تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حضارة الطين دمرت التوازن الطبيعي للإنسان

مجتمع
الأحد 27/4/2008
ميساء الجردي

تتكاثف صيحات الاستغاثة وترتفع النداءات من جهات مختلفة لايقاظ الضمير البيئي ونشر الوعي لدى الأفراد ككل, ولأن الجميع شركاء في الصحة,

فالمطلوب أن يمتلك الجميع قدراً من المعرفة حول طرق وأهمية الحفاظ على البيئة وعلاقتهم الصحيحة معها.‏

ويظهر لنا الدكتور محمد خير الطرشان خلال الندوة الشهرية السادسة والخمسين التي أقامتها المستشارية الثقافية الإيرانية بالتعاون مع جمعية أصدقاء البيئة في دمشق ( الاسلام وثقافة الحفاظ على البيئة): كيف أن الإنسان يعيش في عالمين, عالم فيه النظم الاجتماعية والمنتجات والحوائج, وعالم فيه الهواء والماء والنبات والحيوان وأن جهل الإنسان بمفهوم البيئة وقلة العناية بها يجعلنا نحدد أنواعاً للتلوث منها ملوثات طبيعية مثل :الجراثيم والحشرات الضارة والميكروبات ومنها الملوثات الصناعية الناتجة عن عبث الإنسان بالبيئة, لكن أكثر أنواع ا لملوثات قهراً للإنسان هو التلوث الناشىء عن الصخب والضجيج الصادر من المصانع, وأصوات الزمامير والسيارات وورش العمل والذي يسمى ( التلوث المعنوي).‏

ومن هنا ينطلق في حديثه ليؤكد على ضرورة ثقافة الحفاظ على البيئة وتحريم إفسادها والعناية بالمكونات الطبيعية التي سخرها الله لخدمة الإنسان, قال تعالى:( ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات ومافي الأرض).‏

كما أقر التشريع الإسلامي كثيراً من المبادىء التي تحمي البيئة كالعدل والمساواة والصدق ومحاربة الظلم والفقر والتبذير والإسراف ( بمعنى أنه أحيا الضمير البيئي) في وجدان الإنسان من خلال شعوره بالمسؤولية الملقاة على عاتقه تجاه الطبيعة, وقد وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم دلت على تحريم الفساد في الأرض من معصية وجور وانتهاك الإنسان لحقوق أخيه الإنسان الذي هو انتهاك لحقوق البيئة بصيغة أخرى, قال تعالى:( وإذا تولى سعى في الأرض, ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لايحب الفساد).‏

أبغض الملوثات‏

وحيث إن أسباب الفساد في البيئة مرتبطة أساساً بأهواء البشر يشير الدكتور محمد خير إلى مشكلات التلوث ومنها تلوث الهواء الذي يعتبر من أكبر المشكلات التي تواجه المجتمعات المعاصرة, ثم مشكلة ثقب الأوزون الذي يسمح بوصول الاشعاعات والغازات السامة إلى الأرض, أما الماء فقد ارتبطت الحياة به, فكان من أوائل الموضوعات التي اهتم بها ا لعلماء والمختصون في مجال حماية البيئة, فإن تدنيس مجاري الماء ومصادرها يجعل الحياة غير صالحة للإنسان ولجميع الكائنات الحية, في حين نجد أن التلوث الصوتي أوالضجيجي هو من الملوثات البغيضة التي تؤذي السمع وهناك أصوات قاتلة مثل أصوات القنابل والانفجارات الهائلة.‏

والحاجة للتوعية السكانية‏

ويقول: هناك وسائل كثيرة للحفاظ على السلامة البيئية منها النهي عن الإسراف في استخدام مكونات البيئة والمحافظة على النعم لأنها إذا انقطعت قلما تعود ونلاحظ أن الاسلام جعل من المبذرين اخوان الشياطين, ثم النهي عن تغيير طبيعة مكونات البيئة حيث نرى اليوم التصحر والجفاف والتلوث الذي يهدد الاتزان البيئي الناتج عن التصرف اللا واعي لهذه المكونات.‏

تشكل الطهارة والنظافة في البدن والملبس والمكان والماء عوامل ذاتية ينطلق منها كل إنسان من ذاته لنحصل بالنهاية على بيئة نظيفة, وعليه فقد كانت أهم التوصيات في هذا البحث وهي مطلب حقيقي اليوم أكثر من أي وقت مضى, التوعية السكانية لمخاطر التزايد السكاني السريع, وتحديد وتحقيق التوازن بين التنمية والسكان, والاهتمام بالزراعات الغذائية, ومنع الزحف السكاني إلى المناطق الزراعية.‏

من صنع الإنسان‏

من جانبه يعرف الدكتور شبلي الشامي رئيس قسم البيئة من جامعة دمشق التلوث بأنه كل تغير يزيد عن طاقة الكرة الحية على الاستيعاب فينتج عنه أضراراً بحياة المكونات الحية, أي خللاً بالتوازن البيئي, مشيراً إلى نوعين من مصادر التلوث وهما المصادرالطبيعية والمصادر الصناعية وهي التي يتم التركيز عليها لأنها من صنع الإنسان موضحاً الأضرار الناتجة عن كل نوع من هذه الملوثات فمثلاً تقدم التصنيع وتزايد استهلاك الطاقة والمعادن وآليات النقل يزيد من الغازات السامة التي تسبب المطر الحمضي وتغيراً في المناخ, وتلوث المياه وتوزيعها غير العادل على المناطق, ودور الاستهلاك الفردي للمياه يلحق الضرر بالحياة النباتية والحيوانية, وملوثات المياه تسبب تدهوراً في التوازن البيئي وانتشار الأمراض ومن أشهر هذه الملوثات( الملوثات الآزوتية والفوسفورية) التي تسبب ظاهرة ( الاثراء الغذائي) ثم مركبات المعادن التي تسبب السرطانات والهلوسة, أما تلوث الضجيج فيسبب مضايقات للسمع ويثير الأعصاب( الصداع, التوتر, الإرهاق, وضغط الدم, والقرحة بأنواعها, , أما التلوث بالنشاط الإشعاعي فهو يسبب سرطانات دموية وجلدية وعظمية وغدية, كما يحدث تشوهات خلقية في الأجنة.‏

التلوث الفكري‏

ويقول نجد أنفسنا اليوم أمام تلوث في الغذاء والشراب منه ماهو جرثومي ممرض أو كيمائي سام, فالشراب الفاسد والأغذية الملوثة تسبب الزحار في الأمعاء, وأحياناً التهاب المفاصل, وأما الديدان الناتجة عن هذه الملوثات فتسبب ارباكاً هضمياً ينتهي بالهستريا, وغالباً مايشيع انتشار الملوثات بالسموم في المصادر الغذائية كالأسماك, والنباتات التي تحتوي على سموم بشكل طبيعي, أغذية ملوثة بكيميائيات تضاف أثناء التعليب, المنكهات في المشروبات الصناعية الخ..‏

ثم ينتقل الدكتور الشامي للحديث عن مظاهر التلوث الفكري وارتكاساته البعيدة على البيئة الإنسانية وهو هنا يؤكد أن التوازن البيئي يؤمن التوازن النفسي عند الناس والحضاري الذي يؤمن للناس الاتزان في كافة تصرفاتهم وشؤون معاشهم, فالحرب والتفكير فيها نوع من التلوث الفكري اللا نساني, وانتشار البغضاء والميل لاستخدام العنف الذي يلحق الأذى بالقاسم المشترك بين الشعوب وهوتلوث فكري واستخدام الأسلحة الجرثومية والنووية وترويج المخدرات والمهدئات كلها ملوثات تزيد من نسبة الهموم والقلق والحيرة والتوتر العصبي والجسماني للإنسان.‏

وهو أيضاً يطالب الإنسان بالعودة إلى الطبيعة ومحاولة بناء علاقة جديدة بينه وبين الطبيعة للتخفيف من حدة المشكلات البيئية الكبرى التي كلها ترتبط بالإنسان من ناحية غذائه وحياته.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية