تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لماذا تخلت السعودية عن عضوية مجلس الأمن ؟!

شؤون سياسية
الاثنين 21-10-2013
 عبد الحليم سعود

لعله من المشاهد المسرحية المضحكة و السخيفة جداً ذلك المشهد الذي بدا عليه بالأمس الوفد السعودي، و هو يعتذر عن العضوية المؤقتة لمجلس الأمن بعد أن بذلت بلاده الغالي والنفيس من أجل الوصول إلى هذا الموقع،

و الأكثر إثارة للسخرية في هذا الشأن ذلك التبرير العجيب و الغريب الذي قدمه الوفد السعودي لهذا الاعتذار «ازدواجية مجلس الأمن و عجزه عن إنهاء الحروب و الأزمات الدولية، و خاصة في سورية » !!‏

غضب السعودية من « ازدواجية مجلس الأمن و عجزه » في هذه الأيام أشبه بنكتة باردة سمجة، لا يضاهيها برودة و سماجة سوى غضب و انزعاج إسرائيل من استخدام حق الفيتو داخل هذا المجلس.‏

فعلى مدى أكثر من ستين عاماً مارست الولايات المتحدة كل سياسات الكيل بمكيالين تجاه كل ما يمس قضايا المنطقة، و خاصة القضية الفلسطينية مستخدمة الفيتو عشرات المرات، إما لحماية إسرائيل من العقاب الدولي، و إما لإجهاض أي قرار يدعم و يساند حقوق الشعب الفلسطيني، و لم يسمع أحد في العالم أن السعودية غضبت أو كان لها رأي آخر حيال مجلس الأمن أو الولايات المتحدة، أكثر من ستين عاماً و مجلس الأمن يجامل إسرائيل ويحميها و يخيب آمال وطموحات العرب بسبب الفيتو الأميركي و السعودية صامتة لا يسمع لها صوت، فما الذي حرك « كرامة » السعودية و« نخوتها » هكذا فجأة، و دون سابق إنذار ؟!‏

المتابع لتطورات الأحداث في سورية يدرك أن السعودية في المقام الأول و معها قوى و أطراف أخرى إقليمية و دولية أخذت على عاتقها مهمة تدمير سورية و ضرب وحدتها و تصدير الإرهاب إليها بذريعة « دعم » الشعب السوري، حيث لم تترك فرصة للتحريض و التآمر على سورية أو لتدويل أزمتها و استدعاء التدخل الخارجي إلا و انتهزتها، ما جعلها شريكاً مباشراً و أساسياً في العدوان الدولي على الشعب السوري، و ليس هناك أكثر من المعطيات و الأدلة التي تؤكد هذا التورط السعودي في العدوان على سورية، و لا أدل على ذلك من التنظيمات المسلحة و الميلشيات التكفيرية التي تعمل تحت إمرة الإرهابي بندر بن سلطان و بإشراف استخباراته، و هي تنظيمات تتشارك نفس الفكر الوهابي التكفيري الذي ينتهجه حكام آل سعود في حكمهم منذ اغتصابهم للحكم و السلطة على أرض نجد و الحجاز.‏

فالغضب السعودي كما هو واضح لا علاقة له بازدواجية مجلس الأمن، بل الحق يقال إنه ناجم بالأساس عن عدم ازدواجية مجلس الأمن، و خاصة فيما يتعلق بالقرار الأممي الأخير ذي الرقم 2118 الذي مهد الطريق لحل سياسي في سورية و دعا جميع الأطراف إلى مائدة جنيف 2 مخيباً بذلك آمال المراهنين على التدخل الخارجي و الحل العسكري للأزمة في سورية، و على رأسهم السعودية و تركيا و فرنسا، و لا عجب و الحال كذلك، أن لاقى الموقف السعودي الأخير ترحيب و تفهم تركيا و فرنسا.‏

فلماذا اعتذرت السعودية عن عضوية مجلس الأمن، و هي التي قادت حملة كبيرة من أجل انتخابها لهذا المنصب، و لماذا جسدت هذا الدور الهزلي على مسرح مجلس الأمن إذا كانت غير مقتنعة بهذا المجلس، كل الدلائل و المعطيات على الأداء السياسي والإعلامي والميداني للحكومة السعودية تؤكد أنها ماضية في دعمها للحرب الإرهابية على الأرض السورية، و وجودها في مجلس الأمن بصفة عضو غير دائم خلال انعقاد مؤتمر جنيف 2 سيرتب عليها التزامات ليس أقلها الضغط على الأطراف التابعة لها، و خاصة ما يسمى ائتلاف المعارضة السورية في اسطنبول لتسمية ممثلين له للمشاركة في المؤتمر المذكور، و كذلك الضغط على الميليشيات المسلحة المرتبطة بها من أجل وقف إطلاق النار في حال وضع هذا الشرط أساساً لانطلاق المؤتمر و هو شرط لازم وضروري لأي حل سياسي، وكذلك تجميد الدعم المالي و توريد السلاح و وقف حملات التضليل و التحريض الإعلامي التي تنتهجها وسائل إعلام ممولة و تابعة بشكل مباشر للسعودية.‏

كما يقرأ في اعتذار السعودية الغريب أنه جاء احتجاجاً على التقارب الروسي الأميركي الذي أنتج الاتفاق الخاص بالأسلحة الكيماوية السورية و الذي فوت فرصة العدوان على سورية من قبل الولايات المتحدة، بعد أن حرضت عليه السعودية مراراً و تكراراً و هيأت الأجواء لشنه بحملات إعلامية هستيرية ومنظمة، ويقرأ أيضاً إنه احتجاج على التقارب الأميركي الايراني الذي مهد الطريق أمام مفاوضات جديدة في الملف النووي الايراني و رسم انطباعات إيجابية حول إمكانية الوصول إلى نهاية سلمية لهذا الملف، وهي التي حرضت إسرائيل والولايات المتحدة من أجل العدوان على إيران..!!‏

من الواضح أن حكومة آل سعود بالغت كثيراً في رهاناتها الخاطئة تجاه سورية، وألزمت نفسها بمواعيد و سيناريوهات أفشلها الصمود السوري و قوة المحور الذي تنتمي إليه سورية، وهذا ما وضعها في موقف محرج للغاية لا يملك المسؤولون السعوديون حكمة الخروج منه أو الاعتذار عنه، الأمر الذي جعلهم محط سخرية و تهكم حتى من مساعد الأمين العام للأمم المتحدة الأميركي جيفري فيلتمان الذي قال لزواره في الأمم المتحدة :« لم أر أوقح و أسوأ من الحكومة السعودية» مضيفاً: « لا أعرف كيف ستواصل هذه الإدارة الحكم ».‏

و من المؤكد أن وجهة نظر فيلتمان بالحكومة السعودية تلامس الحقيقة إلى حد كبير، فالسعودية هي حليف للولايات المتحدة وهي تعرف حلفاءها تمام المعرفة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية