ولكن هل معنى ذلك أن الصداع شكوى وهمية بلا أساس?وهل من حقنا أن نطلق على المصاب بالصداع النفسي صفة الكذب أو الخداع أو التمارض?,وكيف نعالج صداعاً لا نعرف أسبابه?
وقبل البحث عن ماهية هذه الأسباب استطلعنا بعض النماذج لمثل هكذا حالات..
الآنسة (س,ف)40 سنة عازبة تشكو منذ عدة سنوات من صداع معند على كافة المسكنات وراجعت العديد من أطباء الداخلية والعصبية دون أي تطور جيد حتى نصحها أحد الأطباء بمراجعة طبيب نفسي..
تبين بقصة المريضة أن صداعها بدأ إثر صدمة عاطفية منذ سنوات عدة, واستمر طوال هذه المدة وخاصة أن الشاب الذي أحبته قد تزوج وبدأ حياة جديدة,وهي كلما فكرت في الموضوع أو رأته مع عائلته كونه يسكن في نفس المنطقة تصاب بصداع شديد قد يستمر طوال اليوم و يستمر حتى تنام ليلاً.
السيد (م-ع) 36 سنة متزوج يشكو آلاماً معممة في كافة أنحاء جسده بطنية وعقلية وعضلية وصداع دائم.بالاستجواب النفسي تبين أن لديه حالة اكتئابية شديدة لا يريد الاعتراف بها وتظهر بالتالي على شكل شكاوى عضوية .
وفي تعليق على هاتين الحالتين يقول د.ثائر حيدر مدرس الطب النفسي في كلية الطب جامعة دمشق:إذا أصيب الإنسان بصداع وأجريت له جميع الاستقصاءات اللازمة ولم يظهر أي سبب عضوي فيمكن القول :إن هذا الصداع نفسي المنشأ.
ولا يعرف هذا الشخص أن منشأه نفسي لا هو ولا المحيطون به, وينفق أمواله ووقته في إجراء الفحوصات ومراجعة الأطباء ,ويظن أهله وأقاربه أنه يتصنع أو يبالغ لكنه في الواقع يشكو ألماً حقيقياً.وليس بشخص متمارض أو أنه يكذب.
ما دلالات هذا النوع من الصداعات?
-قد يكون الصداع أحد أعراض الاضطراب التحويلي بمعنى تحويل المريض معاناته النفسية إلى أعراض جسدية من دون قصد أو وعي منه.وتتظاهر هذه الأعراض إما بشكل آلام في مناطق مختلفة ومن ضمنها الرأس أو بشكل ضعف عضلي أو غيرها.
وقد يكون الصداع دلالة على اكتئاب مقنّع,أي أن يظهر الاكتئاب بشكل أعراض جسدية بدل النفسية المعروفة كالحزن وفقد المتعة.
-وقد يكون الصداع اضطرابات في النوم حيث لا يحصل الشخص على كفايته من النوم الجيد العميق ليلاً لأسباب مختلفة فيصاب بالصداع صباح اليوم التالي.
-وهناك ما يسمى الصداع التوتري الذي يتحرض بالشدات النفسية ويصيب غالباً الناحية القفوية للرأس.
-وهناك الصداع عند مرضى توهم المرض الذين يبقون مقتنعين بأنهم مصابون بآفة عضوية رغم كل الطمأنات والاستقصاءات التي تجرى لهم.
نعالج صداعاً لا نعرف أسبابه:
إجمالاً لا يمكن أن يترافق الصداع نفسي المنشأ مع كل الأمراض النفسية كحالات القلق المعمم والهلع والوسواس القهري واضطرابات المزاج واضطرابات الشخصية وحالات الادمان وصولاً للأمراض الذهنية الشديدة وتعود للطبيب النفسي القدرة على تشخيص السبب الكامن وراء الصداع النفسي وتقديم العلاج الدوائي أو النفسي المناسب لحالة كل مريض على حده.