تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


استحضار قيم الجلاء والتوحد خلف الجيش العربي السوري

شؤون سياسية
الثلاثاء 16-4-2013
منير الموسى

لم يكن نضال الشعب العربي عامةً والشعب السوري خاصة من أجل الاستقلال وطرد المستعمرين وليد عشية وضحاها فهو نضال مديد استمر قروناً في مقارعة الاستعمار العثماني الذي نهب كل خيرات ومقدرات الشعوب العربية،

وكان العرب تواقين للتخلص من ربقة آل عثمان في الوقت الذي كانت تسخن فيه المسألة الشرقية في نهاية القرن التاسع عشر وتستعد الدول الاستعمارية التاريخية فرنسا وبريطانيا للانقضاض على ما سمي بالرجل «العثماني» المريض للحلول مكانه. وحدود سايكس بيكو التي وضعتها هاتان الدولتان لتسهيل قيام الكيان العنصري الصهيوني في فلسطين كانت ترسم بالترافق مع اللعب على العرب في الجزيرة العربية وخداعهم بالوعود ليقوموا بالثورة على العثمانيين وطردهم ليسهل فيما بعد على المستعمرين الجدد الحلول مكانهم، وتطبيق سياسة فرق تسد، فاقتسمتا بلاد الشام بينهما، ووقعت سورية ولبنان تحت الاحتلال الانتداب الفرنسي وبقية بلاد الشام تحت الانتداب البريطاني وبدعم وغطاء من عصبة الأمم التي تشبه إلى حد كبير في سياساتها العالمية منظمة الأمم المتحدة اليوم، من حيث إن الأولى كانت بيد المنتصرين في الحرب العالمية الأولى والثانية بيد المنتصرين في الحرب العالمية الثانية يتحكمون في قراراتها كما يشاؤون لتسهيل هيمنتهم على العالم.‏

وكانت معركة الاستقلال واحدة ليس في بلاد الشام فحسب بل في معظم البلدان العربية لأن المستعمر واحد، وقد سعت فرنسا إلى تقسيم سورية إلى عدة دويلات وفشلت بسبب إصرار مناضلي الشعب السوري على وحدة البلاد ولم تستطع كل الإغراءات المقدمة للشخصيات الوطنية بالقبول بزعامات على دويلات هشة وصغيرة بل لقيت مقاومات عنيفة في حلب واللاذقية وجبل العرب ودمشق وفي كل سورية.‏

المستعمر الفرنسي شن عمليات واسعة ضد الوطنيين ومنهم من سجن ونُكل به فقامت الثورة السورية الكبرى عام 1925رداً على التقسيم ثم ثورة عام 1936 وكانت فرنسا تقوم بتصفية بعض الثوار ومعروف أن المشانق علقت في أكثر من مكان في سورية وخاصة أمام التكية السليمانية بدمشق.‏

فرنسا خلال احتلالها للقطر العربي السوري ظلت حوالي 26 سنة تنهب خيرات البلاد من ذهب ومواد أولية ومياه معدنية كانت تصدرها إلى أوروبا وخلال فترة الاحتلال قصفت أكثر من مرة المدن السورية وقصف مدينة دمشق وبرلمانها الذي يضم ممثلي الشعب السوري الرافض للاحتلال عام 1945.‏

نضال مرير خاضه الشعب السوري لطرد المحتل الفرنسي ليتوج بالاستقلال في 17 نيسان عام 1946، ولا ينكر أحد أن ثمة من تعاون مع الاحتلال من السوريين وهم قلة تبتلي بأمثالهم كل الأمم ولعل النسخة السورية منهم هم أجداد هؤلاء الذين يخرجون علينا اليوم من اسطنبول والدوحة ومصر وغيرها من العواصم الغربية بذرائع شتى لإعادة سورية إلى المخطط البريطاني الفرنسي الموضوع منذ منتصف العقد الثاني من القرن العشرين والكل يعرف أن جدّ معاذ الخطيب كان من بينهم. لنجد أن اليوم يشبه الأمس من حيث وجود الوطنيين المدافعين عن سورية بدمائهم وبين من يسهل للمستعمر الغربي الأميركي وذيوله الفرنسيين والبريطانيين التدخل في سورية وإعادتها إلى الحظيرة الاستعمارية العفنة بل إعادة كل العالم العربي الى حالة الذل والاستعباد وكل ما يجري في شمال إفريقية والشرق الأوسط ما هو إلا سايكس بيكو جديدة تهدف إلى تقسيم كل العالم العربي فها هي ليبيا ومصر وتونس كلها تحت السيطرة الاستعمارية وكذلك دول الخليج التي تتآمر على البلدان العربية لتسهيل العملية الاستعمارية الغربية، دول الخليج التي لم تخرج يوماً من تحت ربقة الاستعمار. وبذلك نجد خطين متوازيين من التآمر: دخول أفراد معينين ممن كانت أسرهم عميلة للاستعمار على خط المؤامرة الجديدة طمعاً بارتقاء السلم الاجتماعي سريعاً والوصول إلى السلطة أو تحقيق المكاسب المادية الفاحشة. ودخول الدول التي رسمت حدودها الدوائر الاستعمارية مثل الدول الخليجية ودول الربيع العربي الإخواني السلفي كأدوات معنوية ومادية تساند المستعمرين وربيبتهم إسرائيل بالإعلام وبالمال لتفتيت سورية خدمة لمصالحهم المتمثلة بالبقاء على العروش.‏

فما أحوج السوريين كلهم إلى استحضار قيم الجلاء بالتوحد صفاً واحداً وراء جيشهم العربي السوري لدحر مرتزقة أميركا وذيولها والقضاء على إرهابهم الذي يدمر كل مؤسسات الشعب السوري من خطوط نفط ومدارس ومشاف وجامعات ويقتل العلماء لإرجاع سورية إلى القرون الحجرية مثلما تبجح إيهود باراك وغيره من قادة الكيان الصهيوني الذي مازال يعي أن الذي يستطيع إخراجه من الجولان والقدس هو وجود سورية قوية وموحدة.‏

الأطماع الاستعمارية في المنطقة العربية ليست وليدة الأمس القريب فالحروب الصليبية التي عدها الغزاة قبل قرون حرباً مقدسة إنما كان يراد منها استيطاناً غربياً على حساب الشعوب العربية التي كان المطلوب إبادتها، يوم لم يكن هناك نفط تتدخل الدول الاستعمارية بذريعة الحصول عليه. واليوم ترى مراكز الدراسات المناوئة للإمبريالية أن أحرار العالم والمناهضين للمجازر وللعولمة المجرمة يرون أن من سيمنع البحث عن النفط من تغيير وجه العالم العربي إلى غير رجعة هي المقاومة وحدها وانتصار سورية على مشروع الإبادة الجديد المتمثل بالمحرقة الجديدة ومنع ما حدث في الأميركيتين، حيث قدم الباحث الأميركي ديفيد ستانارد في كتابه «المحرقة» وثائق عن أفظع أعمال الإبادة الجماعية في العالم على الإطلاق ولاسيما مع وصول الغرب إلى العالم الجديد في القرن الخامس عشر. واعتبر أن المحرقة الحقيقية حدثت هناك واليوم هناك محارق جديدة بحثاً عن النفط والاستثمارات والاستيطان.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية