تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الترجمــة الآليــــــة هــــل تعوضنـا.. ؟

ثقافـــــــة
الاثنين 4-3-2013
 يمن سليمان عباس

من عرف لسان قوم أمن شرهم، مقولة نرددها دائماً وبالتأكيد يجب أن نضيف إليها عبارة جديدة أنه أيضاً يعرف علومهم وثقافتهم.

والبشرية في حضاراتها تتواصل وتتفاعل عبراللغة التي هي الوعاء الحامل لكل المعارف والفنون.‏‏

ولانأتي بجديد إذا قلنا إن الترجمة هي جسر التواصل وهي حياة جديدة لأ ي شيء يترجم واليوم تأخذ الترجمة بعداً جديداً من خلال ثورة الكمبيوتر وتقنياته ومحاولة الوصول إلى الترجمة الآلية.‏‏

والسؤال الملح: هل تستطيع الترجمة الآلية أن تحل محل الترجمة التقليدية ؟ ماذا عن هذا الجانب وكيف ينظر إليه الباحثون ؟‏‏

تحت عنوان الترجمة العربية الآلية الواقع الحاضر وآفاق المستقبل كتب الدكتور عدنان عيدان مقالاً هاماً في المجلة العربية التي تعنى بالترجمة ونظراً لأهميته وضرورة أن يصل إلى القراء نشير إلى خطوطه العريضة.‏‏

المقال طويل نسبياً لكننا نتوقف عند فكرة الترجمة الالية ثم نشير إلى اللغة العربية ومصاعب الترجمة الآلية.‏‏

الترجمة الآلية‏‏

توفرت بعد الحرب العالمية الثانية أجهزة الحاسوب الالكترونية وأصبحت الحاجة ملحة للترجمة وخصوصاً بعد أن دق الخطر في أميركا بعد إطلاق القمر الصناعي الروسي الأول عام 1957.‏‏

فأصبحت ترجمة العلوم من اللغة الروسية إلى اللغة الانكليزية في عملية الترجمة وخصصت الأموال والبحوث الجامعية لتحقيق هذا الهدف الذي تبنته الحكومة على أعلى المستويات وطالما وجدت ترجمة آلية انهمك المترجمون في كافة أنحاء العالم في ترجمة النصوص العلمية والتقنية أكثر بكثير من النصوص الأدبية.‏‏

لقد بدأت الترجمة الآلية أول مابدأت بعد الحرب العالمية الثانية كامتداد لتقنيات كسر الشفرات خلال الحرب، فالعملية لم تتجاوز وجود قواميس بسيطة وقواعد برمجية تستبدل الكلمات من لغة النص الأصلي بكلمات من اللغة، الهدف أي اللغة المطلوب الترجمة إليها، وكانت النتائج بائسة إلى حد كان مخيباً للآمال بحق.‏‏

تعامل المشتغلون الأوائل في مجال الترجمة الآلية مع اللغة كأداة جامدة وليس ككائن حي تنبض شرايينه بالحياة ويتطور ويتفاعل مع الكائنات الأخرى من بني جنسه ولم يتصور رواد الترجمة الآلية الأوائل إمكانية إدخال المنطق والرياضيات أي الذكاء في عملية الترجمة فكان ماكان وأصيب الجميع بخيبة أمل شديدة.‏‏

العربية ومصاعب الترجمة‏‏

الترجمة الآلية العربية لم تختلف كثيراً عن مثيلاتها في اللغات الأخرى ومنذ سنوات نجد الأسواق وبرمجيات عربية للترجمة الآلية إضافة للقواميس الالكترونية وبرمجيات التحليل النحوي والصرفي والتدقيق الإملائي للنصوص العربية وبتوسع وانتشار استعمال الانترنت في الدول العربية وماتوفره من فرصة عظيمة للحصول على المعلومات أصبح الباب مفتوحاً على مصراعيه للاستفادة من الترجمة الآلية العربية في ترجمة تلك المعلومات والخزين الهائل من مصادر العلوم والمعرفة ومايظهر من جديد إضافة إلى النصوص الهائلة المتوفرة في مواقع الويب والصحافة والأخبار وغيرها مما لاحصر له من مصادر المعلومات المكتوبة.‏‏

وقد لايتفق الجميع على حسن أداء برامج الترجمة الآلية في جميع اللغات ولكن لايمكن نكران أن الترجمة الآلية قد صارت حقيقة واقعة تفرضها حاجتها لمواجهة متطلبات عصر تتوفر فيه كميات هائلة من المعلومات وتنتقل عبرالعالم بسهولة وسرعة فائقتين ولن يمر وقت طويل حتى تصل فيه برامج الترجمة ومن ضمنها البرامج العربية إلى المستوى المطلوب.‏‏

ولكي نضع أصابعنا على المشكلات الفعلية نقول إن أهمها هي تلك التي تعيق تقدم الترجمة الآلية العربية أي افتقار عالم الثقافة العربية إلى القواميس الانكليزية - العربية القيمة فللأسف الشديد تدور هذه القواميس العامة في دوامة اللغة العربية الدارجة محلياً في ترجمة نسبة كبيرة من المفردات الانكليزية التي لاتفي أصلاً بمتطلبات برامج الترجمة الآلية وبالتالي فإنها تشكل مصادر فقيرة لأي قاموس آلي.‏‏

على العكس ممايتوفر في اللغة الانكليزية من قواميس ذات قيمة علمية ولغوية عالية فعلى سبيل المثال يتضمن القاموس الانكليزي المعروف قاموس اكسفورد المصغّر نصف مليون تعريف وسبعة ملايين ونصف كلمة في نصه.‏‏

بينما لانجد أي قاموس انكليزي عربي في المكتبات يقترب بأي شكل من الأشكال من ذلك العدد الهائل من الكلمات ناهيك عن نوعية المادة، أما إذا تحدثنا عن قواميس التخصصات العلمية فالبلية أكبر، فالكثير من تلك القواميس الذي تغرق به الأسواق هو من الغث ولايستحق حتى قيمة الورق المطبوع عليه.‏‏

وقد يقول البعض بأن هناك عديداً من المؤسسات في الدول العربية وغيرها تساهم وضع القواميس والمسار في المواد العلمية التخصصية وهذا صحيح ولكن نقول بأنها جهود مبعثرة تفتقر إلى الانضباط والمركزية والتسنيق ناهيك عن ضعفها لغوياً وعلمياً، وهذه الجهود المبذولة رغم أهميتها إلاأنها لاترقى إلى المستوى المطلوب كماهي الحال في المؤسسات العلمية الجامعية في بريطانيا مثلاً كجامعة اكسفورد وجامعة كامبروج ومؤسسة كوبلد المشتركة بين دار نشرها بركولز وجامعة بيرمنغهام وجميعها تصدر قواميس ودراسات لغوية من الدرجة الأولى أما من ناحية التوزيع والانتشار فإن هذه المؤسسات تعمل بشكل منتظم وتثري عالم الثقافة الانكليزية بالثمين والمنوع من أدوات اللغة ولوازمها.‏‏

لابل وصل الحد بجامعة اكسفورد أن توزع مجاناً قاموس اكسفورد المصغر إضافة إلى قواميس أخرى ومن ضمنها قواميس تخصصية على شكل قرص مدمج يوزع مع مجلات الكمبيوتر العديدة المعروضة في السوق.‏‏

إن إنتاج برمجيات حاسوبية للترجمة الآلية العربية من جميع اللغات هو عمل علمي وأكاديمي وجهد جبار يجب أن تساهم به أطراف متعددة من القطاعين العام والخاص وليس كافياً أن تبادر بضع شركات من القطاع الخاص تتنافس في مابينها لكسب السوق وتحقيق الربح.‏‏

فالمسألة تتعلق بمستقبل الأمة ومكانتها العالمية وتقدمها هي بذلك مسؤولية الجميع وليست مسؤولية القلة من الأفراد مهما بلغوا من Yomn.abbas@gmail.com‏">العلم.‏‏

Yomn.abbas@gmail.com‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية