ففي العام 2003 ادعت أميركا أن العراق يمتلك ترسانة من أسلحة الدمار الشامل وانه يهدد بها العالم المتحضر وأن هذا يبرر لها أن تقوم بعمل استباقي انقاذي فكانت الحرب التي دمرت العراق ونشرت الإرهاب فيه برعاية اميريكية وتمويل خليجي..
وفي العام 2013 كادت اميركا أن تلجأ الى السيناريو ذاته في سورية التي صمدت بوجه الجيش الإرهابي الذي ترعاه اميركا وتموله دول الخليج ذاتها . لقد ادعت اميركا في الصيف الماضي بان الحكومة السورية استعملت غاز السارين وان ذلك يعتبر مبررا كافيا للقيام بعدوان أميركي عليها لإنقاذ البشرية من مخاطر هذا السلاح، ولكن وبما ان سورية ليست العراق ولان لسورية حلفاء وأصدقاء يعرفون كيف يواجهون وكيف ينارون، فقد عطلت ذرائع أميركا يومها وسقط تهديدها بالحرب العدوانية وتابعت سورية حربها ضد الارهاب وأوجدت بانجازاتها مناخا دوليا جديدا يدفع نحوالبحث عن حل سلمي للازمة التي اختلقها الخارج المعتدي بقيادة اميركية وبوسائل ارهابية.
وبعد أشهر على الحدث يأتي اليوم الذي تتكشف فيه الحقائق ويظهر التحقيق العلمي وبيد الاميركيين أنفسهم ان المستخدم الحقيقي للسلاح الكيماوي ضد المدنيين في سورية هوالجماعات الارهابية ذاتها التي استعملتها أميركا في العدوان الأولي وأنها كانت تريد استعمال أفعالها لتبرير عدوان آخر أوسع.. ما يذكر بالقول بان حبل الكذب قصير وأن حبل النفاق الأميركي اقصر...
نعم انه اقصر اذ لم يطل بها الأمر أكثر من أشهر خمسة وتنفضح .. وهاهم الخبراء الأمريكيون يؤكدون في تقرير لهم عدم صحة الادعاءات الامريكية ضد الجيش العربى السوري وزيف اتهامه بحادث اطلاق صواريخ حاملة غاز السارين في الغوطة الشرقية بريف دمشق في آب من العام الماضي موضحين بان الصواريخ التي استعملت في الحادث تدل على أن هذه الذخائر لا يمكن ان تكون القوات المسلحة السورية قد اطلقتها..... والى هذا التأكيد جاء موقف آخر وتأكيد آخر من الخبير في معهد ماساتشوستس التقني الامريكي ثيودور بوستولا وخبير السلاح التابع للامم المتحدة ريتشارد لويدا الذي نظم تقرير حمل عنوان «النتائج الممكنة لخطأ المعلومات الاستخباراتية الامريكية « حول الهجوم بالغاز في دمشق 21 اب 2013ليصل الى النتائج ذاتها مظهرا انعدام احتمالات قيام الجيش العربي السوري بعملية اطلاق او استعمال غاز السارين في الغوطة الشرقية كما كانت اميركا روجت . وتقاطع ذلك مع التأكيدات المتتالية من الجانب الروسي بأن الاستفزاز باستخدام السلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية بريف دمشق كان من تدبير مجموعة خاصة أرسلها سعوديون من الاراضي الاردنية وهي كانت تعمل في سورية تحت جناح مجموعة لواء الاسلام وهي مجموعات يشرف عليها كما يعلم المتابعون، بندر بن سلطان امير الارهاب السعودي شخصيا.
والان يطرح السؤال الكبير من يحاسب أميركا على ما ترتكبه على حد قول البعض من أخطاء استخبارتية وتتذرع به لتبرير حروبها على دول العالم؟ خاصة وان الأخطاء الاستخبارية الاميركية اوالاصح التلفيقات الاميركية ضد من لا ينصاع لارادتها في العالم باتت من أبشع وجوه الأساليب في العلاقات الدولية، والتي تتسبب بالمآسي الشنيعة؟
على العالم ألا ينسى أن ما ادعته أميركا من إرهاب قادها إلى تدمير أفغانستان، وما لفقته ضد العراق قادها إلى تدميره، وما كانت لفقته ضد سورية كاد يقود الى حرب قدر الخبراء بانها لن تقتصر على سورية بل ستشمل المنطقة وتتمدد نيران لهيبها الى ابعد من ذلك، ولم يمنع الحرب كما بات معلوما الا القوة التي تمتلكها سورية وحلفاؤها بوجهيها العسكري في الميدان والسياسي في الأروقة الدولية ، وهي قوة منحت سورية القوة الردعية التي سدت الطريق على المغامرة الأميركية وأنقذت المنطقة من شرورها ...
والان هل يدرك المعنيون الدور الذي لعبته سورية وحلفاؤها لحماية المنطقة، وهل يدركون الدور الذي تلعبه أميركا وأدواتها في تدميرها؟ وبعد هذه المعرفة هل يجرؤون على اختيار المسار الصحيح في السلوك؟