|
الإدارة الأميركية تفقد صبرها!! دراسات سياسية لما يصيب جنوده المتواجدين في العراق, من ضربات يومية من المقاومة العراقية, وقتل متزايد ومستمر لجنود الاحتلال الذين لم يعرفوا الاستقرار, وتؤكد التقارير الاستقصائية من الداخل الأميركي على انخفاض شعبية الرئيس بوش إلى أدنى مستوى وصلت إلىه شعبية رئيس أميركي سابق, وهذا يعود إلى فشل السياسة الاستراتيجية التي تنتهجها إدارة الرئيس بوش حيث تعتمد على ا ستخدام القوة العسكرية للولايات المتحدة الأميركية, القوة التي بناها الشعب الأميركي على حساب قوته اليومي ورفاهيته الذاتية, لتكون عامل آمان لمستقبله ومستقبل أبنائه, وضمانة حقيقية لتوفير عوامل الأمن والتقدم له ولغيره من شعوب العالم التي تحتاج إلى مساعدته, ومن يعرف الشعب الأميركي عن قرب يؤكد مدى ميل هذا الشعب وولعه للقيام بما يخدم العدل بين البشر, لما عاناه سابقاً من اضطهاد عنصري مارسته عليه جماعات محددة, واستطاع الشعب الأميركي التغلب على هذه المظالم, باعتماده على القوة والإرادة الصادقة عند سواد الشعب, الذي يطمح لتحقيق مستوى عال من العلاقات الإنسانية بين شعوب العالم المختلفة. ويجمع المحللون السياسيون الذين يرون الأمور كما هي, ويعبرون عنها بحيادية مطلقة بعيداً عن تأثير مراكز الضغوط,بأن ماتوصلت إليه إدارة المحافظين الجدد من قرارات سياسية مصيرية, على المستوى العالمي, لاتصب بشكل من الأشكال في خدمة مصلحة الشعب الأميركي, كما أن هذه الإدارة العنصرية التي لم يزل يدغدغ أحلامها عصر السيطرة والتسلط الذي كان يميز الاستعمار القديم المقيت السمعة والصيت, لم تتوان عن محاولة استثمار كل الأحداث والكوارث التي حلت بالشعب الأميركي من أجل استعطاف الجماهير الأميركية والأوروبية, لجعل سياستها مقبولة شعبياً, وظهر هذا جلياً بعيد أحداث الحادي عشر من أيلول عام 2001م, حيث تمكنت من السيطرة على أفكار بعض المواطنين من أجل تنفيذ سياسات عدوانية تحت غطاء وتسميات إنسانية يتقبلها الشعب, كمحاربة الإرهاب, ونشر الديمقراطية, وتحرير شعوب العالم من حكامها الظالمين, ولو تطلب ذلك استخدام القوة العسكرية, وتمكنت تلك الإدارة من إيهام الشعب الاميركي بأنها تهدف من جراء القيام بهذه الأعمال لتحقيق المزيدمن الحماية والأمن لأميركا وشعبها, لكن نتائج هذه الحروب والغزوات جاءت معاكسة تماماً لكل التصريحات والتكهنات, وحولت العالم من حالة شبه استقرار إلى حالة من الهستريا والغليان السياسي, الذي ترافق مع نشاط ملحوظ ومتزايد للجماعات الإرهابية التي عممت الفوضى والفلتان الأمني بطريقة لم يعرفها تاريخ البشرية من قبل, وبدأت الأزمات المتلاحقة تتراكم على رأس إدارة الرئىس بوش, الذي لم يجد منقذاً له ولإدارته إلا محاولة تصدير هذه الأزمات إلى الخارج, وتوجيه أنظار المراقبين إلى مراكز خطر جديدة, سواء كانت وهمية لا أساس لها من الصحة كما حصل في العراق, أو مصطنعة كما حصل في لبنان,بهدف إنقاذ ما تبقى من حميد السمعة عند الرئىس بوش وإدارته أمام نظر الشعب الاميركي ,حتى جاءت كارثة كاترينا الطبيعية لتطيح بكل الأقنعة التي كان يتخفى وراءها الرئيس بوش, ويظهر هو إدارته بأنها عنصرية بامتياز, من خلال تعاملها مع هذه الكارثة, وكيفية التأخر في تقديم المساعدات, وكانت الكارثة تحصد أرواح الفقراء من الشعب المنكوب, دون أن يجد من يقدم له يد العون والمساعدة, فعجباً بدولة عظمى تسعى لتحرير شعوب لا تربطها بها واجبات حاملة جنودها على بعد آلاف من الأميال, بقصد إزالة الظلم عنها وتحريرها, في الوقت الذي تتجاهل فيه تماماً متطلبات مواطنيها, وتتأخر في تقديم يد العون والمساعدة لشعبها في الداخل الذي ساهم في صناعة تلك الجيوش لمثل هذه الساعة??!! كارثة كاترينا استأثرت بتعاطف شعوب وقادة العالم بأجمعه مع الشعب الأميركي المنكوب, وسارعت القوى الرسمية والشعبية في دول العالم لتقديم المساعدات والمواساة لهذا الشعب المنكوب كموقف إنساني لا يرتبط بقبول سياسة الإدارة الأميركية أو رفضها, وكانت المساعدة الرمزية التي تقدم بها الشعب الفلسطيني أكثر هذه المساهمات تعبيراً عن توحد الإنسانية في مواجهة الكوارث والأخطار الطبيعية, خاصة وأن هذه المساعدة المتواضعة جمعت من أبناء اللاجئين الذين يتطلعون بألم للعودة إلى ديارهم التي هجّروا منها بالقوة منذ ما يزيد عن خمسين عاماً, وكانت ولم تزل الإدارات الأميركية هي العائق الأول أمام العودة المأمولة. ويجمع المحللون بأن ما تقوم به الإدارة الأميركية من أفعال, لا يخدم بشكل مطلق مصالح الشعب الأميركي, وهذا يشكل بحد ذاته مصدر الرفض الذي يواجه به الشعب الأميركي, هذه السياسة التي تعمل من وحي المصالح الصهيونية, بغض النظر عن المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الأميركان أنفسهم, سواء في الداخل أو من الخارج, وخاصة النظرة العدائية التي ترسخت عند شعوب الدول التي احتلت الولايات المتحدة أراضيها التي تولد لديها كره لأميركا, من جراء ما قام به جنودها من فساد, ودمار وتخريب في تلك البلدان, وإن تغيير هذه النظرة يتطلب مئات الأعوام لكي يندمل الجرح الذي أحدثته الجيوش الغازية. ثم يظهر علينا مؤخراً السفير الأميركي في العراق, ويصرح بأن صبر الولايات المتحدة قد قارب أن ينفد من سورية, وربما نسي السيد السفير أنه يتكلم من أرض عربية, بل من عاصمة عربية, وأنه ليس من حقه التواجد على أراضيها إلا ضيفاً كما بقية سفراء الدول الأخرى ولا يملك حق التدخل في العلاقات بين البلدين الشقيقين بهذه الطريقة غير اللائقة ولاسيما وأن العراقيين لديهم القناعة التامة بأنه لا يتكلم من وحي مصلحة الشعب العراقي, ولا يهمه من العراق غير الأمور التي اهتم بها سابقوه وآلت إلى الوضع القائم??? وربما تجاهل سعادة السفير بأن سورية حريصة على أمن وسلامة العراق أكثر بألف مرة من المندوب السامي الذي يوزع القتل والتدمير على المدن والقرى العراقية بغض النظر عن أعمار الضحايا التي تحصدهم قذائف الهجمات الوحشية, رغم أن سورية قد أخذت احتياطات أمنية لا سابق لها على الحدود بين العراق الشقيق وسورية ليس إيماناً منها بضرورة حماية جنود الاحتلال - المتجاهلين تماماً لالتزاماتهم التي يمليها عليهم القانون الدولي - بل بهدف حماية الشعب العراقي من الأعمال التي يقوم بها الإرهابيون الذين تواجدوا ونموا أمام أعين وبمساعدة قوات الاحتلال. وإن أي زائر على الحدود العراقيةالسورية يلاحظ حجم الجهود التي تبذلها سورية من جانبها لمنع تسلل أي شخص من الأراضي السورية إلى العراق, لكن السفير الأميركي يتجاهل بأن العراق مفتوح على حدود آخرى غير السورية.وبشأن تعاون سورية مع القيادة العراقية, أكدت دمشق مراراً بأنها على استعداد للحوار مع الأشقاء في القيادة العراقية لتقديم كل أنواع المساعدات التي تساهم في تحقيق المصالح العليا للشعب العراقي في تأمين حمايته وسلامته, وصون وحدة الشعب والأرض العراقية, ولم تكن التهديدات التي أطلقها السفير الأميركي من بغداد إلا نتيجة مصاعب تواجهها قوات بلاده في العراق لعدم قدرتها على إخماد نشاط المقاومة العراقية التي تعمل بإمكانات ذاتية وداخلية بشرياً ومادياً من جهة, ولقيامها بفتح الباب واسعاً أمام اليد المخابراتية التخريبية للموساد على الأراضي العراقية,التي تقوم بدعم الجماعات الإرهابية التي تنال من الشعب العراقي وشرطته التي تعمل على حفظ الأمن ومن يسمع تصريح قادة الجماعات الإرهابية يستطيع بكل سهولة أن يقرأ دور الموساد في هذه التصريحات التي يرفضها ويمقتها الشعب العراقي بكل أطيافه. وإن التزام الإدارة الأميركية نهجاً وسياسة بمصالح إسرائيل, سيحملها أعباء مستقبلية لم تحسبها بدقة, على الرغم من أن هذا الالتزام لم يكن من الإدارة الأميركية وحدها فحسب, بل بالتشارك مع الدول الأوروبية وهو دورتاريخي, تعهدت بموجبه كبرى الدول الاستعمارية وفي مقدمتها بريطانيا وأميركا,بحماية وتأمين سلامة المشروع الصهيوني من أجل استمرار السيطرة على منطقة الشرق الأوسط, حتى باتت شعوب المنطقة على قناعة تامة بأن الحروب والمغامرات العسكرية التي تنفذها الولايات المتحدة الأميركية, وشركائها تهدف لتأمين الحلم الصهيوني في إنشاء مملكة إسرائيل الكبرى, عندها ستجد الولايات المتحدة الأميركية نفسها أسيرة القرار الصهيوني الذي تصدره إسرائىل. E—mail: mamusjafa @maktoob. com
|