ما أطيب الجمرَ في أقداحِ مَن شَرِبا
حُزنُ السُّلافةِ أنِّي ما احتفلتُ بها
ومن معاصِرها لم ألتمِسْ عِنبا
ملآنةٌ بحروفِ الوحي باطيتي
وجئتُ أسألُ: هذا الحُسنَ مَن كتبا؟
لي عُمرُ زيتونةٍ في حبِّها، قَدَرٌ
أن يقطفَ النُّورَ مَن مشكاتها طلبا
لا تنحني الشمسُ إلاَّ كي تُسِرَّ لها
أن لم تجِدْ أبداً إلاَّ بها عربا
فلا لصالِحَ فيها ناقةٌ عُقِرَتْ
ولا مسيحٌ على أبوابها صُلِبا
ولم تُغيِّب بقاعِ الجُبِّ يوسُفَها
ولا محمَّدُ من أبنائها نُكِبا
وظلَّتِ الشَّامُ أُمَّ الأوفياء، وما
أدراكَ أنْ لم تكُنْ للأكرمين أبا؟!
يا قارئَ الكفِّ هل خَبَّرتَ عن زمنٍ
فيهِ يُقَلَّدُ تاج الصِّدقِ من كَّذبا؟!
وهل قرأتَ بفألٍ أنَّ شَعوذةً
ستملأ الأرضَ من أبنائها شَغَبا؟
وأنْ سيظهرُ دجَّالٌ بأمَّتِنا
وألفُ فيها إذا ما واحدٌ طُلِبا
وقد عجِبتُ لِصبرِ الشِّام كم نُكِبَتْ
منَ الطَّغامِ وصبرُ الشَّام ما تعِبا
يا أمَّةَ الدِّينِ إنَّ الشَّامَ باقيةٌ
فَلْتَلْعبوا غيرها إن شئتُمُ لَعِبا
أحرقتُمُ المغرِبَ الأدنى بِفِتنتِكُمْ
وتجمعونَ لشرقِ الأمَّةِ الحطبا
أخطأتُمُ، وأنا أدعو أئِمَّتَكُمْ
أنْ يعقِلوا فِتنةً تُودي بَمَنْ ركِبا
كُنَّا نُؤمَّلُ خيراً من مُؤدِّبِكُمْ
لكِنْ، مُؤدِّبُكُمْ لا يعرفُ الأدبا
من يومِ جيرومَ قد أرسى دعائمها
والشَّامُ تُطعِمُ رأسَ الفِتنةِ الذَّنبا
يا صبرَ أيُّوبَ كم عانيتَ من مِحَنٍ
ومن رماكَ بها لا يعرِفُ السَّببا
هل كان مولاكَ معروفاً بغفلتهِ
حتَّى عليكَ ـ وأنتَ المخلصُ ـ انقلبا؟
تبَّتْ أيادي سبا.. عفواً أبا لهبٍ
ولَّيتَ كيفَ على أعرابنا لهبا؟!
دهْراً نداوي جراح الغدر من يدهِ
ونُسكِتُ الحقدَ.. بل لم نُسمِعِ العتبا
حتى وحتى وحتى، كيفَ نبلعها
هذي العقاقيرُ أمسَتْ تُتلِفُ العصبا
فَلْيحصِدِ الشَّوكَ بالأسنانِ زارِعُهُ
ولْينتبِهْ، فثرانا يُنبِتُ القُضُبا
ذقنا المرارةَ من أغلى أحِبَّتنا
وأشعرونا بأنَّا بينهم غُرَبا
يا صبرَ أيوبَ ما في خيبرٍ رجُلٌ
إلاَّ وأصبحَ للإسلام مُنتسِبا
وما بمكَّةَ من دين النبيِّ سوى
موتى البقيعِ ومن لم يستطِع هَرَبا
دمشقنا تقرأ التَّاريخ عن كثبٍ
ولا تصدِّقُ من أملى ومن كتبا
فليكذبوا غيرها، ما من دمٍ كَذِبٍ
على ملابِسِنا، كانوا الدَّمَ الكَذِبا
لا تغدُرُ الشام اخواناً لها أبداً
ولا ينالُ بها ذو فِتنةٍ أربا
فلْتَرْكَبِ الفِتنةُ العمياءُ سِكَّتها
ولْتنطَلِقْ، فعرينُ الشَّامِ قد وثبا