تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


دار تشغيل المتسولين تحولت الى ملجأ للمعتوهين والعجزة

مجتمع
الاربعاء 5/10/2005م
جهاد ذياب الناقولا

د. فلحوط: الحل بالتعاون بين الجهات الأمنية والقضائية والاجتماعية .

العمري : مهر المتسولة المحترفة مليون ليرة.‏

سالم: المتسول ضحية بيئية وعادات اجتماعية تحكمه.‏

هل أصبح التسول اليوم مهنة تحتاج لاحتراف أم أنها مقتصرة على الفقراء ? ما دوافعه وطرقه? ومن هم الذين يغذون هذه الظاهرة السلبية غير الحضاريةو كيف يمكننا معالجتها? ما رأي لجنة مكافحة التسول بمجلس الشعب? هل المواد القانونية الحالية رادعة بشأن ممتهني التسول أم أنها بحاجة للتعديل. تابعوا معنا هذا التحقيق في دار تشغيل المتسولين حيث التقينا بعض المتسولين من الموقوفين منهم > أحمد : 28 سنة من محافظة حلب قال: التسول أصبح عندي عادة دخلت الى هنا مرات عديدة وفي هذه المرة قبض علي في منطقة جسر الثورة بدمشق متزوج وأعيش في أسرة كبيرة الحجم, وصلت في تعليمي الى الصف السابع ولا أعاني من أي مشكلة جسدية أو نفسية وقدرتي على العمل جيدة.‏

> عدنان : 35 سنة موقوف منذ عشرة أيام ,مكرر عدة مرات في التوقيف ويعيش في غرفة بالإيجار والداه متوفيان قال: لي شقيق سجين في إحدى الأقطار المجاورة لسوء سلوكه وآخر عاجز بسبب خطأ طبي وشقيق غيره هاجر خارج القطر بحثاً عن الرزق. معظم أفراد أسرتي أميون, كنت أعمل سابقاً في مهنة تصليح السيارات ولم أعد قادراً على مثل هذا العمل بعد أن تعرضت الى (16) كسراً في رجلي سببت لي عجزاً دائماً على إثر حادث تعرضت له.‏

> سمر: موقوفة بدار التسول بجرم التشرد منذ 15 يوماً وهي أمية. الوالدان متوفيان ألقي القبض عليها قرب الجامع الأموي, تنكر أنها كانت تتسول تقول : لي أربعة أشقاء حالياً موقوفون بدمشق لأنهم لم يدفعوا ثمن إيجار المنزل. علماً أنهم كانوا يضربونني ضرباً مبرحاً ويطردونني خارج المنزل. لم يراجع أحد بشأنها من أقاربها ولا تعرف الإدارة أي شيء عنها حتى الآن.‏

> وطفة: 35سنة, متزوجة ولديها خمسة أبناء قالت: اعتدت على مهنة التسول منذ 13 سنة قبض علي في منطقة قدسيا عند الظهر مع طفلي الصغير البالغ من العمر ثلاثة أشهر, أعمل من الصباح وحتى المساء, وصلت للصف الرابع, أعيش في منزل ملك مع زوجي (جليس المنزل) الذي يدفعني للعمل في كل مرة أدخل فيها السجن سرعان ما يخرجني زوجي عن طريق المحامي, أجمع يومياً من مهنة التسول تقريباً (400ل.س) .‏

مأوى للعاجزين والمعتوهين‏

> محمد العمري مدير دار تشغيل المتسولين والمشردين أشار الى أن المتسول إنسان قادر على العمل اتخذ من التسول مهنة له وأن المتسول من كان له موارد ويستطيع الحصول على موارد بالعمل واستجدى لمنفعته الخاصة الإحسان العام لأي مكان إما صراحة أو تحت أعمال تجارية كبيع العلكة والمسكة والمحارم.. أما بالنسبة لكل من العاجزين المعتوهين غير القادرين على كسب العيش فلا ينظر القانون لهم على أنهم متسولون لكن ومع ذلك يتم تحويل هؤلاء لدار تشغيل المتسولين رغم أننا أيضاً وجهنا كتاباً للجهات المعنية بعدم استقبال المعتوهين كون الدار غير مجهزة لاستقبالهم فهم يحتاجون لمعاهد متخصصة بشأنهم خاصة أن بعضهم لا يستطيع خدمة نفسه بنفسه وأضاف العمري أن التسول أصبح يتخذ أحياناً أساليب حديثة من الاحتيال ومثالاً على ذلك الفتاة الجامعية الأنيقة التي قبض عليها وكانت تدعي انقطاعها من المال, وتتم بطريقة مدروسة بدقة لأنه يكون بين المتسولين اتصال مباشر فمنهم من يعمل (بصاصاً) بلغة التسول لمراقبة خلو الطريق من الدوريات بواسطة الموبايل ينبههم أثناء الخطر علماً بأن هناك مناطق مخصصة لأشخاص معينين يدفعون الأتاوات (أي المتسول) يدفعها للشخص الكبير كي يسمح له بالتسول فيها, فلا مصلحة للمتسول بالشكوى عليه فيسجن ربما يومين ويخرج لينتقم من المتسول فمثل هؤلاء جريمتهم أكبر من جريمة المتسولين ومع ذلك فالقانون لا يطالهم ولايطبق بشأن المتسولين المتظاهرين بالعجز والعاهات ويحملون شهادات فقر كاذبة. أحدهم شاب يتظاهر بقطع رجله وفي حال قام (بلبط) أو بضرب الحائط برجله يهده, والحديث لمدير الدار وبالنسبة لعدد المتهمين المكرر دخولهم باستمرار بلغ حوالي (200) متسول ممتهن من الذكور والإناث علماً بأن عدد الموقوفين حالياً يتراوح بين 50- 60 موقوفاً معظمهم من العاجزين والمعتوهين.‏

مهر المتسولة المحترمة مليون ليرة‏

في مجتمعهم هي التي تعمل بدلاً من الزوج إذ يتحدد مهرها بمدى نجاح أساليبها في التسول ومدى خبرتها ويطلق عليها (حريفة) حيث يتراوح المهر 100 ألف الى المليون ل.س حالياً نحن نعاني من نقص الكادر الإداري ونقص عناصر الشرطة, ونحتاج لفتح ورشات حدادة ونجارة (فقط اثنان يعملان بالزراعة) ويمكننا معالجة الظاهرة بمساعدة الفقراء عن طريق الجمعيات الخيرية وغيرها, وتطبيق القانون على مدمني التسول, وفتح مكتب خاص, لمكافحة التسول بدمشق تشرف عليه مجموعة من الجهات لا سيما أنه لدينا أقسام شرطة في كل المناطق الأمر الذي يعطي نتائج أفضل.‏

ظاهرة خطيرة على الفرد والمجتمع‏

> الاختصاصي الاجتماعي في دار المتسولين عبد الحميد سالم قال: التسول ظاهرة خطيرة على الفرد والمجتمع فالمتسول قد يكون ضحية بيئية أسرية وجد فيها تدفعه نحو التسول منها تسرب من المدرسة, فقر, خلافات أسرية, طلاق, وفاة الوالدين أو أحدهم, أمراض صحية نفسية أو جسدية..الخ وتشتد خطورة الظاهرة عند من يتخذها مهنة سهلة للكسب المادي السريع لذلك يجب أن تكون العقوبة لهؤلاء قاسية ورادعة بعد تضافر جهود الجهات الأمنية وغيرها لملاحقة وإلقاء القبض على عصابات التسول من مصطفي العاهات ومن معهم فمنهم من يتظاهر بأنه ضرير بحمله للعصا الخاصة بالمكفوفين ويسير في الطريق ومنهم من يجلس قرب الشارات الضوئية ويزحف برجل واحدة يظهرها بأنها مبتورة مع العلم أن هناك أشخاصاً يرافقونهم مسلحين بأسلحة يدوية سكاكين كباس وغير ذلك.‏

رأي القانون‏

> المحامي ميشال شماس علق بالقول حول ظاهرة التسول ذاكراً بأن المسؤولية تقع على عاتق الدولة بكافة مؤسساتها التي يجب أن توفر العمل لجميع المواطنين انسجاماً مع أحكام الدستور والمواثيق والعهود الدولية التي وقعت عليها سورية, فقد نص الدستور السوري في المادة 36/1(العمل حق لكل مواطن وواجب عليه وتعمل الدولة على توفيره لجميع المواطنين) وأن مكافحة البطالة هذه الآفة الهدامة باتت مهمة وطنية باعتبار أنها تساهم في دفع العاطلين عن العمل إلى التسول والتشرد, أما بالنسبة للمواد القانونية التي تعاقب على التشرد والتسول نلاحظ فيها أن المشرع لم يعاقب مثلاً الزوج الذي يدفع زوجته للتسول بينما عاقب في المادة 604 من قانون العقوبات من يدفع قاصراً دون 18 سنة للتسول.‏

ولذلك بات من الضروري تعديل قانون العقوبات بما ينسجم والتغيرات والتطورات المتسارعة التي نشهدها اليوم مع العلم أن معظم القوانين قد مضى أكثر من نصف قرن على صدورها.‏

هذا إضافة إلى مسؤولية الأسرة في أهمية التنشئة الصحيحة للابناء ودور المدرسة أيضاً بعد تعديل المناهج التربوية المناسبة لغرس السلوك الصحيح في الطفل الذي يعد حجر الزاوية في بناء البلاد مستقبلاً.‏

مع لجنة مكافحة التسول‏

> الدكتور صابر فلحوط رئيس اللجنة المشكلة في مجلس الشعب لدراسة ظاهرة التسول صرح قائلاً: التسول من أقدم المهن في تاريخ البشرية ولا يقتصر على المواطنين أو الأفراد المعدمين والفقراء والبائسين, وإنما قد يمارس هذه المهنة من يملكون الحسابات الضخمة والعمائر الفخمة والأموال الطائلة.‏

وتزداد أعداد ممارسي هذه المهنة مع تطور المجتمع وزيادة التفاوت المادي والاقتصادي بين طبقاته والخطير في هذه المهنة أنه كثيراً ما يتعاون فيها المتسولون حقيقة في الشوارع مع بعض المسؤولين عن أمن الناس وحمايتهم في هذه الشوارع. كما تتكثف أعمال التسول في فصل الصيف حيث تزدهر السياحة ويحتشد المصطافون والسائحون من البلدان المجاورة أو البعيدة.‏

اقترح لمكافحة هذه المهنة الخطيرة على المجتمع التعاضد والتعاون المطلق بين فئات أربع وهي أولاً: رجال الشرطة والأمن, وثانياً: الجهات القضائية, وثالثاً: وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل, ورابعاً: وهو الأهم الإعلام والتوجيه التربوي لبيان أخطار هذه المهنة على المجتمع ودورها في تخريب نسيجه الاجتماعي.‏

خلاصة‏

نتمنى من كافة الجهات المعنية أن تتضافر جهودها للقضاء على هذه الظاهرة بشكل جاد لا سيما أنها تشوه المظهر الحضاري لبلدنا, ونتساءل ما الذي يمنع من إحداث مكتب عام لمكافحة التسول بالتعاون مع جميع أقسام الشرطة في جميع الأمكنة لأنه دون ذلك لا يمكننا معالجة هذه الظاهرة باعتبار أن المتسولين موزعون في مناطق وأصقاع شتى في دمشق وغيرها.‏

ولماذا لا تقوم وزارة الشؤون بفرز كل ذي عاهة أو عاجز ووضعه في المكان الذي يناسب حالته وأين هي من مشروعات التشغيل الذي نراه فقط كتابة على مدخل الدار وأين هي الحرف التي تكاد تكون معطلة ليس في دار تشغيل المتسولين فقط بل حتى في معاهد الأحداث فالمصير واحد, كما سبق وأسلفنا المسؤولية لا تقع وحدها على وزارة الشؤون بل على الجهات الأمنية والقضائية والاعلامية ومدى تعاونها في سبيل ردع هذه الظاهرة البعيدة عن اخلاقنا وقيمنا.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية