تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


السوريون يستحضرون أمجاد أبطال أشعلوا بدمهم جذوة الثورة والانتصار

دمشق
سانا- الثورة
أخبار
الثلاثاء 16-4-2013
يستحضر السوريون في الجلاء ذكرى الشهداء الابرار وقصصا عن نضال الاباء والاجداد ضد المستعمر الفرنسي لتتمثل المعاني السامية في وطن يناضل كل يوم ليحافظ على السيادة والاستقلال

مستمدا معاني البطولة والفداء والكرامة من هذا أمس الذي رخصت لاجله النفوس وغلا حب الوطن وعلت روح الاباء ليخلد الزمن في سفر المجد حيث سطر السوريون أروع دروس الخلود مؤكدين أن الوطن الغالي سيبقى شامخا كقاسيون وان صدورهم العامرة بحب الوطن لا تلين ولا تستكين.‏

سبعة وستون عاما هو عمر سورية المستقلة بعد أن اقتلعت من سفرها التاريخي ربع قرن من الاحتلال الفرنسي الذي دنس أرضها الطاهرة مستنزفا معه أرواح ودماء مجاهدين سوريين عصموا على عقيدة حقة وعلى قضية وطن عادلة فقرروا النضال حتى آخر نفس كخيار أوحد لا يستوي دونه مجد سورية وعزتها وسيادتها فكان لهم ما أرادوه لينبسط تحت راياتهم الحمراء وطن عزيز في كل شبر من أراضيه المقدسة.‏

ومنذ السابع عشر من نيسان عام 1946 انطلقت مرحلة تاريخية جديدة سطرها أبطال سورية الشرفاء ورجالاتها المجاهدون بمداد من دم وإرادة وعزيمة لا تلين ليصل السوريون بعد رحلة من النضال والتحولات الجذرية والعمل الدؤوب لصياغة سورية الحديثة بمختلف ميادينها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والثقافية والسياحية دون أن تغفل لحظة واحدة عن رسالتها القومية ودورها الأساسي في توحيد الصف العربي متخذة من فلسطين بوصلة دقيقة توجه جل خياراتها النضالية.‏

ثورة الحق التي قامت قبل عقود من الزمن وقادها مغاوير سوريون صدقوا ما عاهدوا الله عليه تعود اليوم لتتفجر من جديد ضد الإرهاب والباطل الذي تتزعمه قوى الاستعمار القديم الجديد وتصدره لنا عبر أدواتها في المنطقة للنيل من مواقف السوريين المشرفة والانقضاض على مقدراتهم و ثرواتهم وأرواحهم وبناهم التحتية بعد زعزعة الأمن والاستقرار الذي تميز به بلدهم لعقود خلت.‏

الجلاء عرس تاريخي أشرقت فيه شمس الحرية‏

وقال الأديب محمد عباس ان الثورة السورية التي قادت قبل سبعة وستين عاما إلى جلاء آخر جندي فرنسي عن أرض سورية بعد سنوات طويلة جثم خلالها المستعمر على هذه الأرض الأصيلة أنجبت الثوار الحقيقيين آنذاك وقد انتفضوا في كل مكان وفي مقدمتهم الشيخ صالح العلي الذي لقب بشيخ المجاهدين إذ كان لثورته سمة شعبية بكل ما للكلمة من معنى واتسعت تدريجيا حتى شملت جميع أنحاء المنطقة الساحلية واستمرت نحو السنتين قبل أن تقوم ثورة سلطان باشا الأطرش وثورات أخرى تبعتها في كل أنحاء الوطن.‏

ويرى عباس أن ما يجري اليوم في سورية ما هو إلا تحريك للمجرمين وتصدير للإرهابيين من قبل دول استعمارية ترمي إلى بسط سيطرتها على سورية وبالتالي إلغاء دورها القومي والوطني والاهم بالنسبة لهم إلغاء دورها في دعم المقاومة العربية في وجه الصهيونية العالمية ولذلك لم تأت خطوتهم برفع علم اقره الانتداب الفرنسي مفاجئة فالأدلة على ارتباطهم بالأجنبي وتسييرهم من قبله لا تعد ولا تحصى.‏

وتشير الأديبة مناة الخير إلى أن الجلاء عرس تاريخي تفتحت فيه زنابق المجد وأشرقت شمس الحرية فهو الأب الشرعي لكل أعياد سورية الوطنية بلا استثناء فلولا الجلاء لما كانت هناك أعياد واحتفاليات ولذلك كلما عاد نيسان عادت إلى ذاكرتنا تلك التضحيات الكبيرة التي قدمها ثوار سورية الحقيقيون في تلك الحقبة والتي لم تخلف الاستقلال والسيادة فحسب وإنما أرخت الأسس لانطلاقة وطنية حقيقية قوامها العزيمة الشعبية الصلبة والتي جاءت نتيجة طبيعية لرحلة حضارية طويلة مهدت لهذا التحدي الكبير والذي اثبت الشعب السوري من خلاله أن إرادة الشعوب لا تقهر.‏

وترى الشاعرة هيام سليمان ان الجلاء قيمة نضالية وانسانية وحضارية كبيرة تضاف الى مجموعة القيم السامية التي اشتغل الشعب السوري على توطينها وتكريسها على مدى آلاف السنين ولذلك فان الاستقلال كان نتاجا طبيعيا وتحصيلا تاريخيا لجملة المنجزات الحضارية التي حققها السوريون عبر رحلتهم الانسانية الطويلة وقد عرف عنهم عبر المراحل التاريخية المتعاقبة قدرتهم على انتاج الفكر والثقافة والرؤى الخلاقة وهي العوامل الاساسية في تصويب مسيرة الشعوب والمجتمعات نحو مزيد من البناء والارتقاء.‏

وتعبر سليمان عن ثقتها بأنه مهما اشتدت المحن اليوم فان القيم التي يحملها السوريون في نفوسهم وتتجذر في وجدانهم وعقلهم هي ما سيكفل حتمية انتصارهم الجديد ودحرهم للارهاب ليكون للسوريين عيد جديد هو عيد الانعتاق من وابل المخططات الاستعمارية الجديدة التي ظلت تتوارد على السوريين على مدى عامين من الزمن.‏

الخراط و مريود سطرا بطولات المجد والخلود‏

على طريق الجلاء الطويل سقط آلاف الشهداء وروت دماؤهم الطاهرة ارض الوطن وكتبت بطولاتهم تاريخه بكبرياء وفخار بينهم الشهيد البطل حسن الخراط ابن دمشق العروبة كان أحد قادة الثورة السورية الكبرى عام 1925 وشارك في عدة معارك ضد الفرنسيين منها معركة الزور الأولى ومعركة النبك ومعركة الشام.‏

جرح في معركة الزور الثانية في تشرين الأول 1925 واستشهد في معركة يلدا في كانون الأول من العام نفسه.‏

ومن ارض الجولان السوري الحبيب اعلن البطل المجاهد احمد مريود ابن بلدة جباتا الخشب ثورته ضد الاستعمار الفرنسي منذ عام 1919 وواجه المحتلين في عدة معارك وشن ضدهم حرب عصابات انطلاقا من الاردن.. حكم الفرنسيون عليه بالإعدام عام 1920 فاضطر للمغادرة الى الحجاز ثم الى العراق بعد هجوم آل سعود على الطائف.‏

عاد الى الوطن بعد اندلاع الثورة السورية الكبرى التي شارك فيها بفعالية وقاد عدة معارك في الجولان حتى تمكنت القوات الفرنسية من محاصرة منزله واستشهد مع عدد من رفاقه في 30 أيار 1926.‏

خنجر أشعل بدمه جذوة الثورة والانتصار‏

قدم ادهم خنجر المقاوم والثائر من جنوب لبنان الى مدينة القنيطرة للمشاركة في التصدي للمستعمر الفرنسي وقاد حركة مقاومة ضد الاحتلال الفرنسي لبلاد الشام تكبد خلالها الفرنسيون خسائر جسيمة.‏

حاول خنجر اغتيال الجنرال غورو المندوب السامي الفرنسي في الثاني والعشرين من شهر حزيران عام 1921 أثناء مروره في القنيطرة وذهب أدهم واطلق عليه النار لكنه لم يقتل.‏

لجأ خنجر الى سلطان باشا الاطرش في القريا في السويداء ولكن جنود الاحتلال اعتقلوه من بيت سلطان باشا بغيابه في 7 تموز 1922 فكان اعتقاله الشرارة التي أطلقت الثورة في جبل العرب ومن ثم الثورة السورية الكبرى وقد أعدمه المحتلون الفرنسيون عام 1922 في بيروت.‏

القاوقجي نسّق مع ثوار الجبل والغوطة‏

وقارع المستعمر في حماة‏

اثر معركة المسيفرة التي خاضها ثوار جبل العرب في 17 أيلول 1925 والتي كانت حادثا له قيمته التاريخية وشأنه الكبير في الثورة السورية الكبرى قرر ابناء مدينة حماة اطلاق الثورة في المنطقة الوسطى انطلاقا من المدينة لمساعدة الثوار في المناطق السورية الاخرى وارسلوا وفدا الى دمشق والسويداء للتنسيق مع الثوار هناك واخذ رأيهم.‏

وتضمن الاتفاق أن تبدأ الثورة في حماة في الثاني من تشرين الاول بقيادة البطل فوزي القاوقجي والا يعقد ثوار الجبل صلحا منفردا بل ان كان هناك صلح يوقع باسم سورية.‏

وكان لهذا الاتفاق تأثيره الكبير على الفرنسيين اذ ان ثورة حماة كانت العامل الاكبر في سحب جزء من الجيش الفرنسي من السويداء ونقله الى حماة بعد أن كان يصر على اخضاع الجبل.‏

وكرس القاوقجي خبرته العسكرية التي حصل عليها خلال دراسته في المدرسة الحربية في الاستانة لخدمة الثورة وعقب معاركه في حماة التي اضطر فيها الجيش الفرنسي لاستخدام الطيران انتقل الى البادية وبدأ يشاغل الفرنسيين ويخفف الضغط عن ثورات الشمال والساحل ودمشق والسويداء وجرح في احد المعارك قرب تدمر وبعد شفائه انتقل الى غوطة دمشق وبعدها الى جبل العرب وشارك في المعارك تحت قيادة سلطان باشا الاطرش.‏

وكان القاوقجي رجلا قوميا يؤمن بوحدة الامة العربية حيث شارك في التصدي للقوات البريطانية خلال ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق عام 1941.‏

وكانت النقطة البارزة في حياة القاوقجي النضالية توليه قيادة جيش الانقاذ في فلسطين عام 1947 حيث قاد حملة من المتطوعين العرب من بلاد الشام والعراق وعبر بها شرقي الاردن الى فلسطين وحقق انتصارات عدة ابرزها معركة المالكية في حزيران 1948.‏

الأشمر وسعيد العاص‏

واجها المحتل بالعلم والعمل‏

بالعلم ترقى الامم وبالاخلاق تسود.. عبارة تشكل عنوان النضال السوري ضد المحتلين على مر الاجيال فالمواجهة مع المحتل تحتاج العلم كما تحتاج السلاح وهذا كان حال ابطال الجلاء وثواره الذين كرسوا خبراتهم وعلومهم لمقارعة المحتل الفرنسي.‏

وكان الثائر البطل محمد الاشمر ابن مدينة دمشق وصاحب اسم احدى ساحاتها اليوم من اوائل الثوار الذين كرسوا العلم للعمل فهذا البطل درس علوم الدين وشارك في معركة ميسلون 1920 كما ساهم بالاعداد للثورة السورية الكبرى 1925 وقاد الثوار في عدد من المعارك ضد الجيش الفرنسي في غوطة دمشق.‏

ذاع صيت الاشمر بعد الانتصارات التي حققها وحكم الفرنسيون عليه بالاعدام فلجأ الى الاردن وشكل مع مجموعات من الاردنيين خلايا عسكرية تهاجم القوات الفرنسية في درعا ثم تنسحب الى داخل الاردن وخلال الثورة السورية الكبرى ما بين عامي 1925 و1927 توجه الاشمر الى دمشق مع عشرين شابا من دمشق وحوران ودخل الغوطة وجمع الثوار حوله وخاض ضد القوات الفرنسية معارك شرسة في بساتين قريتي يلدا وببيلا.‏

ولما انتهت الثورة عاد الى الاردن وشكل قوة مسلحة قوامها 600 رجل اتخذوا من ريف درعا مقرا لهم وخاضوا معارك جديدة ضد القوات الفرنسية وفي عام 1931 عاد الى دمشق.‏

وسنة 1936 التحق الاشمر بالثورة ضد الاستعمار البريطاني وشارك في معارك كثيرة ورفض رسائل عديدة من حكام عرب يطالبونه بعدم المشاركة في الثورة وبعد انتهاء ثورة 1936 في فلسطين عاد الى دمشق ليتابع نضاله ضد الفرنسيين حتى تحقق الجلاء.‏

ومن حماة مدينة ابي الفداء خرج المناضل سعيد العاص شاهرا سلاحه في وجه المحتل الفرنسي ليكرس خبرته العسكرية ضده حيث تخرج في المدرسة الحربية في الاستانة عام 1907 وشارك في القتال ضد الفرنسيين 1920 وغادر الى الاردن بعد معركة ميسلون ليعود ويشارك في الثورة السورية الكبرى عام 1925 وسرعان ما أصبح أحد أبرز القادة الميدانيين سواء في معارك جبل العرب أو معارك حمص وعيون العلق والنبك وعين ترما ومعربا ومناطق الهرمل وعلى أبواب طرابلس شمالي لبنان.‏

وشارك العاص ايضا في الثورة الفلسطينية الكبرى ضد الاحتلال البريطاني عام 1936 وقاد عدة معارك استشهد في إحداها قرب بلدة الخضر بقضاء بيت لحم.‏

درعا.. تاريخ عريق في النضال‏

ضد المستعمر الفرنسي‏

درعا الخاصرة الجنوبية لسورية.. كانت الشوكة في حلوق الفرنسيين ولقنتهم درسا لا ينسى في النضال والاستبسال والدفاع عن الارض حيث شكلت هذه المحافظة رغم صغر مساحتها الجغرافية رقما صعبا في وجه المستعمرين الفرنسيين وكانت اخر محافظة استطاع ان يدخلها بعدما تكبد خسائر فادحة في عدته وعتاده على مدخلها الشمالي.‏

استبسل اهالي درعا عام 1920 على تخوم مدينة الكسوة في القتال ضد الفرنسيين عندما خاضوا معركة تل المانع مقدمين مئات الشهداء فداء لتراب سورية وأخروا دخول الفرنسيين إلى درعا نحو شهرين حيث يقول المؤرخ حسين المقداد في مذكراته حين علمت حوران بزحف القوات الفرنسية من دمشق إلى درعا في صبيحة يوم من شهر أيلول 1920 انطلق أهالي درعا من مختلف مدن وقرى المحافظة بقيادة النائب سعد الدين المقداد يحملون السلاح إلى أرض المعركة بين جبلي الكسوة والمانع حيث دارت هناك معركة طاحنة مع الجنود الفرنسيين استمرت شهرين اضطرت فيها القوات الفرنسية إلى استخدام الطائرات والرشاشات والمدفعية لمواجهة المقاومين الذين كان سلاحهم البندقية والسكين وبعض الاسلحة الخفيفة التي غنموها من المستعمر التركي في أوقات سابقة.‏

ويروي الكاتب والمؤرخ احمد فؤاد الزعبي في مؤلفه صور مشرقة من نضال حوران ان اهالي محافظة درعا خاضوا طوال السنوات الخمس والعشرين من الاحتلال الفرنسي لسورية معارك كثيرة امثال معارك المسيفرة وخربة غزالة وداعل وزيزون والمزيريب واليادودة والشجرة ووادي اليرموك وتل عرار والدلي والجمرك الا ان الشعرة التي قصمت ظهر الفرنسيين هي معركة المذخر في مدينة درعا التي وقعت بعدما وصل أهالي درعا خبر مذبحة حامية البرلمان بدمشق عام 1945 واعتقال محمد مفلح الزعبي أحد الزعماء الوطنيين وشقيقه محمود واقتيادهم إلى ثكنة المذخر.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية