تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الإرهاب النووي ... مخاطر وتحديات

شؤون سياسية
الاثنين 21-10-2013
 حسن حسن

تتعدد أشكال الإرهاب ووسائله بتعدد الجماعات والتنظيمات الإرهابية ،وتنوعها وتباين أهدافها ، الأمر الذي أصبح معه العالم كله يخشى نمو وانتشار هذه الجماعات والتنظيمات التي تمارس الإرهاب العام المتعارف عليه دولياً.

حيث إن مفهوم الإرهاب الذي اختلط بشدة بالسياسة وبتوجهات الأنظمة الحاكمة جعل من الصعب توحيد الجهود الدولية لمكافحة الظاهرة العامة للإرهاب، وإن كان البعض يرى أن كل شكل من أشكال الإرهاب يحمل في طياته عوامل سياسية وحتى عصابات الجريمة المنظمة والمافيا العالمية كثيراً ما تستخدم لأهداف سياسية من قبل أنظمة وجماعات سياسية .‏

أبشع أشكال الإرهاب وأقواها التي يخشاها الجميع هو الإرهاب النووي ،فإذا كان الإرهاب الدولي استطاع في الحادي عشر من أيلول 2001 حصد أرواح نحو ثلاثة آلاف مواطن أميركي باستخدام طائرتي ركاب كبيرتين ، فإن الإرهاب النووي يستطيع حصد أرواح أضعاف هذا العدد بكثير بواسطة عبوة نووية حجمها أصغر من حجم جناح الطائرة بكثير .‏

وإذا كان السلاح النووي في القرن الماضي قاصراً على الدول الكبيرة المصنعة له، فقد أصبح الحصول عليه من قبل الجماعات والتنظيمات والأفراد أمراً ليس بالصعب ولا بالمستحيل . والمال يصنع كل شيء الآن ، ولا يستبعد وصول هذا السلاح إلى أيدي التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة عن طريق الشراء بالمال أو عن طريق السطو والسرقة أو حتى عن طريق ابتزاز العلماء والخبراء النوويين واجبارهم على تصنيع وتركيب قذائف نووية تحت أية ضغوط نفسية أو جسدية أو عائلية .في العدد الفصلي لشهري أيلول وتشرين أول لمجلة «نشرة علماء الذرة» نشر مقال يبرز خطر أسلحة الدمار الشامل . وكتب المقال اختصاصيان بارزان في الأسلحة النووية ، هما : هانز كريستنسن وروبيرت نوريس، عضوا اتحاد العلماء الأميركيين (منظمة تسعى لجعل العالم أكثر أمناً) ويقدم هذا المقال معلومات مهمة بشأن الأسلحة النووية ، يفترض أن تنبه إلى الخطر كل شخص قلق على مستقبل كوكبنا.‏

وفي الوقت الراهن ، حسب هذا التقرير ، هناك أكثر من 17 ألف رأس حربي تملكها تسع دول ، هي الولايات المتحدة ، روسيا ، بريطانيا ، فرنسا ، الصين «اسرائيل» الهند ، باكستان وكوريا الشمالية ، وتضم الترسانتان الأميركية و الروسية أكثر من 90 بالمئة من جميع هذه الأسلحة .‏

وبطبيعة الحال، فإن هذه الأسلحة هي ذات قوة تدميرية ماحقة ، وجميعها تقريباً يمكن أن تبيد سكاناً بفعالية أكبر بكثير مما فعلته القنبلة التي محت هيروشيما من الوجود . وفي الواقع مجرد سلاح واحد من أسلحة اليوم يمكنه أن يسبب مجزرة تحصد أرواح مئات آلاف الناس .‏

ومع أن مخزونات الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا من الأسلحة النووية كانت تتقلص منذ نهاية الحرب الباردة ، إلا أن مخزونات الدول النووية الأخرى كانت تتزايد ونتيجة لذلك ، فإن جميع هذه الدول ،باستثناء كوريا الشمالية ،لديهاأعداد كافية من الرؤوس النووية الحربية وأنظمة قذفها بحيث يمكنها إلحاق دمار هائل بمساحات كبيرة جداً ،مع ما يستتبع ذلك من عواقب إنسانية ومناخية كارثية في هذه المناطق وما يتجاوزها.‏

علاوة على ذلك ، الكثير جداًمن هذه الأسلحة الفتاكة هو في حالة جاهزية لاستخدامه بصورة شبه فورية ، وكما يقول الكاتبان ، فإن «نحو 1800 رأس حربي أميركي وروسي تبقى جاهزة وهي مثبتة في أعلى صواريخ بالستية طويلة المدى.‏

ويمكن اطلاق هذه الرؤوس في غضون 5 إلى 15 دقيقة من لحظة صدور الأوامر. ولكن طبعاً ، أبرمت معاهدات من أجل تقليص هذه الأسلحة المخيفة ، ففي النهاية ، القوى النووية الرئيسية وكذلك معظم دول العالم ، تعهدت رسمياً ببناء عالم خال من الأسلحة النووية . ومن المؤكد قطعاً أن أعداد الأسلحة النووية في العالم قد انخفضت بصورة كبيرة جداً من حدود الـ«70» ألف سلاح نووي التي كانت موجودة عام 1986.‏

وبرغم ذلك ، هناك دلائل وافرة على أن زخم نزع الأسلحة النووية أخذ يتباطأ، إذ إن مفاوضات نزع الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة التي تملك (7700 رأس حربي) وروسيا التي تملك (8500رأس حربي) قد فشلت ، في حين ان أياً من القوى النووية لا تأخذ على محمل الجد الخطاب حول عالم خالٍ من الأسلحة النووية . ولاحظ كرستنسن ونوريس أن «جميع الدول التي تملك أسلحة نووية تواصل تحديث وتحسين ترسانتها النووية ، وأن الأسلحة النووية تبقى عنصراً جوهرياً في مفاهيمها للأمن القومي».‏

يضاف إلى ذلك طبعاً ، أن من الممكن تماماً ، في المستقبل أن تطور دول أخرى أسلحة نووية ، وأن يحصل ارهابيون على مثل هذه الأسلحة من مخزونات دول، وأن تنفجر قنابل نووية أو تطلق عرضاً.‏

وفضلاً عن ذلك يعتبر الكثير من الخبراء أن عدداًمن مستودعات اليورانيوم العالي التخصيب والبلوتونيوم في روسيا والولايات المتحدة على حد سواء، ناهيك عن الدول الأخرى ، ليس محمياً من الإرهابيين بدرجة كافية من الأمان ، ولذا ،فإن افشال محاولات التنظيمات والعناصر الإرهابية للحصول على اليورانيوم والبلوتونيوم يعد الخط الأخير للدفاع ، والعامل المحوري لمنع تجسد كابوس الإرهاب النووي المأساوي في واقع الحياة ، وخلال الفترة الممتدة من كانون الثاني 1993 وحتى وقت قريب اكتشف العالم أكثر من 1080 حالة للاتجار غير الشرعي والفقدان والاستخدام أو الحفظ غير المشروع للمواد النووية أو المشعة .‏

ومن المحتمل أن ينتقل مركز ثقل نشاط الإرهابيين إلى منطقة آسيا الوسطى حيث تتركز في أراضي كازاخستان وقيرغيزيا وطاجيكستان وأوزبكستان احتياطات كبيرة من خام اليورانيوم ، ويرى الخبراء الروس أن نظام العوائق التي تعترض طريق الإرهاب الدولي يتفوق على امكانيات الإرهابيين .‏

بيد أن الحماية المحكمة غير ممكنة إلا بإيجاد منظومة شاملة من الإجراءات الوقائية تشارك فيها مجموعات من الدول التي تملك المواد النووية القابلة للتفجير ، وتتمثل إحدى أهم أولويات المجتمع الدولي وفي مقدمتها أعضاء النادي النووي في تصميم مثل هذه المنظومة وتطبيقها .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية