تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لم نتغير منذ عام 1948

هآرتس
ترجمة
الأربعاء 23-5-2012
ترجمة: ليندا سكوتي

لمَ فغرنا أفواهنا وعلت وجوهنا الدهشة وانتابنا شعور بالخزي من قرار اتخذه مجلس الوزراء إزاء قضية حي الأولبانة؟ ولمَ شعرنا بالصدمة عندما شهدنا العجز المطلق والموقف غير المتوقع للنائب العام وخاصة عندما وقفنا على ما يقوم به مكتبه من

مؤازرة لمغتصبي الأراضي في خرق القانون باعتبارهم من «ذوي المثل الأخلاقية السامية» مقوضاً في ذلك سمعة محكمة العدل العليا؟ فهل سبق لإسرائيل وكان لها سلوك مغاير لهذا الواقع منذ تأسيسها؟ أم كان هذا ديدنها منذ نشوئها؟‏

يبدو أن أرواح قادة عام 1948 لم تغادرنا بل بقيت في حنايانا لتوجهنا نحو ذات الأسلوب الذي سلكوه آنذاك حين قاموا باستقدام المهاجرين الجدد على متن البواخر وأسكنوهم المنازل الفلسطينية التي هجَّروا سكانها ولم يتح لهم حتى نقل أمتعتهم فاستخدمها المهاجرون الجدد ومازالت البعض من أدوات المطبخ قيد الاستخدام حتى الآن لتذكرنا بما حدث، ومع ذلك لم نسمع أحدا قد انتقد ذلك الواقع المزري. وفي عام 2012 لم تأل الحكومة الإسرائيلية جهدا في سبيل تبرئة أولئك الذين استحوذوا على أراضي الفلسطينيين على الرغم من تعارض هذا الإجراء مع القانون الأمر الذي يؤكد بأن ثمة خطاً ثابتاً وسلوكاً دائماً ما انفكت إسرائيل على إتباعه منذ عام 1948 حتى الآن بادعاء أن ما استحوذوا عليه لا مالك له ولو كان الواقع يقول خلاف ذلك وأصبح للإسرائيليين اليهود الحق ومطلق الحرية في اتخاذ ما يرغبون فعله بها، وبذلك أصبحت عقارات الفلسطينيين منذ عام 1948 وكأنها طرائد من حقهم اقتناصها دون رادع أخلاقي يحول دون ذلك ولا تزال عملية القنص تلك متاحة لهم حتى عام 2012، ذلك لأن اللعبة ليست لها من نهاية، فاليوم مثل الأمس، ومازلنا نرتكب تلك الجرائم حتى اليوم كما لو أن الزمن لم يتغير.‏

على الجميع أن يعلم بأن ثمة اختلافاً بين عامي 1948 و2012 حيث جرت في الأول عمليات طرد وتهجير للفلسطينيين واغتصاب لممتلكاتهم ومنع عودة من نزح منهم في عام 1948 بحجة حرب الاستقلال التي خاضتها إسرائيل، لكن بعد مضي 64 عاما أصبحت إسرائيل خلالها دولة ذات أهمية وقوة وسيادة، لكنها مع ذلك مازالت تستخدم ذات الأساليب البائدة على غرار ما كانت تفعله إبان تلك الحرب. ولا يسعنا في هذا المجال إلا الإقرار بأن ما جرى في عام 1948 ليس إلا تنفيذا للرغبة بالاستحواذ على أراضي الغير التي سيطرت على عقول مجموعة من الإسرائيليين المتنفذين الذين يغلب عليهم الطمع والجشع ويتلقون دعما من الدولة لتنفيذ ما يصبون إليه. لكن عليهم أن يعلموا بأن ما يقدمون عليه يعتبر انتهاكا وخرقا لقانون الدولة، وما كان مقبولا من قبل بعض دول العالم في ذلك الحين لم يعد مقبولا من أحد في الوقت الحاضر.‏

فيما مضى ادعت الدولة بأن ثمة مبررات قانونية تتيح لها الاستيلاء على أملاك الغير مثل كون تلك المنازل والأراضي ملكاً «لغائبين» على الرغم من أن الواقع ينفي تلك المقولة، أما الآن فقد أصبح الحديث يدور عن «ملكية الدولة» و«مسح الأراضي» الأمر الذي يتنافى مع الواقع الذي يقول بأن تلك الأراضي محتلة، ويضاف إلى ذلك ما يحدث من استيلاءٍ على الملكيات الخاصة وتحولها لملكيات للمستوطنين فقط لأنهم استطاعوا بدعم من الدولة السيطرة والاستحواذ على تلك الحيازات.‏

في هذين العامين صادرت الدولة آلاف الدونمات من الأراضي العربية، (ودائما المصادرة تتم للأراضي العربية) وذلك باستخدام ذرائع مختلفة. وفي عام 2012 تم إطلاق صفة «الرواد» على أولئك اليهود الذين يعيشون في النقب الذين «جعلوا من الصحراء جنة مزدهرة». أما البدو فإن قراهم وأراضيهم قد تم الاستيلاء عليها لأنها تشكل تهديدا للأمن الإسرائيلي الأمر الذي يدعونا للتساؤل إن كان ثمة فرق بين هذا العام وعام 1948؟‏

لم يلاحظ أي تغيير طرأ منذ عام 1948 حتى الآن فعمليات الطرد والتطهير العرقي مازالت قائمة وكان بالإمكان أن تحظى بالغفران لو أن الأمور اقتصرت على ما جرى في عام 1948 ووقفنا عند هذا الحد، لكننا اليوم نتوجه إلى الأولبانة في بيت إيل ووادي الأردن حيث أخذت إسرائيل بتطهيره ببطء وبشكل تدريجي الأمر الذي جعلنا نستذكر الارتكابات التي حدثت في عام 1948.‏

لو أن إسرائيل أعلنت اليوم بأن ما ارتكبته من مظالم لم يكن إلا نتيجة شن الحرب عليها، ولو أن الدولة منذ ذلك الحين اتخذت كافة الاجراءات المتاحة لإنهاء ما لحق المواطنين الفلسطينيين من غبن لأمكن التكفير عن تلك الأخطاء ولم يبق سوى القليل ممن يشكك في شرعية ما اُرتكب من مظالم، لكن عندما يستمر الاستيلاء على أراضي الغير دونماً إثر آخر دون توقف وعندما نقول بأن الدين اليهودي يعطي لليهود الحق حصرا في هذه الأراضي فإن حملة نزع الشرعية الدولية القائمة ضد إسرائيل أمر قد أصبح جديراً بالنظر.‏

بتقديرنا نرى أن بيوت الأولبانة أكثر خطورة، من كل ما ورد في افتتاحيات الصحف المعادية والسفن التي تبحر إلينا والطائرات القادمة التي تحمل على متنها المحتجين، لأنها تعتبر الأداة والوسيلة والمبرر لنزع الشرعية عن إسرائيل، وإن موقف الدولة ومؤسساتها إزاء ما يجري من سرقة للأراضي في السامرة يبعث برسالة واضحة ووحيدة تؤكد للإسرائيليين والعالم أجمع بأننا مازلنا على حالنا من التطرف وأن البارحة مثل اليوم، وما جرى في عام 1948 يجري الآن على غراره في عام 2012.‏

 بقلم: جدعون ليفي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية