تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هــــــــل نقتــــــــــــرب منــــــــــــه عبـــــــــر الإبــــــــداع..؟

ثقافة
الاثنين 21-10-2013
 آنا عزيز الخضر

علمتنا الأزمة بما أفرزته من تبعات وتداعيات وردود أفعال، بضرورة المراجعة وإعادة القراءة لحالات،برز التأثر فيها بأفكار،لم تكن لتمر بوجود الثقافة والوعي

،واحترام الحوار بالشكل المطلوب من أجل تواصل، يلغي عبره كل أشكال التطرف على تعدده والتحزب لصالح الوطن،ومهما كانت الدوافع، فا(الحوار مع الآخر) حالة تحمل بين طياتها الكثير من المعاني والمفاهيم والمؤشرات،التي تؤكد السبق الحضاري لأي مجتمع، فكيف يمكن ترسيخ الحوار مع الآخر..؟‏

وكيف يتوجب العمل عليها.؟ لاسيما بحضور أحداث طارئة ومتغيرات، رغم أن التنوع والاختلاف حالة لها جذورها العميقة في سوريه، فكيف نعيد تكريسها بطريقة حضارية تتجاوز فيها الصعوبات الدخيلة.؟ وعلى من تقع المسؤولية.؟فهل هي مسؤولية اجتماعية أم ثقافية أم تربوية،أم إنها جميعها مجتمعة، لأنه من الضرورة الحشد لكل الوسائل الممكنة،لترسيخ فكرة الحوار مع الآخر والاقتراب منه،هذا ما تتطلبه مصلحة الوطن، أما الثقافة ووسائلها معنية بهذه المهمة،وقد دأب المبدعون السوريون عبر أعمالهم على ترسيخ هذه الحالة، وعلى الأكثر ضمن المسرح والأعمال أكثر من تعد،وقد عولجت بأساليب مختلفة إذ أدانت الأنانية التي لاتقيم وزنا للأخر كما في(ليلي داخلي) وأحيانا قدمت أعمال التعايش المديد والمتأصل في مجتمعنا كما في (المرود والمكحلة)، وقدمت الأعمال الاختلاف والقراءات المختلفة للواقع السوري، لكنها جميعها تدين بالولاء للوطن مثل (سيلوفان)، (بساط احمدي) تحدث عن التطرف والفهم الخاطئ للدين،الذي يلغي الآخر، في مقابل الانفتاح والتسامح معه،(ورق لعب) تحدث عن الحب والتسامح كعنوان للجميع، (الأرامل) أكد على الحوار، (بانتظار المطر) كرس الحب كفعل أجدى لفهم الآخر وقبوله، فكان المنقذ والجواب.‏‏

- حول ترسيخ الحوار مع الآخر،حيث حضرت في غالبية أعماله تحدث الدكتور (الفنان سامر عمران) قائلاً:‏‏

لم يعش الإنسان منذ الأذل إلا و كانت هناك طريقة ما، لها صيغة فنية استطاع من خلالها أن يعبر، عما يجول بخاطره، أن كان عبر حركة جسدية أو بإصدار أصوات، سيسمى ذلك لاحقا بالرقص أو الإيقاع، كان لابد لهذا التعبير من أشخاص، يرسلون عالمهم الغني و تصوراتهم عن الطبيعة و عن عالمهم، ولابد من أشخاص يستقبلونها بالتالي، ويتم الاشتراك بينهم جميعا لخلق طقس ما أوجده الإنسان، ليعيش مع الأخر، و يبحث عن طرق لفهم الآخر من اجل العيش المشترك، الإنسان هو هكذا لايستطيع العيش إلا بشكل جماعي، تكونت الأعراف و التقاليد، و اخترعت القوانين لتنظيم الحياة الاجتماعية، خلقت الأديان التي يفترض أنها ستنظم و تقونن الحياة المشتركة، وتعطيها قيم أخلاقية و إنسانية، نحن الآن بأمس الحاجة للعودة والتمعن بجوهرها.‏‏

الفن عموما و المسرح بشكل خاص بقي طقسا جماعيا، يبدو لي الآن أننا نحيا بعالم فيه شكل جديد من الفصام، لا أظن أننا عشناه من قبل، لربما كل جمل التنظير التي طالما نسمعها على القنوات الفضائية، لم يعد لها أي اثر لتجعل احد يتحاور، لا بل على العكس تلعب دورا خطيرا بزيادة الهوة، و قطع أي طريق للحوار البناء مع الآخر.‏‏

اعتقدت و لا أزال، أن التجربة المسرحية لها اثر مباشر بجعل الأخر، يتعرف على آلية تفكير الاخرين، و بالتالي تقريب المسافة بينهما و ذلك بجعله يعيد النظر في ما يعتقد جازما، لكن هذا يتطلب نوعية من الفنانين الذين يؤمنون بذلك، ويمتلكون أدوات التعبير المختلفة، التي تجعلهم قادرين على فعل ذالك الأثر، اعرف أنني أتحدث و كأن الموضوع كما لو كان احد الأفلام الرومانسية، لكنني كنت قد اختبرت ذلك، و بأكثر من عرض مسرحي، إن كان في (عشاء عيد ميلاد طويل) أو في (حسب تقديرك) مرورا (بانتظار المطر) أو (الأرامل) كل ذالك بطرح المفهوم الأهم بظني، وهو الحب والأمل وفهم الآخر ودعوته للتفاهم والتواصل والحوار، و رأيت أثر ذالك وبشكل مباشر، لان المسرح طقس جماعي، لأنه عيد لو كان موجعا، لأنه يطهر أرواحنا، فلنقم بذلك الطقس، علنا نستطيع أن نقنع الآخر، بأننا معا، نبني بلدنا، و أن بلدنا لايمكن لها أن تكون إلا فينا، معا كما لوحة الفسيفساء، كل قطعة فيها تتكامل مع بقية الأجزاء، ولا تتشكل كامل اللوحة إلا بكامل قطعها.‏‏

- أما (رولان العاقل) - إخراج درامي - فقالت:‏‏

يغيب الحوار في كل مساحات حياتنا،ومنذ صغرنا وانتهاء بحياتنا في كل الاتجاهات،رغم انه علينا أن نكون موضوعين في أي صيغة تعامل ووضع أنفسنا في الجهة الأخرى واحترام ما تريده وفي أي مجال كان،علينا أن نصغي ونقبل الاختلاف وعلينا أن نؤمن أن كل ذلك لمصلحة الوطن.‏‏

والاختلاف دوما يفتح الآفاق باتجاه اختيار الأفضل، لأنه يتيح للتنوع الخروج إلى النور، و بالتالي الحضور لرؤيا مختلفة ومواقف مختلفة، الآتية من كل الزوايا، فيجتمع عند تلك الحالة الرؤية الشاملة المتكاملة، والتي تجتمع في الغالب عند الوطن، فحضارة الوطن تبني بمشاركة الجميع، وحب الوطن و بناءه يتطلبان قبول الآخر والاعتراف به، هنا يأتي دور الثقافة وفنونها وإبداعاتها للمشاركة بهذه المهمة، والعمل الجاد لتحقيق الحضور الواسع وبالتالي التأثير الأكبر والهدف، وذلك لبناء عقول تتقبل الاخرين.‏‏

لا بد من القول في هذا السياق من ضرورة إعادة بناء إنساننا، وتأهيله لفتح جميع المحاور على الآخر، والانطلاق بعيدا عن أي انعزال أو تقوقع تحت أي عنوان، من هنا مطلوب من الثقافة ووسائلها، أن توجه كل طاقاتها لتخليص المجتمع من أي رواسب كانت ثقافة أو اجتماعية أو رواسب طارئة، قد تضعف الاستعداد لقبول الآخر أو التفاهم معه، وعليها أن تعمل على ما يساعد على تأسيس هذه الحالة الحضارية، التي تتطلبه مصلحة الوطن وبناءه الحقيقي، ثم خلق الأرضية الخصبة،من خلال مشاركة جميع القطاعات كافة، إن كانت الإعلامية، التثقيفية، التعليمية أو التربوية تلك التي تساعد على خلق شخصية اجتماعية منفتحة ومبدعة ومنتمية، وذالك لتشجيع المبادرة الايجابية، و كل ما من شانه إعتاق إنساننا من التقوقع، كي يكون جاهزا للتواصل مع الأخر و الإصغاء لرأيه و سماع صوته.‏‏

فلا بد من بيئة خاصة، تخلق الاستعداد للتواصل، تجتمع عندها كل المعطيات، التي تخلق الفرد المعطاء الذي تهمه مصلحة الوطن، تمتلك وتمنحه الثقة للانطلاق نحو أي مبادرة اتجاه الأخر دون أي حسابات، ويمكنه بالتالي تجاوز أي عقبات محسومة سلفا،متسلحا بالحب من أجل مصلحة الوطن العليا.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية