تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


شحادة الخوري:الترجمة ضرورة وحاجـة..

ثقافـة
الاثنين 4-3-2013
 كندة أحمد علي

لاشك أن الترجمة تشكل واحدة من النوافذ الهامة التي نطل من خلالها على العالم الآخر والتواصل معه عبر نتاجاته العلمية والأدبية والفكرية، وقد سن المترجمون لأنفسهم معايير لاختياراتهم لما يترجمون فإلى أي حد يستطيع أن يكون المترجم حيادياً،

وكيف يتم اختياره لترجماته، وهل ترجمته هي من جانب واحد فقط، أم أن التبادل هو موضوعي من وإلى العلوم والآداب كافة، يقول الأستاذ شحادة الخوري، عضو مجمع اللغة العربية:‏‏

بداية أود أن أذكر أن الترجمة هي طريقة تواصل بين الثقافات والحضارات والشعوب، وهي وإن تكن قديمة إذ وجدت عندما تكلم فريق من الناس بلغة ما وتكلم فريق آخر بلسان آخر، لكنها ازدادت أهمية بازدياد التواصل بين البلدان والقارات وبسبب ازدياد عدد المثقفين والمتعلمين في كل الأقطار وفي بلداننا العربية، وحجر الزاوية في الترجمة هو اختيار الكتاب، فهل نختاره للامتاع أم نختاره للمتعة، إنني أعتقد ونحن بلدان نامية إننا أحوج ما يكون إلى الكتب التي تصدر بلغات الدول المتقدمة والتي تشرح العلوم الحديثة وتعالج الابتكارات التقنية والتقانية، هذه العلوم التي تعالج العلوم المتطورة والمستحدثة والتي تحقق في كل يوم كشوفاً كعلم البحار وعلم الفضاء وعلم الطب وعلم الذرة وسوى ذلك...إلا أننا نحن في سورية العربية بل في الوطن العربي بأجمعه مطالبون بأن نقطع الأشواط لننتقل من ساحة الاستهلاك إلى ساحة الانتاج ونحقق تقدماً لحماية ثرواتنا واستخدامها لتحقيق الرقي الفكري والحضاري..‏‏

إن اختيار الكتاب ينبغي في نظري أن ينصرف إلى ما ينفع الفرد والجماعة «القارئ والوطن» وهذا يعود تقديره إلى القائمين على عمل الترجمة – أضف إلى ذلك أننا لا نغفل الإمتاع، أي أن ننقل من اللغات الأخرى أفضل ما ينشر من لغات أدبية- وفنية والرواية والقصة والشعر والفنون..‏‏

لأن في ذلك تهذيباً للنفس، والاطلاع عليها يحملنا على تطوير عملنا الأدبي والفني...‏‏

أما المعايير الأخرى لاختيار الكتاب فينبغي عدم إغفالها لأن الناشر لا ينشط في ميدان الترجمة إلا إذا حقق نجاحاً، كذلك ينبغي ألا يغفل القارئ أي يجب ألا نتجاهل رغبات القراء وهذه الرغبات ليست ثابتة أو جامدة، بل تتغير وفقاً للظروف العامة في بلداننا.‏‏

أما القارئ فهو بيت القصيد، لأن الكتاب، علمياً أكان أم أدبياً مآله أن يكون بين يدي القراء، وأعتقد أن مشكلتنا ذات طرفين، الطرف الأول حسن الاختيار ليأتي متوافقاً مع احتياجاتنا ورغباتنا، والطرف الآخر أن نسعى لإيجاد القارئ ولدينا أزمة قارئ منذ زمن بعيد.‏‏

وهل يعقل أن يطبع من كتاب مترجم ألف نسخة أو ألفان في بلد أعداده عشرات الملايين، وهنا عقدة تحتاج إلى حلول أولها تعويد الطالب لمرحلة ما قبل الجامعة على قراءة الكتب المؤلفة والمترجمة، وثانياً أن تجعل أثمان الكتب مقبولة ليتيسر للقارئ أن يشتريها علماً بأن وزارة الثقافة في سورية دعمت الكتاب أي تبيعه بأقل من كلفته، ثالثاً أن يسعى الناشرون وأصحاب المكتبات للتعريف لما صدر من مترجمات بشتى الوسائل ومنها وسائل الإعلام...‏‏

وخلاصة القول أننا نرى في الترجمة ضرورة وحاجة لاغنى عنهما لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي ننشده..‏‏

-قيل إن الترجمة خيانة ولاسيما في موضوع الشعر بمعنى أن النص بالعربية لايوازي النص المترجم وتعقيباً على ذلك أقول:‏‏

إن الترجمة يجب أن تكون أمانة لا خيانة، أي أن يقوم المترجم بالعمل من مطلق المسؤولية الأخلاقية فلا يبدل ولا يغير ولايزيد ولايهمل، بل يقدم النص بمعانيه ورموزه وهنا نفكر بالشروط والمواصفات التي ينبغي أن يتحلى بها المترجم، أذكر منها أن يكون متقناً للغة، المصدر وللغة العربية إتقاناً حسناً، وأن يكون متخصصاً بالمجال العلمي الذي يعينه، فالطب لايترجمه إلا الطبيب والهندسة كذلك وسائر العلوم... إذاً فالتمكين اللغوي والاختصاص ركنان أساسيان، أضف إلى ذلك أن النصوص الأدبية تحتاج إلى ذوق فني وقدرة على اكتشاف ماوراء الألفاظ والعبارات ليحسن نقلها..‏‏

أما الأصناف التي نرى ترجمتها في سلسلة المعارف كلها:‏‏

العلوم الأساسية والتطبيقية والاجتماعية والآداب والفنون، لأن لكل نفعه ودروه ولكل قارؤه ومتذوقه، وأود أن أختم هذه الناحية بأن الترجمة قد حققت بالسنوات الخمسين الأخيرة ولاسيما السنوات العشرين من تاريخنا اليوم تقدماً كبيراً فثمة مؤسسات حكومية كوزارة الثقافة ومؤسسات أهلية، وثمة مؤسسات تابعة لجامعة الدول العربية، ومما يلفت النظر أن جامعة الدول العربية عند تأسيسها عام 1945 أحدثت إدارة ثقافية تولت نقل مؤلفات هامة مثل روايات شكسبير وراسين وبروكلمان وسارتون.‏‏

وخاتمة لهذا التطور أنشئ عام 2002 اتحاد للمترجمين العرب مقره بيروت ورخص من الدولة اللبنانية وقد أقام بسنوات قليلة تسع ندوات تخصصية في دمشق وبيروت وطرابلس والاسكندرية وعمان...‏‏

وهذا ما يساعد على الارتقاء بعمل الترجمة..‏‏

-إن الترجمة بين العربية واللغات الأخرى يجب أن يكون باتجاهين أي ينبغي أن ننقل إلى العربية وننقل منها إلى اللغات الأخرى، وفي الواقع الأمر جار على هذا المنوال ولكن ليس بصورة متكافئة، ويعود ذلك إلى أن عدد المترجمين الذين يستطيعون أن يترجموا من العربية إلى غيرها كالانكليزية والفرنسية عدد قليل، ولذا فإن هذه الترجمة من العربية إلى غيرها لايتم غالباً بالوطن العربي، بل يقوم به عرب يقيمون بالبلدان الأجنبية وغالباً ما تكون تراجمهم في ميدان الآداب والفنون، وكذلك بعض المستعربين الذين يترجمون من العربية مؤلفات حديثة في الأقل وقديمة في الأكثر، أن يترجمون المؤلفات العربية التي كتبها فلاسفة أو علماء أو أدباء في عصر النهضة العربية الأولى، ونتيجة هذا الأمر أي أن الترجمات التي تتم من اللغات الأخرى إلى العربية، وخلاصة القول إننا في فترة النهوض العربي الذي بدأ في مطلع القرن التاسع عشر وامتد حتى اليوم حصل تقدم في هذا المضمار، ولكنه ليس بقدر الحاجة، أما إذا أردنا أن نحث الخطا علينا أن ندرس الخطة القومية للترجمة التي أصدرتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «ومقرها تونس» «أليكسو» فهي تحث على المضي في هذا السبيل على أساس التخطيط المحكم والتنسيق القوي والتعاون المخلص للتوفيق بين حاجاتنا الاجتماعية والعلمية والأدبية وبين ما نترجمه، ليكون لبينة في البناء القومي المتقدم الذي نسعى لتحقيقه.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية