كما بدأت وكالة الطاقة الدولية بتزويد الأسواق ب 800 ألف برميل يومياً من المشتقات النفطية وأغلبها من البنزين بعد أن أخرج الإعصار كاترينا معظم مصافي التكرير الأميركية على خليج المكسيك.
ومع بدء العودة التدريجية لتسع مصاف للنفط إلى العمل عرضت الحكومة الأميركية 30 مليون برميل من احتياطياتها النفطية من مخزونات الطوارىء,وتشكل هذه الكمية نصف الكميات التي أعلنت وكالة الطاقة الدولية إدخالها السوق من مخزونات الطوارىء في الدول الصناعية.
وهذه هي المرة الأولى التي تقر فيها وكالة الطاقة الدولية السحب من الاحتياطيات الاستراتيجية منذ أربعة عشر عاماً.
كما بدأت ألمانيا بفتح الباب أمام مبيعات النفط من احتياطياتها الاستراتيجية,وينتظر أن تبدأ عمليات تسليم المشتقات النفطية خلال هذا الشهر في الوقت الذي يشكك التجار الأوروبيون في إمكانية وصول هذه المشتقات النفطية المكررة إلى السوق الأميركية نتيجة النقص الكبير في عدد الناقلات المطلوبة لأكبر عملية تزويد بالوقود عبر الأطلسي.
وقال المتحدث باسم هيئة الاحتياطيات النفطية الألمانية (أي بي في) أن ألمانيا ستبيع 300 ألف طن من البنزين,و145 ألف طن من وقود الديزل (المازوت) من احتياطياتها النفطية الاستراتيجية.
وبين المتحدث الألماني أن معظم البنزين المطروح سيكون من النوعية الممتازة وفقاً لمواصفة أوروبا ,2005وهناك كمية صغيرة من النوعية الأقل ستباع أيضاً,علماً أن مواصفات المشتقات النفطية الأوروبية هي أعلى بكثير من المواصفة الأميركية.
وبينت وزارة الاقتصاد الألمانية بداية الاسبوع أنها ستبيع 474 ألف طن من النفط الخام والمنتجات النفطية من احتياطيات النفط الاستراتيجي بموجب خطة وكالة الطاقة الدولية وتدعمها الولايات المتحدة بهدف المساعدة في تهدئة أسعار النفط.
هبوط مؤقت للأسعار
بدأت صناعة النفط الأميركية التعافي من الآثار المدمرة لإعصار كاترينا,ونتيجة التدخل المباشر للدول الصناعية التي فتحت خزاناتها من الاحتياطيات الاستراتيجية للتعويض عن النقص المتوقع في المعروض من المشتقات النفطية,أظهرت مؤشرات السوق النفطية هبوطاً في أسعار العقود الآجلة للنفط الخام,وتراجعت الأسعار أكثر من خمسة دولارات في كل برميل أي ما يوازي سبعة في المئة من المستوى القياسي المرتفع الذي بلغه سعر البرميل إذ سجل 70,85 دولاراً نتيجة المخاوف من نقص إمدادات الوقود في الولايات المتحدة.
المضاربات المالية
ومن جانب آخر تحيط مشاعر القلق من أسعار النفط المرتفعة بإدارات الشركات الاقتصادية الكبرى الألمانية ما حدا بالمستشار الألماني جيرهارد شرويدر إلى القول أمام مجلس النواب الألماني إن سعر النفط المرتفع يرجع في جانب منه فقط إلى انخفاض الإنتاج,وفي جانب صغير للغاية إلى الطلب في السوق,وأضاف أن السعر المرتفع للنفط ينطوي على ما بين 20-30 دولاراً من المضاربة الخالصة.
وترى معاهدة الأبحاث الاقتصادية الألمانية أن إعصار كاترينا لم يؤثر فقط على ارتفاع أسعار النفط بل امتدت آثاره لتشمل الغاز الذي ارتفعت أسعاره أيضاً.
ويتوقع الاقتصاديون الألمان أن الآثار المترتبة على الاقتصاد المحلي محدودة حتى الآن,وأن التأثيرات الحقيقية ستظهر للعيان بعد عام من الآن,وهذا نتيجة للمخزونات التي كونتها الدول والتعاقدات التي أبرمت في وقت سابق عندما كانت الأسعار أقل مما هي عليه الآن.
قلق أوروبي
عبر المفوض الأوروبي لشؤون الطاقة أندريس بيبغلاس عن قلق أوروبي كبير من مستويات الأسعار النفطية غير المسبوقة التي جاءت نتيجة تأثيرات إعصار كاترينا,والوضع في الشرق الأوسط وارتفاع الطلب على الطاقة والتأثيرات الكبيرة لنشاط المضاربين الماليين في مجال التجارة النفطية.
وأكد المفوض الأوروبي أن أسعار النفط المرتفعة وصلت حداً يقيد استئناف النمو الاقتصادي في أوروبا,ويؤثر في القطاعات الشعبية ذات الدخل المتوسط والمتدني بخاصة مع اقتراب فصل الشتاء.
وأعلن المفوض الأوروبي خطة أوروبية تهدف إلى تعزيز حوافز الطاقة وشفافية الأسواق ترتكز على خمس نقاط أولها التشجيع على سياسات ضغط استهلاك الطاقة وثانيها زيادة حصة موارد الطاقة البديلة في الاستهلاك,وتعزيز شفافية السوق والتحليلات والتوقعات في مجال الطاقة,ورابعها تعزيز أمن التزود بالنفط والوقود,وخامس عناصر الخطة الرد المناسب في الأوضاع الطارئة وآليات استخدام الاحتياطيات الاستراتيجية.
ولم تتطرق الخطة إلى خفض الضرائب الكبيرة التي تفرضها الحكومات الأوروبية التي تجني أرباحاً في الوقت الذي بدأت فيه بعض قطاعات الاقتصاد الأوروبي التحرك للضغط على الحكومات من أجل خفض ضرائبها المرتفعة على المحروقات,نظراً لزيادة كلفة المنتجات الصناعية الأوروبية نتيجة ارتفاع أسعار النفط وارتفاع كلفة العبء الضريبي الهائل الذي تفرضه الحكومات الأوروبية منذ ارتفاع أسعار النفط عام .1973
السياسات الأميركية وراء الأسعار المرتفعة
شهدت أسعار النفط ارتفاعات متتالية منذ بدء التحضيرات الأميركية لعملية احتلال العراق وكانت الأسعار تقارب 25 دولاراً للبرميل في شهر كانون الثاني عام ,2002ارتفعت إلى 65 دولاراً للبرميل وسط استمرار السياسات الأميركية في العراق,واتجاه فنزويلا في إلهاب أسعار النفط وكان للسياسات الأميركية المثيرة للجدل تجاه الإعصار كاترينا أثرها الكبير في ارتفاع أسعار النفط إلى المستوى التاريخي الذي وصلته لحظة ضرب الإعصار كاترينا الولايات المتحدة السوداء المهملة بشكل مرعب,وتثير تذمرات الإدارة الأميركية بشأن ارتفاع أسعار النفط قبل وصول الإعصار شواطىء الولايات المتحدة,وصمتها المريب في أعقابه إلى أن إدارة الرئىس بوش لم تكن تعير هذه الولايات الفقيرة الاهتمام اللازم,علماً أن تحذيرات مراكز التنبؤ بالأعاصير كانت قد حذرت قبل فترة طويلة من أن عاصفة من الدرجة الرابعة مصحوبة برياح تقارب سرعتها 224 كيلو متراً في الساعة,ستدمر أرصفة الموانىء المحيطة بمدينة أورليانز الواقعة على الشاطىء الشرقي للأطلسي,وأن المدينة التي تنخفض عن سطح البحر في بعض النقاط 61 متراً ستغرقها مياه المسيسبي التي أغرقت المدينة.
فيما كانت إدارة البيت الأبيض غارقة في ترتيب لقاء بين وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس ومستشار الأمن القومي الأميركي ستيفن هادلي,وموفد الأمم المتحدة لتطبيق القرار 1559 تيري رود لارسن لمناقشة مسألة نزع سلاح المقاومة الوطنية اللبنانية التي ارتكبت جرم تحرير أرضها من الاحتلال الإسرائيلي,وتناست إدارة الرئيس بوش أبناء شعبها الذين لم يجدوا وسيلة للهروب من وجه الإعصار الكارثة,بينما تشغل سماء العالم أساطيل الطائرات الأميركية التي توزع الموت على العراقيين تحت راية تسويق الديمقراطية الأميركية.