ربما نصرّ أحيانا على مدى نزاهة الأشياء من حولنا , ونتمختر بعبقرية عصرية أنيقة في مجتمع مشوه المعالم .. يتودد فيه الطمع وتسود فيه أشكال عدة من الديستوبيا رغم وجود العديد من الوجوه التي تقاوم وتحارب هنا وهناك ..
ربما قد يكون أكثر الأشياء ثباتاً في النظر أكثرها اضطراباً في الواقع..
إنما يُعرف الشيء بضده , بالحرِّ والبرد نعرف فضل الرطوبة والدفء، وبالظلم والعجز نعرف فضل العدل والحزم، وبالأولاد نعرف ما لاقاه آباؤنا في سبيلنا.. وبالمرض وبالشيخوخة نعرف فضل الصحة والشباب.. لكن لا يمكن ان يعرف الخراب الا بالبناء وهذا ما يستلزم منا وقتا ومجهودا طويلا لا بل حكايات نبل وانتماء لوطن في حضنه اجتمع الكثيرون ..
ولكن للأسف وبالمقابل لم يعرف قيمته الكثيرون .. ومع ذلك هل ترد العبرة ما فات؟. وهل ترد الحسرة أيام المسرات..؟!
ليت.. وهل ينفع شيئاً ..؟!
كثيرون هم من اغتصبوا سلطة توجيه الفكر ..جاهلون مخربون عاثوا في جميع الأمكنة ..وأيدٍ مدمرة حكمت في أغلب الأماكن عابثة بمرورها ..مخربة بوجودها بعقول تحمل كل الظلم تحكم قبضتها بلا رحمة متناسية الزمن الذي يقبض بشباكه مرات .. فلا شيء يمكن أن يبقى ثابتا .. حتــــــــــــــى الخراب ..!!
ففي كل حضارة من الحضارات علماء عكفوا على اكتشاف المجهول، ومفكرون أبدعوا في توسيع آفاق المعرفة، وأدباء سَموا بالعواطف إلى ميادين النبل.. فالفكر الذي يشيد قواعد النهضة عند ابتدائها، يستحق أصحابه خلود التاريخ..
والفكر الذي يهدم بنيان الحضارة في أوج عظمتها، يستحق أصحابه لعنة التاريخ..
لا نسعى في الكلام للحديث والاسهاب إننا نريد أن نحصِّن بيوتنا ومجتمعنا ضد الحريق الذي يلتهم بيوتنا وبيوت جيراننا تفادياً لكوارث دماره، وابتعاداً عن دخانه وناره.. وكل شيء يُسمى باسمه الصريح ..فمن أراد أن يحمل المعول ليهدم بيوتنا لا يمكن أن ندعه يتلذذ بمناظر الخراب باسم الفن، ولكن يجب أن نُجرعه مرارة العقاب باسم القانون.
مظاهر كثيرة تعبر بلا حدود... تجد في طريقها ألف مخرج ومخرج في ظل محسوبيات لا ينتهي ظلّها .. ومظاهر لبناء في الجملة في داخلها يحصل كل الخراب ..وقلوب تغلغل في عمقها كل الحقد .. فلم يعد للصدق بيته الصافي .. بل تشوهت كل معالمه في ظل كهوف الطمع والشك المُضني ..
لكن رغم كل ذلك فشعبنا الصامد لن يدع لأي من العابثين أن يسجل في التاريخ أنه كان من المعبرين عن الآمال والأهداف ..مهما بلغت ذروة الأحلام الخلاّبية.. وبات استخدام الدين في السياسة للتأثير والخضوع بالجهل المعرفي والثقافي وافتعال الأزمات حقبة منسية.. وتكشفت كل الحقائق ..
ولكن نحن نحتاج اليوم إلى المخلصين من أبناء سورية الحبيبة الذين يعرفون الحلال والحرام ويخافون الله.. وقضاء عادلاً لا يترك صغيرة ولا كبيرة ..لا أن يوكّل الأمر لغير أهله فيصبح الخائن حارساً على الوطن.. والشرفاء ما بين موتى وسجناء ..
نحتاج أن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب.. فظهور الكثير من علماء وشيوخ خدعوا الناس بعلمهم وبلحاهم وهم يوالون الباطل وأهله , ويبررون فجورهم .. ولا يمكن أن ننسى حاجتنا لتواجد الإعلام الموضوعي الصادق دوما ..وباختصار نحتاج أن نكون يدا واحدة .. من جيش وقضاة وأطباء وموظفين وغيرهم على جبهة واحدة وخط واحد ..
وباحترام واحد منصف معنويا أولا وماديا ثانيا بإمكانه أن يبقي الجميع في وطن ضحى ومازال يضحي أبناؤه وبكل اخلاص وشرف .. ليكون الجميع في منأى عن الخراب .