وما إذا كان الفضل يعود للمخرج أو للمنتج أو للأبطال أو ربما إلى السيناريو والقصة المطروحة وهل يستفيد صناع الدراما والمشتغلون فيها من المسلسلات الناجحة مثل أخوة التراب..؟
في هذه الفترة تعرض بعض القنوات مسلسل (أخوة التراب) المسلسل السوري الذي أخرجه نجدت اسماعيل أنزور وكتب السيناريو حسن م يوسف وقام نخبة من نجوم الدراما السورية الحاليين وفي طليعتهم أيمن زيدان وزهير عبدالكريم وباسم ياخور وآخرون بتأدية البطولة استطاعوا أن يقدموا خلاله عملاً فنياً نستطيع أن نقول عنه أنه تحفة درامية تتحدث بلغة واقع كان يعيشه السوريون أيام الاحتلال العثماني .
ما الفرق بين عرض الواقع في ذلك العصر وبين عرض الواقع المعاصر بطريقة درامية ولماذا استطاعت الدراما القديمة ان تنقل لنا قصصاً كانت تحدث جعلتنا أقرب ما نراها ونصدقها على أنها أرشيف وتاريخ أكثر من كونها دراما بينما عجزت بعض الأعمال التي دعمت من محطات عربية عن استقطاب هذا الاهتمام ذاته رغم الزخم الإعلامي الذي رافق بعضها فحصدت بعض الشخصيات في دراما المواسم الأخيرة شهرة واستحساناً أكبر بكثير من أحداث العمل بينما في مسلسل (أخوة التراب) اهتم المتابعون بقصص بعض الكومبارس رغم صغر حجم الدور الذي أعطي لهم لأنه شكل حدثاً أو منعطفاً في القصة الدرامية وهنا نستطيع أن نطرح سؤالاً حول القصة والحبكة الدرامية ، هل الدراما الحالية تكتب للممثلين أم تكتب كعمل بغض النظر من سيقوم بالبطولة ؟.. هذا السؤال يبدو واضحاً في بعض الأعمال المعاصرة إذ سيطر وجود بعض الممثلين على بعض الأعمال ، بينما محاولة تغيير هؤلاء من قبل المخرجين جعلت البعض يبتعد عن تجسيد الشخصية الدرامية بشكلها المطلوب وكأن الكاتب أو الكاتبة حينما يكتب السيناريو يرى أن الممثل الفلاني سيكون بطل المسلسل وهذا ظهر واضحاً حينما رشحت مؤخراً الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي ممثلاً وممثلة لبطولة روايتها الأخيرة (الأسود يليق بك) وكأنها كانت تكتب السيناريو بما يوافق هؤلاء الفنانين.
بالعودة للحديث عن (أخوة التراب) المسلسل الذي تحدث عن مرحلة مصيرية في حياة سورية والوطن العربي إبان فترة الحكم العثماني وما رافقها من ظلم وإجرام عانى منه الشعب العربي فإن الحكاية التي أنتج مسلسلها عام 1996 مازالت أحداثها عالقة إلى اليوم في أذهان المشاهدين وهذا ما عجزت عنه الكثير من المسلسلات التي عرضت مؤخراً وحاولت أن تسرع في الإنتاج ظنها ستشكل سبقاً يسجل لها فجاءت القصص غير موفقة كما ظنت لأنها كانت تنظر للعمل برؤية ولسان حال الكاتب لا الواقع ودون حيادية وهذا ما جعل بعض الأعمال تتأرجح في مرجوحة النقد اللاذع الذي طالها لأن أي عمل يريد استعراض أحداث جديدة أو تجري عليه أن يتوخى الحقيقة التي وإن حاول البعض تحويرها فإن التاريخ كفيل بإيضاحها وبعودة قليلة إلى (أخوة التراب) نتذكر أنه حينها لاقى استياء تركياً لأنه عرى حكومة حزب الاتحاد والترقي وما كان يفعله جمال باشا السفاح ولكن بعد عشرات السنين وبحث وتأكد تاريخي لا حسب رؤية الكاتب الذي انفرد في حبك قصته فقط وفق الحقائق المثبتة.
الأعمال السورية الحالية لا نقول أنها ْ تشترك بهذا الكلام ولكن ما نريد أن نتحدث حوله هو آلية العمل الذي يروي أحداثاً معاصرة لأن المسلسل الذي يعيش في أذهان المشاهدين ما يقارب العشرين عاماً أفضل بكثير من مسلسل حينما ينتهى وقت عرضه ويعرض من جديد لا يلاقي الاستحسان.. أو لنقل إن (البروباغندا الإعلامية) التي رافقت تصوير بعض المسلسلات أضرت بالعمل أكثر من مساعدتها له فجاءت الأعمال كالطعام المطبوخ لمرضى معينين لم يستلذ غيرهم بالنكهة هذا إذا استلذوا ولم يفرض عليهم فرضاً فهل سيعي البعض تجارب ما سبق أم سيستمرون في رؤيتهم و (بروباغندتهم) الدرامية الإعلامية..؟