تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ابجدية الرصاص

مجتمع
الاثنين 20-1-2014
ملك خّدام

لن تغادر الذاكرة أبداًأصوات الأعيرة النارية التي أطلقها الناس-غرائزياً- ليلة الاحتفال بعيد رأس السنة ، في محافظة آمنة نسبياً (كاللاذقية) ما ينّم بشكل أو بآخر عن ثقافة شارع راح يعبّرعن الفرح في المناسبات النبيلة - بأبجدية الرصاص-

التي صارت مألوفة في الشوارع دون وعي إلى ضرورة توفير الأعيرة النارية لمعركتنا المستمرة ضد الإرهاب ما أود قوله أنه رغم البلاغات والتعاميم والاستنفار الأمني وتوخّي الحيطة والحذر.‏

كانت الرغبة المكبوتة تعبّر عن نفسها - غوغائياً- وتسري بين الناس كما النار في الهشيم ،لتنتقل هذه المظاهر الاحتفالية الممجوجة في هذا الظرف من حارة إلى أخرى متأثرة ربما بغريزة - القطيع- ما أفقد رأس السنة بهجته ، وصلواتنا بركاتها في أن يعمّ بلادنا في العام الجديد الحب والسلام . أنا لن أحكي عن فشلي في إقناع طفلتي الصغيرة التي راحت تتشبث بي وهي ترتعد فرائصها .. بأن أصوات الأعيرة النارية التي تسمعها من كل مكان هي مجرد ( احتفال بعيد رأس السنة) . لأن ظروف الأزمة وافتقاد الأمان كانت تمحو كل أثر مبهج لهذا الاحتفال من نفس الصغيرة التي ارتبط صوت الأعيرة النارية في ذاكرتها ،بما عانته على مدار عامين وشهرين قبيل انتقالها من محافظة ساخنة إلى أخرى أقل سخونة بحثاً عن شاطئ الأمن والأمان.حتى أثناء تشييع - الشهيد- لم تفهم صغيرتي ضرورة أن يطلق الناس كل هذه الأعيرة النارية في مراسم الدفن.. وكانت تسألني بمنتهى الدهشة والبراءة « لماذا يقتلون الشهيد؟!!»‏

وأصابت بهذا السؤال كبد الحقيقة . فلو كنا نحب الشهيد حّقاً لوّفرنا تلك الطلقات الهوائية للانتقام من قاتليه الحقيقيين في ساحات معركتنا الحاسمة ضد الإرهاب ..كما تجّنبنا تلك الحوادث المؤسفة الناجمة عن إصابة طفل هنا وامرأة هناك برصاصة طائشة أو بسقوط عمودي لطلقة عابرة في الهواء في حالات السلم كنا نسمع ونرى ونشاهد العديد من هذه الحوادث المؤسفة في الأفراح وخصوصاً في الأرياف.‏

أما اليوم ، فتحت أي مبّرر نحن نتقبل مثل هذه الحوادث التي نستطيع تجاوزها بوعينا وضبط أنفسنا.‏

أنا أدرك بالتأكيد فتنة الألعاب النارية في العالم والتي نقل لنا التلفاز أصنافاً منها ليلة رأس السنة .. ولكن شتان ما بين عالم مترف بالفرح , وآخر مترع بالحزن والشهداء .. والجرحى..والضحايا.. والكل على ما يبدو يعبّر بأبجدية الرصاص على طريقته وأسلوب وعيه ودرجة ثقافته..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية