تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


دمشق ... حبر القصائد

مجتمع
الاثنين 4-3-2013
خلود حكمت شحادة

جميلة هي دمشق، عروس لا تحتاج لوصف.. لوحة فنية غنية بالألوان، فسيفساء البناء الحديث تزينها عراقة وأصالة القديم،

كثيرة هي الشوارع التي تبعت التطور العمراني وقلة تلك التي حافظت على تراثها ولكن تلك القلة احتلت مكانة واسعة في نفوس العامة قبل الخاصة فكانت مقصداً للتسوق والسياحة والتمتع بالأصالة العمرانية القديمة وقصدنا اليوم هو أحد أعرق أسواق تلك المدينة وهو غني عن التعريف سوق الحميدية ارتبط اسمه بذكريات كثيرة لنا وبوصف جميل كياسمينة دمشقية تفتحت وسط حديقة غناء.‏‏

هو درة الأسواق وأجملها، مغطى بالكامل بسقف حديدي مليء بالثقوب الصغيرة التي تنفذ منها الشمس أثناء النهار أشبه بمظلة عمرانية تحميه من حر الصيف ومطر الشتاء ومبلط بحجر البازلت الأسود ويعد ملتقى الزائرين والسياح من كافة بقاع الدنيا، سوق كبيرة بمحال توزعت على جانبي طريقه من كل نوع وصنف على طابقين، وتتفرع منه أسواق كثيرة مثل - سوق السروجية - سوق البزورية - سوق الصاغة - سوق المناخلية - سوق العصرونية - سوق الحرير - سوق العرائس (تفضلي)- سوق القباقبية - سوق الخياطين وغيرها. وينتهي سوق الحميدية عند بوابة معبد جوبيتر الدمشقي بأعمدته الباسقة ومنه إلى الساحة أمام الجامع الأموي.‏‏

تباع في هذه السوق كافة أنواع البضائع من كل صنف ولون وأهمها الصناعات التراثية النحاسية والأرابيسك والمصدفات والأقمشة بكافة أنواعها الحريرية والقطنية والمطرزات والصناعات التراثية السورية وكافة أنواع الملابس الجاهزة وأدوات الزينة والأحذية والسجاد والذهب والتحف والهدايا.‏

‏‏

دخلنا تلك السوق مرات ومرات بقصد الترفيه أو الشراء ولكن هذه المرة بقصد سؤال البائعين عن حالهم وبضاعتهم وكذلك بعض المارين في الشارع عن قصد الزيارة وكانت حركة السوق كعادتها تعج بالناس داخلين وخارجين من ذاك السوق تكاد لاتعرف من أين تسير وكيف؟!‏‏

السوق الرئيسي‏‏

امتلأ ببسطات وأغراض ناهيك عن الباعة المتجولين ببضاعتهم وكل يلح عليك بالشراء، أما المحال فقد تميزت محلات الألبسة الولادية بوجود إقبال نوعاً ما عليها بالمقابل خفّ الإقبال على باقي المحال عدا تلك التي تدعي التنزيلات لتدخل سيدة أو آنسة وتبحث في كل المحل لتخرج حاملة قطعة أو تعتذر بأنه غير مناسب هذا ماقاله معظم أصحاب المحال التجارية هناك.‏‏

وكان جوابهم حول الأسعار التي ارتفعت فجأة بأن معامل كثيرة توقفت عن التصنيع معولين ذلك على الأوضاع والأزمة التي تمر بها بلدنا وعدم وجود أقمشة وصعوبة الحصول عليها وخلال جولتنا نجد أن بعض البسطات وليس كلها تتبع لمحال في تلك السوق ولكنها طريقة لتسويق البضاعة.‏‏

البزورية‏‏

حدثنا أحد البائعين في سوق البزورية التي يباع فيه كل ما يتعلق بالأغذية والحبوب المجففة إضافة إلى السمنة العربية والزيوت والبهارات بأن حركة البيع جيدة رغم الحالة الاقتصادية التي طغت على معظم الناس ولكن المواد الغذائية أساسيات ولا يمكن الاستغناء عنها ويعتبر الناس أسعار هذا السوق أرخص ولو بشيء بسيط عن باقي الأسواق عداك عن جودة المواد وفي نهاية كلامه يقول بأنه مرتاح البال كونه يعمل ببيع المواد الغذائية.‏‏

إحدى السيدات وتدعى ابتسام قالت بأنه تقصد هذه السوق مطلع كل شهر (كل راتب) وتتبضع حاجياتها الضرورية من كل المحال كونها تجد كل ما يلزمها وتقوم بنزهة في ذاك السوق وتتناول البوظة الدمشقية التي لايمكن لأحد أن يمر من تلك السوق دون الوقوف عندها.‏‏

سوق تفضلي‏‏

سوق اشتهر بالأغراض الخاصة بالأمور النسائية والمكياجات وغيرها ويعرف بسوق العرائس تجد فيه العروس لوازم عرسها وهو السوق الأكثر نشاطاً على الإطلاق كما شاهدت في أكثر من زيارة والبائعون فيه لهم ملكة البال الطويل وقدرة على الإقناع ورغم الكميات القليلة التي تباع إلا أن ربحها يرضيهم وتفاءلوا بقدوم عيد المعلم وعيد الأم حيث تنشط حركة البيع كثيراً.‏‏

عبير كانت برفقة والدتها تجهز لعرسها والسعادة بادية على وجهها ولكن عند سؤالها عن الأسعار اختلطت السعادة بشيء من اليأس كونها لم تجد كل ما تحتاجه من أنواع الأقمشة بحجة عدم وصول تلك الأقمشة من المعامل وعن الأسعار أحست بفرق كبير يوم اشترت أختها الأغراض ذاتها فالأسعار اليوم ارتفعت لأسباب وأسباب، وعن شراء الذهب اكتفت كما قالت بمحبسين أملاً بأن تعود الأسعار للانخفاض وحينها تشتري.‏‏

سوق الصاغة‏‏

أما محلات بيع الذهب في السوق المخصص لذلك وفي إحدى المحال جلس صاحب المحل وأحد أصدقائه يلعبون النرد كونه الشيء الوحيد الذي يبعد الملل عن نهارهم الذي قد يمر دون سؤال حتى عن سعر غرام الذهب، لنجد المحال منها ماقلت بضاعته أو احتج بأعمال التنظيف وأجمع من سألناهم عن انعدام حركة الشراء والبيع آملين بحركة بيع جيدة بمناسبة عيد الأم.‏‏

النحاس والأرابيسك‏‏

هي محال يسحرك جمال أغراضها وجودتها كأغنية دمشقية قديمة صدحت من أحد بيوتها تلك الصناعات التراثية وغالباً اليدوية كالمصنوعات النحاسية والأرابيسك والمصدفات والثريات والمطرزات والحرائر والقيشاني والسجاد اليدوي التي تحكي كل منها قصة وتحس أن روح دمشق زرعت بها، وحسب ماقاله بائعو تلك الأشياء الثمينة أنهم يستمتعون باقتنائها وبيعها وهي هدايا ثمينة وقيمة مرغوبة من قبل السياح الأجانب أكثر من ابن البلد كون أسعارها مرتفعة نوعاً ما ولا تندرج في قائمة أولويات الناس ولكن للأسف اليوم نكاد لانرى سياحاً كما في السابق وتمنوا صيفاً هادئاً يجلب حركة سياحية جيدة فربما تنشط مبيعاتهم وتتحسن أحوالهم.‏‏

قصة جميلة لاتنتهي شوارع دمشق وأسواقها أبيات شعر في قصيدة زجل يرويها عاشق لحبيبته... كلمات لاتفي بالغرض ولكن دمشق شامة على خد الزمن لاتمحوها رياح عابرة ولاتحجب شمسها غيوم شاحبة.. صافية كماء الذهب هي دمشق حبر القصائد.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية