهيم أحمد فعندها تضمن أنه سيقدمك بطريقة لائقة بغض النظر عن نوع العمل ، وبالتالي وجدت أن مكاني في (زمن البرغوت) هو الأفضل من مشاركتي في خمسة عشر عملاً معاصراً غير جيدين وفيهم اساءة حقيقية للمتلقي .
ـ ماذا عن تجربة الكتابة ؟
أخوض تجربة الكتابة للمرة الأولى ، حيث أقوم بكتابة مسلسل (عناية مشددة) مع السيناريست علي وجيه ، وسيكون من إخراج المخرج أحمد ابراهيم أحمد ، وسيتم الاقلاع بالتصوير بعد انتهاء تصوير مسلسل (نساء من هذا الزمن) ، ويتناول المشروع معاناة المواطن السوري في ظل هذه الأزمة راصداً يومياته ، ويغوص إلى عمق العلاقات طارحاً الشكل الجديد فيها ، فشكل العلاقات اليوم اختلف تماماً عما كان عليه قبل الأزمة ، لأن ما يدور على أرض الواقع صنع علاقات جديدة ، وعلى سبيل المثال في المنزل الواحد قد يكون هناك خلاف بين الأخوة أو بين الأب وابنه لأن كل منهم تبنى موقفاً معيناً ، كما أن علاقة الحب بين الشاب والفتاة بات لها شكل جديد .