تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


القنيطرة: الاستقلال نقطة تحول في تاريخ سورية النضالي والوطني

القنيطرة
الثورة
محليات
الثلاثاء 16-4-2013
عندما نتحدث عن أحمد مريود يقفز إلى الذاكرة قائد ثورة الجولان وجبل الشيخ، حيث ولد الشهيد في قرية جباتا الخشب عام 1886، ومن المناضلين الذين آمنوا بعدالة قضيتهم، دافع عنها سلماً وحرباً ودفع حياته ثمناً لها، مسطراً مع رفاقه لوحة مشرقة في تاريخ الأمجاد العربية.

وكان لأجداده مواقف مشرفة في الدفاع عن الوجود العربي زمن الاحتلال التركي، ولم يكن قائداً عسكرياً فقط بل كان صاحب قلم وفكر، كان شخصية وطنية في العهد الفيصلي، وبعد إعلان الحلفاء تقسيم بلاد الشام، أعلن الثورة عام 1919، منطلقاً من الجولان وجبل عامل إلى شرق الأردن، وبعد معركة ميسلون واحتلال دمشق، كان أحد القادة الذين حكم عليهم بالإعدام.‏

قاد ثورة شملت سورية والأردن وجبل عامل في لبنان امتدت من 1919 وحتى العام 1920 خاض الثوار معارك كثيرة منها معركة المطلة– مرجعيون– النبطية– الحماري– القليعة – ابل السقي– الخصاص الأولى والثانية.‏

خشيت فرنسا من ازدياد قوة مريود فدعاه المستشار الفرنسي في القنيطرة إلى لقاء خاص غير أن البطل أحمد مريود لم ينخدع بدعوة المستشار فرد دعوته قائلاً: إن أحمد مريود ليس من صنف الرجال الذين يقومون بعقد لقاءات سرية وخاصة، فلا تفاوض ولا لقاء إلا بعد أن تعلن فرنسا قرارها بمنح الاستقلال والجلاء عن أرض الوطن.‏

وعلى أثر ذلك شنت القوات الفرنسية هجوماً كبيراً على قرية جباتا الخشب تساندها الطائرات واستمرت المعركة من ساعات الصباح حتى بعد العصر استشهد فيها أحمد مريود وشقيقه ونقل الفرنسيون جثمانه إلى دمشق وعرضوه في ساحة المرجة للتشفي ولكن أهالي دمشق اغرقوا الجثمان بالورود ثم أخذوه بالقوة ودفنوه في حي– عاتكة – وعندما سمع الشاعر الكبير أبو سلمى خبر استشهاده قال:‏

سليمى تعالي اندبي أحمدا فها قد طوته أيادي الردى‏

كان من الرجال الأحرار الذين سيقوا إلى لبنان للحكم عليهم بالإعدام من قبل جمال السفاح في عاليه.‏

استشهد أحمد مريود عن عمر يناهز الأربعين عاماً وتقديراً لأعماله البطولية سمي أحد شوارع دمشق باسمه إضافة إلى إطلاق اسمه على ثانوية جباتا الخشب، وفي هذا العام 2010 تم إزاحة الستار عن النصب التذكاري الذي يحمل اسمه ويتوسط الشارع الرئيسي في بلدة جباتا الخشب، لقد كان لهذه الشخصية الوطنية الجهادية الدور الكبير في العمل السياسي والنضالي الذي حفلت به سورية.‏

لم يكن جلاء المستعمر الفرنسي عن تراب الوطن ليتحقق لولا سنوات طويلة من الكفاح الوطني، فما أن دخل الاستعمار الفرنسي بلادنا حتى اشتعلت أرض الوطن بالثورات، فكانت ثورة الشيخ صالح العلي الصرخة الأولى في وجه المحتلين الفرنسيين في المنطقة الساحلية الذي أدار المعارك ببسالة وشجاعة كبيرة، وجاءت ثورة البطل إبراهيم هنانو في جبل الزاوية مسطرة صفحة ناصعة من النضال الوطني وشهدت مدينة حلب وريفها ومدينة إدلب وريفها ضروبا نادرة من البسالة والشجاعة والبطولة في مواجهة المحتلين وامتدت الثورة لتشمل غوطة دمشق وسهول حوران وهضاب الجولان ومناطق حمص وحماة ودير الزور‏.‏

وعندما نقلب صفحات التاريخ يندرج اسم المجاهد الكبير سلطان باشا الأطرش علماً من أعلام الثورة السورية الكبرى ورمزاً كبيراً من رموز النضال الوطني ومدرسة في الوطنية ومثال أعلى في الجهاد والصبر والاستقامة، جاهد طيلة حياته التي بلغت إحدى وتسعين سنة بهمة قوية لا يساوم على الكرامة والحرية.‏

واليوم ما أحوجنا لكي نلتقي مجدداً نحن أحفاد هؤلاء المجاهدين الكبار للذود عن حمى سورية بالغالي والرخيص، لقد كان الشعب كله، بفئاته ومناطقه، يقاوم الاحتلال والاستعمار في وحدة وطنية قوية متماسكة، عبرت عن الانتماء الحقيقي لهذا الوطن ومحبته، تلك الوحدة الوطنية الرائعة التي استطاعت أن ترغم المستعمرين الفرنسيين على الجلاء عن تراب الوطن الطاهر، وتنجز الاستقلال التام في السابع عشر من نيسان سنة 1946، فكان يوم الجلاء، يوم الاستقلال، نقطة تحول كبيرة في تاريخ سورية النضالي والوطني. ‏‏

وذكرى الجلاء التي تعود بالذاكرة إلى سطوع شمس الحرية والاستقلال قبل أكثر من ستة عقود ونيف من الزمن تستدعي من جميع أبناء الوطن اليوم استلهام دروس ذلك النصر وعبره النضالية وشحذ الهمم ورص الصفوف للحفاظ على المعاني والدلالات السامية للجلاء والوقوف صفا واحدا في التصدي للمؤامرات التي يتعرض لها الوطن من كل حدب وصوب والتي تهدف إلى إعادتنا إلى عصور الجهل والتخلف والانتداب وفرض الوصاية علينا ومصادرة قرارنا المستقل والنيل من نهجنا المقاوم لكل المشاريع الاستعمارية وشعبنا الأبي الذي صنع الجلاء سيحطم كل المؤامرات ويبقى ألق الجلاء ساطعاً.‏

إن الاحتفال بعيد الاستقلال، عيد الحرية والسيادة، يجسد مناسبة وطنية تاريخية غالية تحفزنا على أن نكون أبداً مستعدين للدفاع عن وطننا، وحماية سيادته واستقلاله، في مواجهة المؤامرات الاستعمارية الجديدة، التي تستهدف وحدتنا الوطنية ومواقفنا القومية، ليبقى الوطن عزيزاً أبياً، شامخاً كشموخ المآثر والأمجاد التي صنعت الاستقلال وأعلت شأن الوطن وكرامته.‏

وستنتصر سورية الوطن، وسينتصر الشعب السوري، وسيعود الأمن والاستقرار، والحرية والاستقلال إلى ربوع الوطن الحبيب تحت راية العزة والكرامة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية