حكايات كثيرة واقعية نعيشها ونتناقلها في أحاديثنا اليومية مع فنجان قهوتنا، نعيشها ونلامسها، هي في كثير من الأحيان قصة تصادف الكثيرين في نفس الوقت تختلف أهميتها من شخص لآخر.
إحدى تلك القصص التي صادفتها جمعت حزناً وسعادة في آن معاً وهي برسم من يقرأ..!!
رأيت سعادة أم بزواج ابنتها ذاك اليوم الذي تحلم به كل أمهات العالم، تلك الأم التي تعبت وسهرت وربًت ابنتها (كل شبر بندر) عبارة اعتدنا سماعها دائماً. تلك السعادة لم أرها في وجه ابنتها التي لم تبلغ من العمر أربعة عشر عاماً.. طفلة غضة صغيرة سعادتها البادية على وجهها كان سببها أنها تزور صالون الحلاقة وتقص أطراف شعرها لأول مرة في حياتها رغم معارضة أمها التي بدا الحزن في لحظتها على ذاك الشعر الذي تساقط من بين شفرات مقص لا يشفق وحجتها أنها سعيدة بطول شعر ابنتها الأسود الذي تعبت في تنظيفه وترتيبه وطالما سرحته لابنتها حتى أصبح بهذا الطول والجمال وحزنت لأنها خسرت بضعة سنتيمترات من طوله...
تُرى لماذا لم تحزن تلك الأم على الأعوام القصيرة التي اعتنت فيها بابنتها التي لا تزال بحاجة لغيرها؟!
لماذا لم تحزن على زهرة تفتحت في منزلها وبالكاد بدأت براعمها الفتية تقوى على الحياة.. هي طفلة لا تعرف معنى الحياة الزوجية ولا تعلم أي مصير مجهول ينتظرها؟!
هل هي قادرة على تربية طفل في حين لاتزال بحاجة لمن يرشدها وكيف ستصبح تلك الزهرة بعد زواجها وهي في هذه السن الصغير.. شعرها بعد فترة سيستعيد طوله وجماله ولا يستحق البكاء أو الحزن فهو كما يقال (بضاعة مخلوفة) ولكن تلك العروس الصغيرة التي سُرقت منها أجمل سني حياتها بزواجها في عمر صغير في حين لا تزال صديقاتها ومن في عمرها يتعلمن ويكبرن ليؤسسن لحياة قوية وبنية مجتمع قوي.
وللأسف مبررات ذاك الزواج الطفولي كما أردت إطلاق الاسم عليه أن الزواج باكراً أفضل والفتاة في النهاية لبيت زوجها والعريس من أقاربها وسيعتني بها كلام قالته جداتنا من قبل، فهل من المفترض أن نعيده اليوم أم نعطي أطفالنا الحق في طفولتهم ليعيشوها بسلام وأمان ولنبني صحتهم النفسية والجسدية في آن معاً فالجيل الناضج الواعي يبني مستقبلاً واعياً مشرقاً بأبنائه ولنستفد من تجارب بعضنا ولا نقع في فخ مجتمع لا يرحم صغاره قبل الكبار.