الصناعات الحرفية التراثية واقع مؤلم ,حرف متنوعة, فنون مختلفة تفتقر التنظيم والدعم لماذا? ويبقى هذا السؤال برسم الجهات المعنية?
من المعروف أن أصول الصناعات الحرفية التقليدية يعود إلى أقدم العصور ويصعب في كل الأحوال النظر إلى جذورها العميقة في بنية المجتمعات الإنسانية وتحديد ظروف نشأتها ومواطنها الأساسية, فقد يكون البعض منها ملازماً لمقومات العيش واستمرارية الحياة والتكيف مع أحوال الطبيعة ومن المعروف أن الحرف تعود إلى مصادر عدة ويعبر انتشارها وتطورها أصدق تعبير عن تراكم المعارف وتوارثها وعن تفاعل الحضارات الكبرى وانفتاحها ويمكن القول إن ما يحوزه أي مجتمع محلي من تلك الحرف هو في الغالب ميراث الأجيال.
ونحن نعلم أن الصناعات الحرفية التراثية السورية غنية ومتنوعة منها على سبيل المثال لا يحصر ( النحاس المطعم بالفضة, الموزاييك, حرفة الصدف والحفر على الخشب, الخيط العربي- العجمي, حرفة الأغباني, البروكار, الدامسكو, صناعة السيوف الدمشقية, صياغة الفضة) وغيرها.
لكن هذه الحرف في طريقها إلى الزوال والاندثار لأسباب عدة منها عدم وجود تنظيم حرفي قوي يدعم هذه الصناعات ويقدم الخبرة المناسبة والمادة الأولية ويقوم بمراقبة هذه الصناعات من حيث الجودة وعدم وجود جهات مهتمة بشكل جاد بنشاط المبدعين من الحرفيين ورعايتهم وتقديم المساعدة المالية لهم لتفعيل قدراتهم الإبداعية.
كما أنه لا توجد أسواق تخصصية لعرض الإبداعات الحرفية تتناسب مع أساليب التسويق الحديثة سوى سوق المهن اليدوية الذي تشرف عليه وزارة السياحة وللأسف يفتقر هذا السوق للثراء الإبداعي الحرفي, لأن معظم المعروضات الموجودة في هذا السوق في أغلبها من بيئات مختلفة غير سورية,وعلى وزارة السياحة إعادة النظر في طريقة توزيع هذه المقاسم على الحرفيين بما يتناسب مع واقع الحرف المختلفة السورية الموجودة في دمشق وغيرها.
ولا يوجد تنسيق حكومي جاد في طريقة إظهار الإبداعات الحرفية السورية في الأسواق الدولية المختلفة الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في طريقة انتقاء هذه المعروضات والتنسيق بين الجهات الآتية.
مؤسسة المعارض كونها الجهة التي تقوم بالمشاركة في الفعاليات الاقتصادية الدولية.
والاتحاد العام للجمعيات الحرفية كونه الراعي الأساسي لهذه الحرف ووزارة السياحة كون هذه المنتجات الحرفية تندرج تحت إطار المنتج السياحي ووزارة الثقافة كون هذه المنتجات ذات طابع تراثي.
عدم وجود مشاريع وخطط مستقبلية لدعم هذه الصناعات التراثية والافتقار لوجود مراكز تدريب حرفية متطورة لدى الاتحاد العام للجمعيات الحرفية لتدريب الكوادر الحرفية.
عدم وجود قوانين وتشريعات داعمة لهذا القطاع والعاملين فيه في ظل التقدم التكنولوجي السريع وبداية انهيار وانحسار النظام التعاوني الهش الذي لا يقوم على ركائز فنية وتحويل المدن في الشرق الأدنى, وبلدان العالم الثالث إلى أسواق استهلاكية للسلع والبضائع الأجنبية وتراجع القطاع الحرفي وانحسار مشاغله وقلة عدد العاملين في مجالاته لعدم التكافؤ في الإمكانات والوسائل وأصبحت مجمل الحرف التقليدية في طور التهميش.
هذا الوضع أدى إلى ضعف العلاقة بين الحرفي وتنظيمه والحرفي وحرفته وانتشرت ظواهر العزوف عن هذه الحرفة إلى مواكبة المهن المعاصرة والانقطاع عن الماضي والنفور من حرفة الآباء, إن الحرف التراثية أو التقليدية بالمفهوم الدارج جزء من التراث الشعبي المادي وجانب من الذاكرة الثقافية الجماعية ومجال لا يزال صالحاً للتطوير والاستثمار الاقتصادي وتحسين أوضاع الناس وذلك يتطلب اهتماماً واسعاً بهذا القطاع ومستقبله وهذا الاهتمام يجب أن يرتكز على:
إعادة النظر في واقع الهيكلية التنظيمية للتنظيم الحرفي من حيث الأدوات والأفكار وآلية العمل وإيجاد استراتيجية جديدة وكوادر فنية مؤهلة تسهم وتشارك وفي بناء الاقتصاد الوطني بما ينسجم مع التطورات العلمية التكنولوجية الحديثة وزيادة المردود المالي والدعم الحكومي للعائلات والمشاغل التي تعمل في القطاع الحرفي وتنمية الحرف المنزلية.
اعتبار هذه الصناعات, صناعات تسهم في تفعيل السياحة الوطنية وزيادة الدخل القومي.
والنظر إلى مستقبل الإبداع الحرفي وأثره على الأجيال المتعاقبة.
إمكان تطوير هذه الحرف والنهوض بمستقبلها من وجهة نظر حديثة مع الحفاظ على أصولها التراثية, لأن الحرف تنطوي على خصائص جمالية تراثية تسمح بدعمها لأهداف فنية.
أخيراً: إن الحرفة هي إنتاج تحويلي فردي تقليدي يدوي إبداعي يتفاعل مع البيئة المحلية ويعبر عنها ويستخدم الخامات الموجودة فيها وينطوي عادة على أبعاد تتداخل فيها العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتراثية والفنية وعلينا جميعاً أن نتعاون للحفاظ على هذه الصناعات الحرفية الإبداعية وتقديم سائر أشكال الدعم لها لأنها تشكل مخزوناً اقتصادياً تراثياً ابداعياً وهوية وطنية قومية نعتز بها.