تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قراءة...حفريــــات الإبــــداع الروائــي.. هـــل تــــؤرخ للمجتمــــع..؟

دائرة الثقافة
ثقافة
الخميس26-9-2019
يفرض إيقاع العصر المتسارع الكثير من الخطى التي لا تكاد تترسخ حتى تقفز أمامك خطوات أخرى, ربما أكثر حدة منها, لكنها ليست بالضرورة أعمق وأبعد غورا, ولكنها ضرورات العمل والحياة, من هنا يمكن أن نقرأ ما قاله ذات يوم حنا مينة من أن الرواية هي ديوان العرب المعاصر, وكان الشعر سيد ذلك, لكن الرواية التي اكتسحت المشهد احتلت المكانة,ومنها كانت القراءات الكثيرة للمجتمع العربي, كما فعل حليم بركات وغيره كثيرون, ولكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم بقوة, وبعد فورة التجريب والتخريب بكل ألوان الادب, هل بقيت الرواية هذا الديوان ؟ بل كيف لها أن تبقى إذا كانت بلا أجنحة حقيقية, لا عمق ولا غور, ولا أبعاد كبرى لها ؟

‏‏

الرواية اليوم خارج أي تصنيف, خارج أي سياق في الكثير مما نقرأ, وقبل أن تغدو سرابا غير ذي فائدة يمكننا أن نقدم اضاءات سريعة على كتاب نقدي مهم للناقد والروائي السوري نبيل سليمان, وفيه يقرأ السيرة النصية للعديد من الروائيين والروائيات العربيات, ومن خلال هذا المنجز النقدي يمكن للمرء أن يتابع الكثير من خيوط المجتمع العربي المعاصر, وهذا ما يذكرنا بما قاله نجيب محفوظ ذات يوم, عندما سئل عن القاع المجتمعي الذي يصوره, هل هو إساءة لمصر ؟ فكان رده: أنا لم أنقل إلا جزءا يسيرا مما رأيته, ومما هو موجود, وهذا عمل ابداعي غايته تجاوز ما هو قبيح, بكل الأحوال في القراءات النقدية التي يقدمها نبيل سليمان غوص في مضامين من نقل الواقع المجتمعي, بمعنى آخر جراحة دقيقة لجراحة واسعة عامة, وحين يبدأ الجراح بالعمل على كشف الاعصاب وما فيها, مما لاشك فيه فإنه سوف يقدم قراءة أخرى مختلفة.‏‏

‏‏

كما يقول الناقد في مقدمته: السيرة المجتمعية تكتب الرواية ما تكتب من زمنها الروائي الذي قد يسبق زمن الكتابة أو يوازيه, فسواء أكانت الرواية حفرا فيما كان أو فيما يكون, فهي حفر في البنى والعلاقات الاجتماعية التي قد تعني سياسة واقتصادا وأخلاقا, وفي السيرة النصية بالتالي من السيرة المجتمعية, ما فيها إلا أن الرواية قد تعنى فقط بالسيرة المجتمعية, حيث ينهض بالتخييل مجتمع روائي, يتأسس في مجتمع بعينه أو أكثر بقدر ما يفارقه فالفضاء الروائي هو هذا البيت أو الشارع أو المدينة أو القرية أو البحر أو السجن, لكنه ليس كذلك, ولعل الرواية التي لاتعين مكانها ولا زمانها فيما هو معلوم, تتأسس من هنا.‏‏

يقف الناقد في كتابه المهم هذا عند عشرات الروائيين العرب المهمين مثل: غالب هلسا \ مؤنس الرزاز\ جمعة القفاري \ محمد علي اليوسفي \ محمد كامل الخطيب / خليل صويلح \ رجاء طايع \والزاوي امين وسعيد مقدم ومن السودان \ امير تاج السر \ وتطول القائمة لتشمل معظم اقطار الوطن العربي.‏‏

واللافت أن الناقد يخصص حيزا واسعا من كتابه للروائيات العربيات, فهن كما يقول بدأن يتركن بصمات خاصة وقد دعا القسم الأخير من الكتاب (محاولة تأنيث )للسيرة المجتمعية, الكتاب حفريات نقدية مهمة في المشهد الروائي العربي, وهو بما يمتلكه الناقد من مبضع الجراح ولغة الروائي يعني أن إشعاعا مهما من الفحص المتقن قد تم تسليطه على هذا المنجز الروائي, بقي أن نشير إلى أن الكتاب قد صدر عن دار الحوار باللاذقية ويقع في 300 صفحة من القطع الكبير.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية