تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لنبـن ثقافة الحوار..عيسى: الحل السياسي عبر الحوار الوطني

ثقافة
الاثنين 21-10-2013
 فاتن دعبول

سعت الاطياف جميعها في ظل الأزمة التي تمر بها سوريتنا إلى تعزيز الحوار الوطني والالتقاء مع الآخر وقبوله لدفع سورية نحو السلام بعيدا عن العنف والتشرذم والفرقة, فهل نجح حوارنا ام مازلنا نفتقد الى تلك الثقافة التي تجعل حوارنا اكثر فاعلية وأجدى في ظل ظروف لاتحتمل المزيد من هذا العنف؟

تقول د. نهلة عيسى نائب عميد كلية الاعلام جامعة دمشق: لم ننجح في حوارنا مع الآخر لاننا لانمتلك ثقافة الحوار, فالحوار هو ثقافة مجتمعية اولاً, ونحن من مجتمعات معظم مرجعياتها قمعية ترفض الرأي الآخر, وتعتبر الحوار الندي نوعا من التطاول باعتبار ان معظم هذه المرجعيات ذات طبيعة دينية وايضا ذات طبيعة ثقافية من آثار استعمارية..‏‏

ويفترض أن يتضمن الحوار جملة من المعايير ليست متوفرة في مجتمعاتنا, وهذه المعايير هي اولاً الندية في الفكر والندية في المستوى الثقافي والمستوى التعليمي, وغالبا نحن من يمارس الحوار في بلداننا نتعامل كأضداد في هذه المعايير فيما يتعلق بالمستوى الفكري والسياسي, لان لدينا وهماً دائماً اننا جميعا نعرف كل الاشياء.. ويمكن ان نقف على معايير اخرى مثل مايسمى بالاتفاق على جملة من الاسس ننطلق منها, والقضية الهامة, اننا لانملك معايير, بل رغبة دائمة باثبات تفوقنا على الآخر وهذا نوع من الدونية التاريخية, كرستها فترة الاستعمار الطويلة التي تركت فينا إحساساً أننا اقل من الآخرين لذلك عندما تأتينا الفرصة لمحاججة الآخر, نحول الحوار من حوار مجد الى جدل, رغبة في اثبات ان الآخر هو الخاطىء, ونحن الذين على صواب.‏‏

كما يفترض الحوار نوعا من تحييد ماهومقدس او ماهو طقوس, اذ يتغلغل في ادق واصغر تفاصيل حياتنا, ماهو ديني, لذلك فحوارنا دائما يصطدم بحائط مسدود هو التابوهات الثلاثة, وعلى رأسها الدين, ودائما نصل الى مرحلة نكفر فيها بعضنا البعض.‏‏

نضيف الى ذلك مناهجنا التعليمية التي تتصف بالتلقينية ولاتسمح ببناء العقل, وربما تسمح فقط ببناء ذاكرة, والحوار يحتاج الى عقلانية, لذا فالمناهج لايمكن ان تهيء انسانا للحوار يمتلك التفكير والرؤية المسبقة للاشياء ومناهجنا التعليمية لاتهيئنا لهذا النوع من الاداء التفاعلي مع الآخر, لانها تلقينية والذاكرة دائما ذاكرة فيها وجع يقود الى الاحتقان والثأر.‏‏

وربما لدينا ايضا تراث وتاريخ من الشك والريبة بالآخر بسبب علاقتنا بالدول الغربية, حتى اصبح هذا النوع من التفكير القائم على الشك ينعكس حتى على صلتنا بأقرب الناس لنا, فدائما نخاف من الآخر لأن الآخر لم يعودنا الا على انه خصم اكثر مماهو صديق او ند, لذلك نضع دائماً النيات السيئة النيات النوايا الحسنة في أي حوار نجريه مع الآخر, لذلك تفشل جميع حواراتنا..‏‏

وتضيف د. عيسى, ربما تاريخنا وجغرافيتنا شكلا عاملا من عوامل تعميق الريبة والشك بالآخرين, فنحن بحكم الجغرافيا نقع في المنطقة الوسط بين الشرق والغرب, بين البادية والحضر, ومحاطين بكثير من المطامع والمصالح التي جعلت لدينا تخوفاً من الاخرين سواء كان هذا الآخر القريب او الآخر البعيد..‏‏

وعن السؤال، هل يمكن ان نبني انسانا يتقن الحوار حتى لانكرر الفشل تقول:‏‏

نحتاج الى اعادة هيكلية اجتماعية للوطن باكمله, واعادة النظر بعقد المواطنة وجميع البنى الفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية الموجودة في سورية.‏‏

وهذا يستلزم بالطبع الجلوس الى طاولة المفاوضات والاتفاق على المشتركات بين جميع افراد الوطن بغية عقد وطني جديد يؤكد على هذه المشتركات وينحي الاختلافات دون ان يسفهها ونحن بحاجة الى اعادة النظر بمناهجنا التعليمية وبطرق تدريسنا وبطرق تعاطينا الاداري في مواقع عملنا, ويجب ان نفعل مايسمى آلية الثواب والعقاب, لان غياب الثواب يصيب بالمرارة, وغياب العقاب يصيب بالفساد, وارجو ان تكون هذه المحنة التي نمر بها مقدمة لأن نقف بعد انتهائها، وأرجو أن تكون هذه النهاية قريبة, أن نقف ونتبصر فيما يجب أن يكون عليه مستقبل أبنائنا, وهو مستقبل يجب ان يبنى على أسس سليمة, وإلا سنبقى بيئة جاهزة للانفجار في أي لحظة، والحل الوحيد يكمن في إيجاد الحل السياسي عبر الحوار الوطني, فمجرد الجلوس إلى طاولة المفاوضات, يشكل تمهيداً للحديث عن الملفات الأخرى كافة, فيما يتعلق بمستقبل الوطن..‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية