تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


آخر حكاية...إحياء جديد للمسرح الغنائي العربي

ثقافة
الاربعاء 5/10/2005م
أحمد بوبس

على امتداد عشرة أيام استمتع الجمهور الكبير المتعطش لمسرح غنائي غاب عنا منذ سنين إلا قليلاً, بالعرض الجميل للمسرحية الغنائية (آخر حكاية) التي قدمت على المسرح الكبير في دار الأوبرا.

هذه المسرحية أعادت للمسرح الغنائي بريقه, وشكلت نقلة نوعية لأوركسترا زرياب بإشراف الموسيقي رعد خلف بعد عرضه الأول (سفر النرجس) ثم العرضين التاريخيين (ليلة من ماري) و (ألواح أوغاريت).‏

في (آخر حكاية) تخلى رعد خلف عن التاريخ, وتوجه الى المستقبل, ليضعنا أمام حكاية متخيلة عن شهريار عام ,2057 وكيف يمكن أن تكون مشاعره مع شهرزاد. هذه القصة التي كتبتها الأديبة جمانة نعمان, ووضع الرؤية المسرحية سويمر شقيق رعد. أما الموسيقا وألحان الأغنيات فهي لرعد خلف نفسه.‏

تجري أحداث المسرحية في ضيعة يعيش أهلها حياة بسيطة يجمعهم الحب والغناء, وبينما هم يحتفلون بعيد المواعيد, يأتي الى الضيعة شاب تاجر للأسلاك الشائكة, يريد أن يقضي في قصره فترة للاستشفاء من مرض الاكتئاب. ويسمع أهل الضيعة يغنون في ساحة الضيعة. فيأمر رجاله أن يقيم كرنفالاً.‏

يغني فيه أهل الضيعة إلا فتاة اسمها شهرزاد. ويطلب منها أن تغني له فترفض أوامره وبالتالي يغضب لأنه لم يعتد أن يرفض أحد أوامره. فيأمر رجاله بخطفها لتغني له رغماً عنها لكنها تصر على رفضها ويقوم أهل الضيعة بتحريرها. ليعود الجميع الى ساحة الضيعة يتابعون عيدهم.‏

القصة بسيطة والمسرح الغنائي لا يحتاج لأحداث متعددة, فالدراما تحتل حيزاً منه ويبقى حيز للغناء, وآخر للوحات الراقصة. والعرض جاء فسحة لاستمتاع المشاهد بالغناء إضافة الى متابعة القصة.‏

المسرحية التي قدمها مجموعة من طلاب وخريجي المعهدين العاليين للموسيقا والفنون المسرحية. شكلت إحياء وتجديداً للمسرح الغنائي العربي الذي بدأه أبو خليل القباني وسلامة حجازي وسيد درويش وصولاً الى الرحابنة.‏

على الصعيد الدرامي.. كان في المسرحية شخصيتان أساسيتان. التاجر شهريار ورمح النار كاتم أسراره ومثّل دور رمح النار عروة كلثوم الذي كان نجم العرض بشخصيته الكوميدية التي تمتعت بخفة الدم ورشاقة الحركة وإتقان دوره. عروة أضفى على المسرحية نكهة كوميدية جميلة جعلت الجمهور يستمتع وينشد الى العرض. أما أنس أبو قوس ابن المطرب الكبير صباح فخري فقد مثّل دور تاجر الأسلاك الشائكة المصاب بالاكتئاب. وفي الواقع فإن شخصية أنس لا تتناسب مع هذا الدور.فشخصية رجل متسلط تحتاج الى شخصية قاسية الملامح شديدة نبرات الصوت, مثل شخصية أنطوان كرباج الذي تخصص في مسرح الرحابنة بأدوار التسلط والقوة. أما أنس فيصلح لأن يلعب أدواراً رومانسية تناسب شخصيته الحقيقية. فلم يكن مقنعاً في دوره. لأن الدور الذي تم اختياره له لم يكن يناسبه. مع ذلك عمل جهده ليؤدي الدور بنجاح مقبول.‏

أما لين جناد فلعبت دور شهرزاد ونجحت الى حد ما في أداء الدور برقة ورومانسية مع قوة الشخصية أمام شهريار. وكذلك شاهدنا أدواراً مقبولة لهالة أرسلان وشادي علي وليندا بيطار وسومر النجار وبقية طاقم المسرحية.. لأن الحوار الدرامي النثري كان صغير المساحة في العرض. بينما كان الغناء يحتل المساحة الأكبر. وعانت حركات الممثلين بعض الأحيان من البطء. وهذا طبيعي فمعظمهم يخوض تجربة التمثيل لأول مرة.‏

على الصعيد الموسيقي.. استمعنا الى مجموعة من الأغنيات الجميلة لحنها جميعها رعد خلف باستثناء أغنية وحيدة وعلى الرغم من أن رعد يخوض لأول مرة في هذه المسرحية التلحين على نطاق واسع وباللهجة العامية, فإننا استمعنا الى ألحان جميلة, طرب وصفق لها الجمهور فاستمعنا من شهرزاد وهالة أرسلان الى أغنية مشتركة (لما الديني بتعتم) وقدمت فرانسوا خدر موال (يا حلوة يللي خدودك تفاح). أما أنس أزرق فأمتعنا بأغنية (حبيتا وبحبها وراح حبا و الحب جنون) وكان صوته جميلاً وأداؤه ناجحاً. ومن أغنيات المسرحية أيضاً الحوارية الجميلة (جاي متل الصيف) غناء هالة أرسلان وسومر نجار. ولين جناد قدمت بأداء جميل أغنية (بفتح درج بسكر درج) وتحاورت فيها مع شادي علي الذي أدى دور حبيب شهرزاد وكان غناؤه وتمثيله جميلاً.‏

أما ليندا بيطار فغنت من لحن حميد البصري والد رعد خلف أبياتاً حلوة لأبي نواس (وحق الهوى ما حدت يوماً عن الهوى) وأدتها ليندا بشكل ساحر هزت الجمهور, فصفق لها كثيراً.‏

كما استمعنا الى بعض الأغنيات الجماعية مثل (بالضيعة عطينا مواعيد). ومع أن الغناء جاء من صلب السياق الدرامي للمسرحية وخدم الدراما فإن بعض الأغنيات يمكن تقديمها بشكل منفصل على المسرحية. وهذه ميزة تساعد المطربين على تقديم الأغنيات خارج المسرحية.. مثلما فعلت فيروز.‏

بصورة عامة.. المسرحية كشفت عن مجموعة مواهب في التمثيل و الغناء ستنمو مقدراتها في العروض القادمة. لنصل الى مجموعة ممتازة منسجمة, من أهم ما يميزها أن معظم أفرادها مغنون يتمتعون بأصوات جميلة. وبهذه المسرحية حققت أوركسترا زرياب ورعد خلف نقلة نوعية, تدفعنا الى انتظار عملهم القادم بلهفة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية